تمهید:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
تمهید:صفات القاضی

کما أن حق الحکومة والحاکمیة یعود إلى الله تعالى على أساس أصل «التوحید الأفعالی» المسلّم به، کذلک حق القضاء أیضاً یعود إلى من له الإذن من الله تعالى.

«التوحید الأفعالی» یقول: إنّ کل الأفعال تعود إلى الله تعالى، و«توحید الخالقیة» یقول: إنّ کل شیء فی هذا العالم خُلق منه و«توحید الحاکمیة» الذی هو فرع توحید الخالقیة یقول: إنّ الحکومة لله تعالى خالصة، وهذا هو السبب فی کون القضاء فی محیط حکومته من اختصاصه تبارک وتعالى ومن یأذن له بذلک.

من جانب آخر یقول توحید الطاعة: إنّ الأمر المطاع والمقبول إنّما هو أمر الله تعالى ومن یعود أمره إلى أمر الله تعالى، فعلى هذا الأساس لابدّ أنّ یکون الحکم القضائی المقبول أیضاً بإذن منه تعالى.

لو نظرنا إلى المجتمع البشری من هذه الزاویة فسوف نجد أنّ مبدأ القضاء واضح جدّاً، فلا نقع فی حیرة فی تشخیصه مطلقاً، لأنّ أنظارنا متوجهة إلى نقطة واحدة وهی التی صدر منها الوجود، وانبعثت منها الخلائق، والأمر النافذ فی کل شیء هو أمره، إذن فلابد أن نسعى کی تکون محاکمنا القضائیة خاضعة لأمره ومصطبغة بصبغة إلهیّة کی نحصل بذلک على مشروعیتها.

نعود بعد هذا التمهید إلى القرآن الکریم لنکتشف مسألة انحصار القضاء والتحکیم بالله تعالى:

 

1 ـ نقرأ فی قوله تعالى:

(اِنِ الْحُکْمُ اِلاَّ لِلّهِ یَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَیْرُ الْفَاصِلِیْنَ).   (الأنعام / 57)

وقد جاء صدر هذه الآیة الشریفة (اِنِ الْحُکْمُ اِلاَّ لِلّهِ) فی سورة یوسف الآیة 40 کذلک.

ویمکن أن یکون ما جاء فی سورة یوسف له مفهوم أوسع بحیث یشمل الحکومة والقضاء، ولکن ما جاء فی الآیة المذکورة فیه إشارة أقوى إلى القضاء وحل الاختلافات بقرینة ذیل الآیة الکریمة، وقد أشار إلى هذا المعنى مجموعة من المفسرین:

أمثال الطبرسی فی مجمع البیان والفخر الرازی فی التفسیر الکبیر(1).

2 ـ نقرأ فی قوله تعالى:

(وَمَنْ لَّمْ یَحْکُمْ بِمَا اَنْزَلَ اللهُ فَاولَئِکَ هُمُ الْکافِرُونَ... فَاُولَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ... فَاُولَئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ).   (المائدة / 44 ـ 45، 47)

فهم کفّار لأنّهم خرجوا عن جادة التوحید (توحید الحاکمیة)، وظالمون لأنّهم ظلموا أنفسهم والآخرین وحُرموا من مصالح الأحکام القطعیة وغرقوا فی دوّامة مفاسد الأحکام الجاهلیة، وفاسقون لأنّهم خرجوا عن دائرة الطاعة، والفسق کما تعلم هو الخروج عن طاعة المولى، وهذه الآیات الشریفة لها مفهوم واسع کذلک بحیث یشمل الفتوى فی الأحکام الإلهیّة، ومسألة القضاء والتحکیم، ومسألة الحکومة أیضاً، فیجب أن تکون فی کل من الأبعاد الثلاثة موافقة ومطابقة لحکم الله تعالى (لاحظ جیداً).

3 ـ القرآن الکریم یعتبر کل حکم غیر إلهی حکم طاغوت، واتِّباعه یمثل السیر على خطى الشیطان، فیقول:

(اَلَمْ تَرَ اِلَى الَّذِینَ یَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا اُنْزِلَ اِلَیْکَ وَما اُنْزِلَ مِنْ قَبْلِکَ یُریدُونَ اَنْ یَتَحَاکَمُوا اِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ اُمِرُوا اَنْ یَکْفُرُوا بِهِ وَیُریدُ الشَیْطانُ اَنْ یُضِلَّهُمْ ضَلالاَ بَعیداً).   (النساء / 60)

4 ـ القرآن الکریم یعتبر أیضاً الأحکام التی تصدر عن مبدأ غیر إلهی أحکاماً جاهلیة، ویعبّر عن الأشخاص الذین یریدون أحکاماً غیر إلهیّة (کبعض الیهود الذین اختلفوا فیما بینهم فجاؤوا إلى النبیّ (صلى الله علیه وآله) وکانوا یریدون منه أن یصدر حکماً مطابقاً لرغبتهم) بقوله:

(اَفَحُکْمَ الْجاهِلِیَّةِ یَبْغُونَ وَمَنْ اَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُکْماً لِقَّوْم یُوقِنُونَ).   (المائدة / 50)

5 ـ یقول القرآن الکریم فی مکان آخر معلماً للنّبی الکریم (صلى الله علیه وآله) بأن یقول:

(اَفَغَیْرَ اللهِ أَبتَغِى حَکَماً وَهُوَ الَّذِى اَنْزَلَ اِلَیْکُمُ الْکِتابَ مُفَصَّلا).   (الأنعام / 114)

6 ـ ویأمرنا القرآن الکریم بحل اختلافاتنا بواسطة تحکیم الله تعالى، بقوله:

(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِیهِ مِنْ شَىء فَحُکْمُهُ اِلَى اللهِ).   (الشورى / 10)

یستفاد من مجموع هذه الآیات وآیات اُخرى بصورة واضحة أنّ نظریة القرآن فی هذا الموضوع تقضی بأنّ الحاکم والقاضی هو الله تعالى، وکذلک من جعله الله تعالى قاضیاً وحاکماً من قبله، وما سوى ذلک فهو حکم الشیطان والطاغوت والجاهلیة.

وعلى هذا لابدّ فی سلسلة مراتب القضاة فی الحکومة الإسلامیة أن تنتهی إلى أمر وإذن الله تعالى وتکتسب المشروعیة منه، فالرسول الکریم (صلى الله علیه وآله) قد حصل على هذا المنصب من الله تعالى، والأئمّة المعصومون (علیهم السلام) أیضاً قد انتخبوا لهذا المقام من قبل الله تعالى وبواسطة النبیّ (صلى الله علیه وآله)، والقضاة الإسلامیون یکتسبون مشروعیتهم من الأئمة (علیهم السلام).

وقد بیّن القرآن الکریم هذا المعنى بوضوح فی قوله تعالى:

(وَاللهُ یَقْضِى بِالْحَقِّ وَالَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لاَیقضُونَ بِشَىء).   (المؤمن / 20)

إذن فقضاء الله تعالى وأولیائه هو المقبول والصحیح، لا التحکیم الجاهلی وغیرالإلهی.

وهذا المعنى أیضاً ورد بصراحة أکثر فی الروایات الإسلامیة فی أبواب القضاء منها:

1 ـ ورد عن الإمام الصّادق (علیه السلام) قوله:

«اِتَّقُوا الْحُکُومَةَ فَاِنَّ الْحُکُومَةَ إِنَّما هِیَ لِلاِمامِ الْعالِمِ بِالْقَضاءِ اَلْعادِلِ فِی الْمُسْلِمینَ، لنَبیِّ أو وصیّ نبیٍّ»(2).

 

 

2 ـ وفی حدیث آخر ورد عن الإمام الصّادق (علیه السلام) بأن الإمام علی (علیه السلام) قال لشریح القاضی:

«یا شُرَیْحُ قَدْ جَلَسْتَ مَجْلِساً لا یَجْلِسُهُ اِلاّ نَبیّ، اَوْ وَصِیّ نَبیٍّ اَوْ شَقیّ»(3).

3 ـ وفی حدیث آخر عن الإمام الصّادق (علیه السلام) أیضاً أنّه قال:

«وَالْحُکْمُ لا یَصِحُّ اِلاّ بِاِذْن مِنَ اللهِ وَبُرْهانِهِ»(4).

وهکذا نجد أنّ الأدلة العقلیة الناظرة إلى التوحید الأفعالی وتوحید الحاکمیة والمالکیة تثبت اشتراط القضاء بالإذن الإلهی، وکذلک الآیات القرآنیة والأحادیث الشریفة الواردة فی هذا المجال، وما یقال إنّ المجتهد الجامع للشرائط (الولی الفقیه) له ثلاثة مناصب: منصب الإفتاء، ومنصب القضاء، ومنصب الولایة، فهوناظر إلى هذا المعنى.

والآن نبحث صفات القاضی فی الإسلام، وکذلک آداب القضاء، والفرق بین القضاء فی الإسلام والقضاء فی الثقافة الغربیة ومسائل اُخرى فی هذا الباب.

 

 


1. تفسیر مجمع البیان، ج3، ص310; التفسیر الکبیر، ج13، ص7.
2. وسائل الشیعة، ج 18، أبواب صفات القاضی، باب 3، ح3.
3. وسائل الشیعة، ج 18، ابواب صفات القاضى، باب 3، ح2.
4. مصباح الشریعة، ص41 (إنّ اعتبار هذا الکتاب مشکوک عند العلماء، وبالاخص فإنّ مؤلفه لم یُعرف لحدّ الآن).

 

تمهید:صفات القاضی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma