ضرورة الحکومة فی الرویات الإسلامیة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
تمهید:ضرورة الحکومة فی التصور العقلی:

تُعَدُّ مسألة ضرورة الحکومة ذات أهمیّة وصدى واسع فی الروایات الإسلامیة، وقد بیّنت تلک الروایات أنّه لا یمکن للناس العیش دون وجود الحکومة، وأنَّ وجود حکومة وإن کانت ظالمة خیر من الفوضى فی غیاب الحکومة.

وهنا لنرى نموذجاً من تلک الروایات ذات المعنى المذکور:

1 ـ عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی نهج البلاغة جواباً على ادّعاء الخوارج حین قالوا: «لا حُکم إلاّ لله»، فقال(علیه السلام): «کَلِمَةُ حَقٍّ یُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ» ثم استطرد قائلا: «نَعَمْ إِنَّهُ لا حُکْمَ إِلاَّ للهِِ وَلکِنَّ هؤُلاَءِ یَقُولُونَ لاَإِمرَةَ إِلاَّ للهِِ، وإِنَّهُ لاَ بُدّ لِلنَّاسِ مِن أَمِیر بَرٍّ أَو فَاجِر یَعْمَلُ فِى اِمْرَتِهِ المُؤمِنُ وَیَسْتَمتِعُ فِیهَا الکَافِرُ، وَیُبَلِّغُ اللهُ فِیهَا الأَجَلَ وَیَجْمَعُ بِهِ الفَیءَ وَ یُقَاتَلُ بِهِ العَدُوَّ، وَتَأمَنُ بِهِ السُّبُلُ وَیُؤخَذُ بِهِ لِلضَّعِیفِ مِنَ القَوِیِّ حَتَّى یَستَرِیحَ بَرٌّ وَیُستَرَاحَ مِن فَاجِر»(1).

و بدیهیٌّ أنَّ الإمام علیاً (علیه السلام) لم یَقصد من عبارة «أمیر بَرّ أو فاجر» أنّ هذین متساویین، بل قصد به أنّه لابدّ من وجود حاکم عادل وصالح، وإلاّ فوجود حاکم وإن کان ظالماً خیرٌ من الفوضى والشغب، وعلى کل حال فلا تنفی هذه الحالة الأخیرة الحکم الإلهی الصالح على العالم کلّه، ذلک أنَّ الحکم یشبه النبوة والقضاء النّابعین من ذات الخالق المقدسة، ولقد بیّنت هذه العبارة ضمناً الأبعاد المختلفة لفلسفة الحکومة والأدلة الواردة فی إثبات ضرورتها، وسنبحث ذلک بالتفصیل فی صفحات قادمة.

2 ـ اُشیر فی الروایات المعروفة والتی نقلها (الفضل بن شاذان) عن الإمام الرض(علیه السلام)إلى ثلاث نقاط مهمّة حیث بیّن فیها دلائل وأسباب تعیین (اُولی الأمر) والحکم فی المجتمع.

قال الفضل بن شاذان إنّه سمع من الرّض(علیه السلام) مرّة بعد مرّة، أنّه قال: فإنْ قال: فلم جعل أولی الأمر وأمر بطاعتهم؟

قیل: لعلل کثیرة منها أنّ الخلق کما وقفوا على حد محدود وأمروا ألاّ یتعدوا ذلک الحد لما فیه من فسادهم لم یکن یثبت ذلک، ولا یقوم إلاّ بأن یجعل علیهم فیه أمیناً یمنعهم من التّعدی والدّخول فیما حظر علیهم لأنّه لو لم یکن ذلک کذلک لکان أحد لا یترک لذته ومنفعته لفساد غیره، فجعل علیهم فیما یمنعهم من الفساد ویقیم فیهم الحدود والأحکام.

ومنها: أنا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلاّ بقیّم ورئیس کما لابدّ لهم منه فی أمر الدّین، فلم یجز فی حکم الحکیم أن یترک الخلق ممّا یعلم أنّه لابدّ لهم منه ولا قوام إلاّ به، فیقاتلون فیه عدوهم ویقسمون به فیئهم، ویقیم لهم جمعتهم وجماعتهم، ویمنع ظالمهم من مظلومهم.

ومنها: إنّه لو لم یجعل لهم إماماً قیماً أمیناً حافظاً مستودعاً لدرست الملّة وذهب الدین وغیرت السُّنة والأحکام، ولزاد فیه المبتدعون ونقّص منه الملحدون، وشبّهوا على المسلمین لأنا قد وجدنا الخلق منقوصین محتاجین غیر کاملین، مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت أنحائهم، فلو لم یجعل لهم قیماً حافظاً لما جاء به الرّسول لفسدوا على نحو ما بیّنا وغیّرت الشرایع والسنن والأحکام والإیمان وکان فی ذلک فساد الخلق أجمعین(2).

3 ـ فی تفسیر النعمانی عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) وعند ذکر آیات من القرآن الکریم، مثل: (یَأَأیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا استَجِیبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاکُم لِما یُحیِیکُم). (الانفال / 24)

وآیة (وَلَکُم فِى القِصَاصِ حَیَاةٌ یَا اُولِى الأَلبَابِ).(البقرة / 179)

إنّه کان یقول: «وفی هذا أوضح دلیل على أنّه لابدّ للاُمة من إمام یقوم بأمرهم فیأمرهم وینهاهم ویُقیم فیهم الحدود ویجاهد العدو، ویقسّم الغنائم ویفرض الفرائض ویعرّفهم أبواب ما فیه صلاحهم ویحذرهم ما فیه مضارهم، إذ کان الأمر والنهی أحد أسباب بقاء الخلق، وإلاّ سقطت الرغبة والرّهبة، ولم یُرتدع، ولفسد التدبیر وکان ذلک سبباً لهلاک العباد»(3).

وقد ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی حدیث آخر أنّه قال: «لا یستغنی أهل کلّ بلد عن ثلاثة یُفزع إلیهم فی أمر دنیاهم وآخرتهم، فإن عُدموا ذلک کانوا همجاً: فقیه عالم ورع، وأمیر خیّر مُطاع، وطبیب بصیر ثقة»(4).

و قلنا مراراً إن ما ورد فی الروایات الإسلامیة یدلّ على ضرورة وجود حکومة وإن کانت ظالمة خیر من الفوضى، حیث نقرأ لأمیر المؤمنین(علیه السلام) قوله: «وال ظلوم غشوم خیرٌ من فتنة تدوم»(5).

ویعنی ذلک أنَّه حتى فی حالة عدم القدرة على تحقیق حکومة عادلة فلا أقل من إقامة حکومة وإن کانت ظالمة وجائرة وذلک فی سبیل الاستقرار والأمن للبلد وحدوده ومنع العدوان علیه، وفی غیر هذه الحالة تسود حالة من اللاّ أمن والتدهور حیث ستُراق دماء الکثیر من الأبریاء دون أیّ وازع مِمّا سیسهّل على الأعداء النفوذ إلى داخل البلد والسیطرة علیه.


1. نهج البلاغة، الخطبة 40.
2. بحار الأنوار، ج 6، ص 60، الرّوایة طویلة لکننا انتخبنا قسماً منها.
3. بحار الأنوار، ج 90، ص 41.
4. بحار الأنوار، ج 75، ص 235.
5. غرر الحکم، ج 2، ص 784، ج 50، باب الواو.
تمهید:ضرورة الحکومة فی التصور العقلی:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma