أهداف الحکومة الإسلامیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
ضرورة الحکومة فی التصور العقلی:أنواع الحکومات

بناءً على ماورد فی البحث المتقدّم حول ضرورة وجود الحکومة اتضحت أیضاً أهداف الحکومة الإسلامیة بشکل اجمالی، ولمزید من التوضیح نشیر ادناه إلى بعض الآیات الشریفة:

1 ـ نقرأ فی قوله تعالى: (الَّذِینَ اِنْ مَّکَّنَّاهُم فِى الأَرضِ اَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّکَاةَ وَأمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنکَرِ).   (الحجّ / 41)

اِنَّ تعبیر (مَکَّنَّاهُم فِى الأَرضِ) یُشیر إلى القدرة المعطاة للمؤمنین فی الأرض، لکن هذا التعبیر نفسه قد استُخْدِمَ مراراً فی القرآن الکریم معبّراً عن قدرة الحکم، کما نطالع فی آیتین من سورة یوسف: (وَکَذَلِکَ مَکَّنَّا لِیُوسُفَ فِى الأَرضِ).   (یوسف / 56) وفیما یخصّ ذا القرنین تقول الآیة: (اِنَّا مَکَّنَّا لَهُ فِى الأَرضِ وَآتَینَاهُ مِن کُلِّ شَىء سَبَباً). (الکهف / 84)

وطبقاً لما تعنیه الآیة الشریفة الاُولى فإنّ المعنى یکون هکذا: إنَّ أولیاء الله إن اُعطُوا زمام الاُمور والحکم فإنّهم سیقیمون الصلوة، وهی من جهة، مظهر فی مظاهر التقرّب والوصول إلى الله تعالى، ومن جهة اُخرى، فإنّهم سیعبّدون الطریق المؤدی إلى العدالة الاجتماعیة، وأبرز مظاهر هذا الطریق أداء الزکاة، بالاضافة إلى ذلک فإنّهم سیعملون على اشاعة الفضائل الإنسانیة والقضاء على المنکرات بواسطة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر فی المجتمع بأبعادهِ المختلفة.

على هذا، فلو افترضنا أنّ کلمة (مکنّا) تعنی أیَّ نوع من القدرة سیتمّ معنى الآیة ضمن التعبیر الذی قلناه سابقاً، ذلک أنّ الحکومة هی أبرز اُنموذج للقدرة.

وقد ذکر العلاّمة الطباطبائی فی ذیل هذه الآیة فهل یمکن الوصول إلى هذه القدرة من دون استلام الحکم(1)؟

وقد ورد هذا المعنى فی تفسیر القرطبی بشکل أوضح حیث یفسّر جملة (الَّذِینَ إِنْ مَکَّنَّاهُمْ فِی الأَرْضِ)بالاُمراء وأصحاب الحکومة(2).

وطبیعی أنّ الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر المذکور فی هذه الآیة وکما ورد ذلک فی مختلف البحوث الفقهیة، یلزم لتنفیذه مراحل عِدّة، واِحدى هذه المراحل یختصّ بالحکومة وتشکیلها.

2 ـ ورد فی القرآن الکریم ما یتعلّق بحکومة الصالحین حیث تقول الآیة: (وَعَدَ اللهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنکُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُم فِى الأَرضِ کَمَا استَخلَفَ الَّذِینَ مِن قَبلِهِم وَلَـیُمَکِنَنَّ لَهُم دِیِنَهُمُ الَّذِى ارتَضَى لَهُم وَلَیُبدِّ لَنَّهُم مِّن بَعدِ خَوفِهِم أمناً یَعبُدُونَنِى لاَ یُشرِکُونَ بِى شَیئاً).   (النور / 55)

وفی هذه الآیة وبعد أن وعد الله المؤمنین الصالحین باستخلافهم وتسلیمهم مقالید الحکم، عقَّب قوله ببعض العبارات وهی فی الواقع أهداف هذه الحکومة، أوّلها: التمکین والقدرة للدین الإلهی وتحکّمه على المجتمع، والاُخرى: إزالة حالة اللاأمن وتبدیله إلى الأمن والاستقرار الاجتماعی الکامل والعبادات الخالیة من کل أنواع الشّرک، وعلى هذا فإنَّ أهداف الحکومة طبقاً لذلک هی کما یلی:

1 ـ سیادة الدّین والقوانین الإلهیّة على کلّ المجتمع.

2 ـ نشر الأمن والاستقرار الکاملین فی کلّ مکان.

3 ـ إخلاص العبادة لله وحده وإزالة کلّ آثار الشرک والوثنیة.

والواقع أنّ الهدف الأصلی لکلّ ذلک هو کمال الإنسان والسیّر نحو الله سبحانه، وأنّ الأمن والاستقرار وتحکیم القوانین الإلهیّة إنّما هی مقدمة للوصول إلى ذلک.

