یقع عادةً فی أکثر الحروب عددٌ من الأسرى، وذلک لحصول ظروف قاهرة فی أثناء الحرب لم یَعْد بإمکان المقاتلین الاستمرار بالقتال أو التّراجع إلى الخلف، کأن تنفذ معداتهم أو ینفذ طعامهم أو یحاصروا من قبل القوات المعادیة، حتّى یصبح القتال بالنّسبة لهم نوعاً من الإنتحار، ولذا یضطرون إلى التّسلیم.

والعقل والمنطق یحکمان بعدم جواز قتل هؤلاء، بل ینقلوا إلى الخطوط الخلفیة للجبهات، ویحبسون فی أماکن محروسة، إلى حین الاستفادة منهم فی تبادل الأسرى، أو الاستفادة منهم فی ممارسة الضّغط على العدو والحرب النّفسیة لإجباره على الکفِّ عن الاستمرار بالقتال أو کسب امتیازات معینة حین الصّلح.

والأهم من هذا کله، فإن إراقة الدّماء تحتاج إلى مسوغ ومبرر، وفی حالة استسلام العدو لا یبقى وجه لذلک.

ولذا فإنّ مسألة وقوع الأسرى فی الحروب أمرٌ عادیّ وکذلک الحال فی الإسلام، ونلاحظ أنّ الإسلام قد شرّع أحکاماً عدیدة ومهمّة بالنسبة للاسرى، ینبغی على الحکومة الإسلامیّة العمل بها وتطبیقها مع الاسرى الذین یقعون فی حوزتها.

وبعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن لنرى أحکام أسرى الحرب من وجهة نظره:

1 ـ (فَإِذَا لَقِیتُمُ الَّذِینَ کَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا اَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإمَّا فِدَاءً).   (محمّد / 4)

2 ـ (مَا کَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ یَکُونَ لَهُ اَسْرَى حَتّى یُثْخِنَ فِى الاَرْضِ تُرِیدُونَ عَرَضَ الدُّنْیَا وَاللهُ یُرِیدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ).   (الأنفال / 67)

3 ـ (یَا اَیُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لِّمَنْ فِى اَیْدِیکُمْ مِّنَ الأَسْرَى إِنْ یَعْلَمِ اللهُ فِى قُلُوبِکُمْ خَیْراً یُؤْتِکُمْ خَیْراً مِّمّا اُخِذَ مِنْکُمْ وَیَغْفِرْ لَکُم وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِیمٌ).   (الأنفال / 70)