5 ـ التعامل الإنسانی مع المساجین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
4 ـ موارد السجن فی الروایات الإسلامیة6 ـ الطرح التّاریخی لأبی یوسف لحمایة السّجناء

کما أشرنا سابقاً، فإنّه على الرغم من سوء استغلال موضوع السجن بشکل واسع وعلى مرِّ التاریخ، فإنّ السجن من وجهة النظر الاجتماعیة والإنسانیة، أمرٌ ضروری لمکافحة الجرائم والجنایات وتربیة النفوس المریضة، ولکن بحدود وشروط معینة ومحسوبة!

أحد تلک الشروط، هو مراعاة المعاملة الإنسانیة مع السجناء، فلابدّ من التعامل معهم على أساس أنّهم بشر، فینبغی ترک المضایقات الظالمة، وأن لا یحبس أحدٌ بذنب غیره، وأن لا یعاقب أحدٌ أکثر ممّا یستحق حتى لساعة، ولابدّ أن تکون کل البرامج فی سبیل تعلیم وتربیة السجین، وبتعبیر آخر، ینبغی أن یکون السجن مرکزاً للتربیة والتهذیب لا مرکزاً لتخریج المجرمین والحاقدین، فلابدّ أن یتصف السجن بمواصفات درس التربیة.

ومن قصة النّبیّ یوسف(علیه السلام) ومدّة سجنه فی مصر، یستفاد بشکل جید أنّ تلک السجون کانت على درجة عالیة من الظلم والإضطهاد بحیث أنّ بعض السجناء کان یبقى طیلة عمره فی السجن، وفقط بعض المصادفات أو الحوادث غیر المترقبة هی التی کانت تلفت انتباه الظلمة والحکام إلى السجناء، ولو لم تقع تلک الحادثة لبقی السجین إلى آخر عمره فی السجن، بالضبط کما حصل لیوسف حیث إنّ الملک لو لم یرَ تلک الرؤیا ولو لم یعرف یوسف تفسیر الأحلام، لما التمس عزیز مصر تفسیر رؤیاه من یوسف ولما بعث خلفه ولبقی یوسف، إلى آخر عمره فی السجن، فی حین أنّه لم یرتکب أی ذنب، وذنبه الوحید هو طهارته وتقواه وعدم انصیاعه لرغبات وأهواء زوجة عزیز مصر (زلیخا)، وبطبیعة الحال فإنّ هذه التقوى والطهارة لیست ذنباً صغیراً فی قاموس مثل هذه البیئة المنحطة المتسافلة!

والقرآن الکریم یحدثنا کیف أن یوسف الصدیق حاول أن یحوّل بیئة السجن إلى محیط للتربیة والتعلیم والإصلاح، فکان یعلم السجناء درس التوحید وعبادة الله وهو أصل کل طهارة وحسن، فمتى ما سُئل یوسف عن مسألة بسیطة، أو طلب منه تفسیر رؤیا عابرة، کان یطرح المعارف الإلهیّة ویبین المسائل التربویة للسجناء.

قال تعالى حکایة عن لسان یوسف:

(یَا صَاحِبَىِ السِّجْنِ ءَاَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَیْرٌ اَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ * ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ اِلاَّ اَسْماءً سَمَّیْتُمُوهَا اَنْتُمْ وَآبَاؤُکُمْ مَّا اَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطان اِنِ الْحُکْمُ اِلاَّ للهِ اَمَرَ اَلاَّ تَعْبُدُوا اِلاَّ اِیَّاهُ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَکِنَّ اَکْثَرَ النَّاسِ لاَ یَعْلَمُونَ).   (یوسف / 39 ـ 40)

فصحیح أنّ یوسف(علیه السلام) کان سجیناً من السجناء، ولکن عمله ذلک کان دلیلا على أنّه لو کان على رأس السلطة لکان یمارس نفس العمل التربوی مع السجناء فی محیط السجن بالأولویة، ولحوّل بیئة السجن إلى مرکز للتعلیم والتربیة الإلهیّة، ولبذل کل جهده من أجل استغلال الفرصة التی یمتلکها السجناء فی السجن لإعادة النظر فی تصرفاتهم السابقة وإعادة حساباتهم لبناء أنفسهم من جدید، وتبدیل سلوکهم المنحرف إلى سلوک قویم.

