1 ـ فلسفة الحدود والتعزیرات فی الإسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
الحدود والتعزیرات فی الإسلام2 ـ معنى الحدِّ والتعزیر

لا شکّ فی أنّ تشریع الأحکام الإلهیّة إنّما هو من أجل دعوة الناس إلى القسط والعدل، وهدایة المجتمع إلى طرق الأمن والامان، لیتمکن الناس من کسب الفضائل والتخلص من الرذائل، والسیر إلى الله ومقام القرب الإلهی والذی هو أعلى مقصد للخلق.

ولما لم تکن الأحکام الإلهیّة بمفردها مؤثرة فی کل النفوس، کان من اللازم أن تقترن بالانذار والتبشیر من أجل خلق الدافع لدى الناس للتحرک باتجاه العمل بها.

ولمّا لم تکن الانذارات والبشارات الاُخرویة کافیة لردع بعض الناس من ارتکاب المخالفات وداعیة لقیامهم بالواجبات والوظائف الفردیة والاجتماعیة، کان من اللازم تعیین مجازات دنیویة لاولئک الذین یتجاوزون الحدود الإلهیّة المرسومة، ویسحقون الحق والعدالة باقدامهم، لتکون تلک المجازاة ضامناً لإجراء هذه الأحکام بین أولئک الذین لم یتربوا تربیة دینیة کافیة والذین یفتقدون التقوى الدینیة.

 

ولا شکّ فی أنّ النظام الإسلامی یختلف فی هذا المضمار عن النظم المادیة، إذ لا یوجد فی تلک النظم أی ضامن إجرائی غیر تلک المجازاة الدنیویة والمادیة، ولذا فإنّ کل حکم فاقد لمعاقبة المتخلف لا یعدُّ فی نظر تلک النظم قانوناً وحکماً، وإنّما یعتبر فی نظرهم توصیة أخلاقیة فحسب.

وأمّا فی النظم الإلهیّة، فإنّ الاعتقادات القلبیة، والإلتزامات المعنویة والإیمان بمحکمة العدل الالهی العظیمة یوم القیامة والاعتقاد بمراقبة الله فی الدنیا، کل ذلک یعتبر من الدوافع المهمّة وضامناً إجرائیاً قویاً، ولکن لما لم یکن ذلک الداعی موثراً فی کل النفوس لوحده، کان من الضروری أن یکون إلى جنبه ضامناً إجرائیاً مادیّاً، وعقوبة دنیویة.

واهتمام الشارع المقدس بإجراء الحدود والمجازاة ضد المتخلفین وصل إلى حدٍّ بحیث ورد فی الروایات المتعددة:

«حدٌّ یُقام فی الأرض أزکى من مطر أربعین لیلة وأیّامها».

وهذا الحدیث مروی عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) وعن الإمام الباقر(علیه السلام) والإمام الصادق(علیه السلام)أیضاً، وفی بعض النصوص وردت کلمة «أفضل» أو «أنفع» بدلا عن کلمة «أزکى»(1).

ونقرأ فی حدیث عن الإمام السابع موسى بن جعفر(علیه السلام) فی تفسیر قوله تعالى (یُحیی الأرض بعد مَوْتِها) قال(علیه السلام): «لَیْسَ یحییها بالقَطر ولکن یَبْعَثُ الله رجالا فَیُحیونَ العَدْلَ فتحیى الأرضُ لاحیاء العَدْلِ ثمَّ قال(علیه السلام): ولإقامَةُ الحَدّ فَیه أَنْفَعُ فی الأرضِ من القَطر أربعین صباحاً».

وکیف لا یکون إجراء الحدِّ «أنفع» و«أفضل» و«أزکى» من قطر أربعین صباحاً، وسلامة وأمن المجتمع إنّما هی فی ذلک الأصل، وأنّ جذور کل خیر وبرکة فی إجراء الحدود، إذ إنّ الأحکام المبارکة التی تجلب الخیر والنعمة والمنافع الاقتصادیة لا تفید بلا وجود أمن وأمان فی المجتمع، کما أنّ أمن المجتمع لا یحصل بدون إجراء الحدود واحقاق الحق، ولولا ذاک لعمَّ الفساد والظلم فی المجتمع ولقتل الناس بعضهم بعضاً وخُرِّبت المدن واستضعف عبادالله، ولهذا فإنّ أول ما طلبه إبراهیم الخلیل(علیه السلام)من ربّه عندما بنى الکعبة، هو أن یجعل ذلک البیت آمناً فقال: (رَبِّ أجْعَل هَذَا بَلَداً آمِنَاً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الـثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْیَومِ الآخِرِ).   (البقرة/ 126)

وبذلک طلب نعمة الأمن قبل الأرزاق الاُخرى، لأنّه کان یعلم أنّ فقدان الأمن یمنع من الاستفادة من المواهب الاُخرى.


1. وسائل الشیعة، ج18، باب 1 من أبواب مقدمات الحدود، ح 2، 3، 4.

 

الحدود والتعزیرات فی الإسلام2 ـ معنى الحدِّ والتعزیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma