استفحل الیوم جنون الثروة أکثر ممّا مضى دون أن یحسبوا ویسألوا أنفسهم ما الهدف الأصلی وفلسفة هذه الثروة؟ أوَلا یدرک أولئک الذین یجمعون الثروة بشکل جنونی دون أدنى اکتراث لسبل جمعها من حیث الحلال والحرام والظلم والعدالة، أنّهم لا یستطیعون حمل کل هذه الثروة معهم إلى قبورهم؟! أوَلا یعتقدون بأنّ جمع کل هذه الثروة ووداعها وبقاء مسؤولیتها لیس بعمل عقلائی؟(1) لعل التفکیر والتمعن فی مضمون هذه الروایة یمکنه أن یغیر مسار حیاة الجمیع ولا سیما الأغنیاء والأثریاء. انتبه لهذه القصة: دُعی ثری لضیافة، ولما انطلق نحو المکان برفقة غلامه، وکان الغلام یحمل بیده سراجاً لإضاءة الظلمة، کان یتحرک خلفه عامداً. فسأله الثری: ما فائدة السراج الذی یُضیء خلفی؟ تقدم لأستفید من سراجک. قال الغلام الذی کان یعرف بذکائه وعلمه بوقائع الأمور ضمن تأییده لما ذکره:
سیدی اشاطرک هذه العقیدة فالخیرات والمبرات التی تحصل بعد موت الإنسان کهذا السراج خلفک لیست لها من آثار تذکر، ولابدّ من سراج فی الأمام لعالم الآخرة. أخذ هذا الکلام مأخذه من الثری والذی قاله ذلک الغلام وفی ذلک الوقت المناسب بحیث أوقف أغلب أملاکه للأمور الخیریة، حتى قیل إنّ موقوفاته فی مشهد تأتی بعد موقوفات مرقد الإمام الرضا(علیه السلام).