وقد أثبتت لنا التجارب أنّ کثیراً من السجناء الأشرار الملوّثین بالذنوب والجرائم سرعان ما یتمّ إصلاحهم إذا ما وجدوا قریناً صالحاً یرشدهم إلى الطریق الصحیح، إذ إنّهم خارج السجن لم یکن لدیهم الفرصة الکافیة من أجل التفکیر والتأمل فی تصرفاتهم الفائتة وإعادة حساباتهم للمستقبل، فالسجن توفیق إجباری لمثل هؤلاء.

ونلاحظ فی الروایات الإسلامیة اهتمام الدین بحقوق السجناء ومنحهم الإجازات للاشتراک فی صلاة الجمعة والإلتقاء بذویهم وأصدقائهم.

ومن جملة ذلک ماورد فی حدیث عن الإمام الصّادق(علیه السلام) حیث یقول:

«عَلى الإمام أنْ یُخرجَ المُحْبسِین فِی الدّین، یَومَ الْجُمعَة إلى الجُمعَة، وَیَومَ العِیدِ إلى العِید فَیُرسلُ مَعَهُم فَإذا قَضَوا الصّلاة وَالْعِید رَدَّهُم إلى السِجن»(1).

وینبغی الإلتفات إلى أنّ لکلٍّ من صلاة الجمعة والعید خطبتان ولهما أثر بالغ فی التربیة.

وفی حدیث آخر یتوسع أکثر من نطاق الأول، حیث ورد فیه: «إنّ علیاً(علیه السلام) کان یخرج أهل السجون ـ مَنْ حُبِسَ فی دَیْنِ، أو تُهْمَه ـ إلى الجمعة فیشهدونها ویُضمنهُمْ الاولیاء حتى یَردُّوهمْ»(2).

کما ویستفاد من حدیث آخر أنّ علی(علیه السلام) کان کل جمعة یتفقد السجن والسجناء بنفسه، فیجری الحدَّ على أولئک الذین ینتظرون إجراء الحدِّ علیهم (ویطلقهم) ویطلق من لیس علیه حدَّ(3).

ومن خلال الآیات والروایات والأحکام الواردة فی هذا المجال یمکن استنباط وتنظیم إرشادات جامعة، من نماذجها:

1 ـ عندما اُلقی القبض على عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علی(علیه السلام) وأودع السجن،

أوصى الإمام(علیه السلام) بمداراته والإهتمام به، ومن جملة وصایاه لأولاده فی حق ابن ملجم، قال: «أطعموه واسقُوه وأحسنوا أسارَهُ»(4).

والمعروف هو أنّ الإمام(علیه السلام) بعد أن ضربه ابن ملجم على رأسه الشریف فشقّه ورقد الإمام (علیه السلام) فی الفراش یغمى علیه أحیاناً ویفیق أحیاناً، ناوله الإمام الحسن(علیه السلام) قعباً من لبن، فشرب منه قلیلا ثم نحّاه عن فیه وقال: إحملوه إلى أسیرکم، ثم قال للحسن(علیه السلام): بحقّی علیک یا بنی إلاّ ما طیبتم مطعمه ومشربه...(5).

ویروی العلاّمة المجلسی حدیثاً آخر، وذلک عندما جیء بابن ملجم إلى الإمام علی(علیه السلام)فتکلم معه الإمام بکلام ثم قال لولده الإمام الحسن(علیه السلام): «اَرْفِقْ یا وَلَدى بِاَسیرِکَ وَارْحَمْهُ وَاَحْسِنْ اِلَیْهِ وَاَشْفِقْ عَلَیْهِ، اَلا تَرى اِلى عَیْنَیْهِ قدْ طارَتا اِلى اُمِّ رَأْسِهِ وَقَلْبُهُ یَرْجِفُ خَوْفاً ورُعباً وَفَزَعاً، فَقالَ لَهُ الْحَسَنُ (علیه السلام) یا اَباهُ! قَدْ قَتَلَکَ هذَا اللَّعینُ الْفاجِرُ وَاَفْجَعَنا فیکَ وَاَنْتَ تَأْمُرُنا بِالرِّفْقِ بِهِ؟! فَقالَ لَهُ نَعَمْ یا بُنَیَّ نَحْنُ اَهْلُ بَیْت لا نَزْدادُ عَلَى الذَّنْبِ الَیْنا اِلاّ کَرَماً وَعَفْواً وَرَحْمَةً وَالشَّفَقَةُ مِنْ شیمَتِنا لا مِنْ شیْمَتِهِ، بَحَقّی عَلَیْکَ فَاَطْعِمْهُ یا بُنَیَّ مِمّا تَأْکُلُهُ، وَاَسْقِهِ مِمّا تَشْرَبهُ وَلا تُقَیّدْ لَهُ قَدَماً، وَلا تَغُلَّ لَهُ یَدَاً»(6).

2 ـ یقول المرحوم الشیخ الطوسی فی کتاب الخلاف: من أمسک بصبی صغیر وحبسه، فسقط علیه جدار، أو قتله حیوان مفترس، أو لدغهُ عقرب أو ثعبان فمات، فهو ضامن لدمه، ثم یقول الطوسی بعد ذلک: «دلیلنا إجماع الفرقة وأخبارهم»(7).

فمن هذه العبارة یستفاد ضرورة کون السجن مأموناً ونظیفاً فلو مات السجین بسبب عدم تحقق ذلک فدمه مضمون.

3 ـ ونقل المرحوم الشیخ الطوسی فی کتابه «المبسوط» عن بعض الفقهاء، لو سجن شخصاً فی غرفة واغلق علیه الباب فاختنق ومات فهو ضامن لدیته(8).

 

ونفس هذا الکلام قیل فی مورد الجوع ونحوه.

ومن مجموع ذلک یستفاد تأمین الغذاء ومراعاة التهویة الکافیة فی السجن کی لا تتعرض حیاة السجین وسلامته للخطر.

4 ـ ذکر کثیرٌ من الفقهاء فی بحث آداب القاضی، أنّ على القاضی إذا دخل المدینة أن یطالع أحوال السجناء وملفاتهم ویحقق فیها ویدرسها بشکل جید، لیطلق من انتهت فترة محکومیته أو حُبس بلا دلیل کاف، فوراً.

وصرح بعض الفقهاء أنّ على القاضی حین وصوله إلى المدینة أن یعلن للملأ بأنّه سیدرس قضایا السجناء فی موعد یعینه لهم لیتسنى لذوی السجناء الحضور ساعة التحقیق، وعندما یحضر أطراف النزاع یقرأ أسماء السجناء واحداً بعد الآخر.

ویسألهم عن علة حبسهم، ثم یسأل من طرف الدعوى الآخر، فإن کان عنده دلیل مقنع على حبسه، ردّه إلى السجن، وإن لم یکن هناک مدع، أعلن عن إسمه لیأتی من یدعی علیه شیئاً ویطرح دعواه عند القاضی، وإلاّ أطلق صراحه(9).


1. وسائل الشیعة، ج18، ص221، باب من یجوز حبسه، ح 2.
2. المستدرک، ج17، ص403، ح 1.
3. میزان الحکمة، ج 2، ص25.
4. بحار الأنوار، ج42، ص239.
5. بحار الأنوار، ج42، ص289.
6. المصدر السابق، ص287 ـ 88 .
7. کتاب الخلاف، ج3، ص94، (کتاب الجنایات، المسألة 19).
8. أحکام السجن فی الإسلام، ص263 (فارسی).
9. جواهر الفلاح، ج4، ص74.

 

4 ـ موارد السجن فی الروایات الإسلامیة6 ـ الطرح التّاریخی لأبی یوسف لحمایة السّجناء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma