لو تأملنا علل ازدیاد الإنتهاکات والسرقات والرشوات والتطفیف فی مختلف أشکاله وکذلک السعی الحثیث والحریص لأکثر الناس، لرأینا للعنصرین المذکورین أعمق الأثر فی هذه الحوادث. فالبعض بامتلاکه لکل شی یمارس کل مخالفة خشیة الفقر (إنتبه، خشیة الفقر لاالفقر الواقعی) أو حسب قولهم: ضمان المستقبل. والبعض الآخر یضحی یهدوء حیاته وروحه لنیل بعض المفاخر الموهومة، والحال لو تخلّوا عن هاتین الصفتین القبیحتین لعاشوا حیاة وادعة آمنة(1).
والعبارة «أهلک الناس» ربّما إشارة إلى الهلکة المعنویة والبعد عن الله والانغماس فی الذنوب، کما یمکن أن تکون إشارة إلى الهلکة الظاهریة والجسمیة أو ما یصطلح علیها بالفیزیائیة، ذلک لأنّ خوف الفقر وطلب الفخر الموهوم یضطر الإنسان لأعمال خطیرة بحیث یحمل أحیاناً نفسه على راحته. أضف إلى ذلک فإنّ خوف الفقر وطلب الفخر عنصران یشلاّن الأعصاب یضغطان علیها دائماً ویسلبانه أمنه کالحسد الذی یأکله من الداخل ویسلمه للموت المبکر. ولا یبعد الجمع بین التفسیرین المذکورین.