 

3 ـ ونقرأ خطاب الله لنبیّه داود(علیه السلام): (یَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلنَاکَ خَلِیفةً فِى الأَرْضِ فَاحْکُم بَینَ النَّاسِ بِالحَقِّ).   (ص / 26)

وتبیّن هذه الآیة بوضوح النتیجة المرجوّة للخلافة والحکومة فی الارض وهی احقاق الحقوق، أو ما یُعَرفُ بالحدّ من الاعتداء والتعدّی على حقوق الآخرین وأخذ حق الضعفاء والمحرومین من الأقویاء والمترفین.

وبدیهیٌّ أنّ هدف حکومة النبی داود(علیه السلام) وأنبیاء بنی اسرائیل الآخرین لم یکن هذا فحسب، بل إنّه أحد الأهداف لایّة حکومة فی ایّ مکان وزمان.

و صحیحٌ أنّ عبارة (الحکم) الواردة فی القرآن الکریم تعنی أغلبها (القضاء) ولکن وبعد ملاحظة أنّ الشطر الأول من الآیة یتحدّث عن الخلافة فی الأرض، یتّضح أنّ أیّ نوع من الحکم بالعدل مشمول فی مضمون الآیة ککل، مضافاً إلى ذلک فانَّ القضاء هو شأن آخر من شؤون الحکومة، وقد ورد ما یشبه هذا المعنى فی سورة النساء حیث یقول تعالى: (اِنَّ اللهَ یَأْمُرُکُم اَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَکَمَتُم بَینَ النَّاسِ اَنْ تَحکُمُوا بِالعَدلِ).(النساء / 58)

ولقد ورد فی روایات کثیرة فی تفسیر هذه الآیة صراحة أنّ المقصود من هذه الامانة هو مقام الولایة والتی یُؤدّیها کلُّ إمام إلى الإمام الذی یلیه، وإن کان المعنى العام لها یشمل باقی أنواع الأمانات کذلک،(1) وبالأخص ما ورد فی بعض الروایات من أنّ المخاطب فی الآیة هم الحکّام والاُمراء،(2) ویدلّ ذلک على أنّ المراد بالحکومة العادلة فی الآیة المذکورة لیس القضاء فحسب، بل یشمل کلّ نوع من أنواع الحکم العادل.

4 ـ إنّ جمیع الآیات والرّوایات التی تذکر هدف بعثة الأنبیاء على أنّه تعلیم وتربیة وتزکیة النفوس واقامة القسط بین الناس ورفع الأغلال وتحطیم القیود، فإنّها فی الواقع تبیّن أهداف تشکیل الحکومات الإلهیّة، لأنَّ هذه الحکومات هی مقدمة ووسیلة لضمان أهداف بعثة الأنبیاء، وعلى هذا یمکن تلخیص أهداف الحکومات الإلهیّة بالنقاط التالیة:

1 ـ تعلیم وتربیة أفراد المجتمع فی المجالات العلمیة والأخلاقیة.

2 ـ ضمان الحرّیات الإنسانیة، ورفض کل أنواع العبودیة واستعمار الإنسان لأخیه الإنسان سواءً فی المجالات الفکریة أو السیاسیة أو العسکریة أو الاقتصادیة.

3 ـ إقامة العدل والحقّ وضمان العدالة الاجتماعیة فی کلّ الطبقات الاجتماعیة.

4 ـ استتباب الأمن الاجتماعی بوصفه مقدمة للوصول إلى الأهداف الأخرى.

5 ـ ترکیز المبادیء الخاصة بالعبودیة لله والسّیر إلیه تعالى والکمال الإنسانی والوصول إلى منزلة القُرب من الله والتی هی غایة الغایات ومنتهى الرّغبات.

ونختم هذا البحث بکلام لأمیر المؤمنین علی(علیه السلام) والذی ورد فی أوّل عهده إلى مالک الأشتر، حیث یرسم له بوضوح أهداف الحکومة الإسلامیة اِذ یقول: (هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبدُ اللهِ عَلِىٌّ أَمِیرُ المُؤمِنِینَ، مَالِکَ بنَ الحَارِثِ الاَشْتَرَ فِی عَهدِهِ إِلَیهِ حِینَ وَلاَه مِصْرَ، جِبَایَةَ خَرَاجِهَا، وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ استِصلاَحَ اَهلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلاَدِهَا)(1).

وهکذا فإنّ عمارة البلاد واستصلاح أهلها وجهاد عدّوها وتعزیز بیت المال کلّ ذلک یعنی دعامة لانجاز تلک الاُمور، وهی أهداف هذه الحکومة، ولکن کما أشرنا سابقاً فإنّ هذه الأهداف هی بمثابة اُسس المرحلة الاُولى، أمّا الأهداف النهائیة والاصلیة فهی التعلیم والتربیة وتهذیب النفوس والسیر إلى الله سبحانه.

 


1. تفسیر المیزان، ج 14، ص 386.
2. تفسیر القرطبی، ج 7، ص 4465.
3. تفسیر نورالثقلین، ج1، ص495 و 496; تفسیر العیّاشی، ج1، ص249; بحار الأنوار، ج23، ص274 فمافوق.
4. تفسیر البرهان، ج 1، ص 380 (أنّه خاطب بها الحکام).
5. نهج البلاغة، الرسالة 53.
ضرورة الحکومة فی التصور العقلی:أنواع الحکومات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma