2 ـ فلسفة وأقسام السجون

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
1 ـ تأریخ السجن3 ـ السجن من وجهة نظر القرآن الکریم

ینبع عشق الإنسان للحریة من عشقه الملتهب للتکامل والرقی، ولا یمکن لأی موجود سجین أن یستمر فی سیره التکاملی، وحتى الحیوانات تتغرب فی أقفاصها مهما تهیأت لها ظروف العیش فی تلک الأقفاص، فهی ترجح الحریة على أسر القفص وإن کانت الأخطار تهددها خارج القفص.

 

ولهذا، فإنّ الحیوانات الاسیرة فی الأقفاص لا تبدی أی مظهر من مظاهر الفرح والراحة کالتغرید واللعب إلاّ إذا کانت قد ولدت فی نفس تلک الأقفاص ولم تذق طعم الحریة.

وإذا کان ذلک غریزة کامنة فی الحیوانات، ففی الإنسان یتلاحم هذا الشعور العاطفی مع الإدراک العقلی، فیطلب الإنسان بالدلیل والبرهان حریته، ولهذا الدلیل نفسه یعتبر السجن وسلب الحریة منه نوعاً من أنواع العقاب الصعب والمُرِّ.

ولا شک فی أنّ أکثر السجون على طول التاریخ کانت تعبر عن أبشع صور الظلم من قبل الطغاة والحاقدین للوصول إلى مقاصدهم الدنیئة اللامشروعة، ولکن ذلک لا یمنع فی أن یکون للسجن فلسفة وأهمیّة واقعیة، وآثار إیجابیة فی إصلاح الأفراد ومحاربة الفساد الاجتماعی.

فالاعتقال وسلب الحریة، یُعدُّ وسیلة ثقیلة للضغط على المسجونین لتحقیق أحد الاُمور العشرة التالیة التی تشکل فلسفة الحبس.

1 ـ السجن الایذائی

هذا النوع من السجن یکون عادة للأشخاص الذین یرتکبون المخالفات، فالسجن یسلبهم الحریة لیقفوا على قبح أفعالهم، ویردعهم عن تکرارها فی المستقبل، ولکی یعتبر الآخرون بذلک. وهذا السجن موجود منذ القدم وحتى الآن، وکل حکومة لها مثل هذا السجن (إلاّ فی بعض الموارد الاستثنائیة).

2 ـ السجن الإصلاحی

وهذا السجن یستفاد منه لحبس الأفراد الذین یعتادون على الاُمور السیئة (کالمعتادین على المخدرات) والذین لا ینفع معهم النصح والإرشاد، فلا مهرب من حبسهم فی هذا السجن وعزلهم عن المجتمع لمدّة قصیرة أو طویلة، لإصلاحهم واجبارهم على ترک ما اعتادوا علیه.

 

3 ـ السجن الاحتیاطی

کأن تحدث حادثة مهمة کمقتل نفس محترمة، ولم یُعرف القاتل ولکن یُتهم البعض بالقتل، وحینئذ لابدّ من التحقیق للتعرف على القاتل، ولمنع هروب المتهمین وعدم التمکن من القبض على القاتل بعد ثبوت الأدلة الکافیة، لابدّ من توقیف المتهمین فترة التحقیق المؤقتة، فمن ثبتت براءته قدّم الاعتذار إلیه وأُطلق سراحه، ومن ثبت جُرمه عوقب بالعقاب الذی یستحقه.

وهذا النوع من السجون کالأنواع السابقة کان ولا یزال موجوداً فی کل مکان تقریباً، ومن الطبیعی أنّ التحقیقات لابدّ أن تتمّ على وجه السرعة، إذ قد یکون المتهم بریئاً فی الواقع، فینبغی أن لا یبقى فترة طویلة فی الحبس.

4 ـ السجن التأدیبی

وهذا السجن یُستفاد منه عادة فی حق الأطفال الذین لا تشملهم القوانین، والذین لو اطلق عنانهم لأساءوا استغلال الحریة الممنوحة لهم وسلکوا طریق الانحراف، ومن هنا کان لابدّ من ایداعهم فی مثل هذا السجن فی مقابل ارتکابهم بعض الذنوب. لیتم تأدیبهم وتربیتهم.

5 ـ السجن السیاسی

یطلق لفظ «السجین السیاسی» على أولئک الأشخاص الذین یقومون بنشاطات سیاسیة معارضة لمصلحة المجتمع والنظام الحاکم، وقد تکون تلک النشاطات أحیاناً غیر معارضة لمصلحة المجتمع، بل قد تکون فی مصلحته ولکنها مخالفة لمطامع الحکم المتسلط على رقاب أبناء المجتمع (کالسجناء السیاسیین فی أکثر البلاد هذا الیوم، حیث یتمّ حبس هؤلاء الأفراد حتى لو کان الحق معهم).

6 ـ السجن الاستحقاقی

ونقصد بالاستحقاق هنا، أخذ الحق، فمثلا، لشخص على آخر دینٌ یمتنع عن أدائه إلیه

مع أنّه متمکن من الأداء، فهنا قد یحبس المدین حتى یضطر إلى دفع ما علیه للدائن، ولکن هنا لابدّ من الافراج عنه فوراً بمجرد أن یقبل دفع حق الدائن إلیه، لأنّ فلسفة الحبس تنتهی بهذا المقدار.

7 ـ سجن الحفظ

وهذا السجن قد یوجد ولکن بندرة، وهو مورد بعض الأشخاص الذین اشتد غضب الناس علیهم إلى درجة أنّ وجود هؤلاء الأشخاص فی المجتمع یشکل خطراً على حیاة الناس، فی حین أنّهم على فرض ارتکابهم ذنباً فإنّهم لا یستحقون الاعدام، ومن هنا تضطر الدولة وهی الحافظة لمصالح الناس إلى نقل هؤلاء الأشخاص إلى سجن معین حتى تهدأ ثائرة المجتمع ضدهم، ومتى ما عادت الأوضاع إلى حالتها الطبیعیة اطلق سراح هؤلاء الأشخاص، وکما قلنا فإنّ مثل هذا السجن نادر التحقق، وقد تحققت مصادیقه فی حالات الثورات والانتفاضات الشعبیة والحرکات الاجتماعیة.

ما ذکرناه من الاقسام السبعة أعلاه، فلسفة معقولة یمکن تصورها للسجن.

وفی قبال هذه الفلسفة المعقولة، توجد أهداف ومبررات لا معقولة وظالمة کانت العامل الأصلی لکثیر من السجون فی دنیا الأمس والیوم ولا تزال، ویمکن هنا ذکر عدّة أنواع منها:

1 ـ السجن الانتقامی

سجن لیس له هدف معقول اطلاقاً، إلاّ أنّ الجبّارین والظلمة والاقطاعیین وللانتقام من الاحرار والرعیة حیث یحمل هؤلاء الجبّارون حقداً أعمى فی قلوبهم على الناس، فیلقون بهم فی السجون، وکم من شاهد من التاریخ أنّ بعض هؤلاء الناس یبقون فی تلک السجون حتى یموتوا وتتهرأ أجسادهم؟

 

2 ـ السجون المعدة لقمع التحرر

یحاول الجبّارون کسر روح المقاومة المعنویة أو الجسدیة عند المناضلین الثائرین ضدهم، فیلقون بهم فی السجون لأجل ذلک، وأحیاناً یکون الحبس توأماً مع الاهانة والتعذیب الروحی والجسدی، ومن الواضح أنّ الأفراد المقاومین الصامدین سیخرجون من هذه الحلبة سالمین غانمین، بل یزدادوا أحیاناً صلابة وتجربة وعزیمة کالفولاذ الذی یصهر فی الحرارة فیصیر أکثر صلابة ونقاءً، ولکن قد یؤثر هذا السجن سلباً فی بعض الأشخاص الضعفاء أو ممن هم فی مستوى متوسط من الإیمان والعزیمة، فنراهم بعد التحرر من السجن یغیرون مسیرحیاتهم ویترکون نضالهم، وقد ینحرف بعضهم ویعمل ضمن أجهزة القطاع الظالم، وذلک للضغوط التی واجهوها فی السجن.

3 ـ السجن لعزل القیادة عن القاعدة

هذه السجون خاصة بقادة الدین والقادة السیاسیین، حیث إنّ الجبّارین وعندما یضیقون ذرعاً بجهاد هؤلاء یحاولون التفکیک بینهم وبین قواعدهم ومؤیدیهم، فیلقون بالقادة فی السجون، والملفت للنظر أنّ هذه السجون یکون لها فی أکثر الموارد نتیجة معکوسة بحیث تؤدی إلى زیادة الانسجام والتآلف بین القواعد والقیادات، فتعزر مکانة القادة فی قلوب مؤیدیهم، وتزید من جماهیریتهم.

4 ـ السجن لرفع المضایقات

أحیاناً یکون وجود العالم، المخترع، القائد، أو أی فرد لائق، مزاحماً لوجود الحکام الجبّارین، فما یکون من الجبّارین إلاّ أن یودعوا هؤلاء فی السجون لیرتاحوا من مضایقاتهم ومزاحمتهم، ویستمروا فی تسلطهم وتجبّرهم دون مزاحم.

حتى أنّ التاریخ نقل لنا أنّ بعض الجبّارین قام بسجن أزواج نساء جمیلات من دون ذنب سوى السیطرة على نسائهم!

 

5 ـ السجن بسبب النزاهة

ومن أعجب أنواع السجن على طول التاریخ، السجن الذی یبتلى به بعض الأشخاص بسبب نزاهتهم وبراءتهم، ولابدّ من الإلتفات إلى النزاهة والطهارة تعدُّ جُرماً فی المحیط الملوث بالذنوب والآثام !! لأنّ ذلک یؤدّی إلى افشال مخططات هؤلاء الملوثین، فکم من یوسف على مرِّ التاریخ أودع السجن بذنب الطهر والعفة والرغبة عن الذنوب.

کما فی یوسف الذی دخل السجن بسبب طهارته وعفته.

ومن الواضح أنّ مثل هذه السجون التی لیس لها أیة فلسفة عقلیة وشرعیة خارجة عن موضوع بحثنا، وإنّما أشرنا إلیها للتوضیح والضرورة.

 

1 ـ تأریخ السجن3 ـ السجن من وجهة نظر القرآن الکریم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma