یستفاد أیضاً من الصفات المذکورة للقضاة فی هذا العهد نکات مهمّة جدّاً لم یُتطرق إلیها بهذه الدقة فی أی مذهب أو دین، وتوضح جانباً من الثقافة الحاکمة على الأجهزة القضائیة فی الحکومة الإسلامیة، یقول (علیه السلام):
«ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُکْمِ بَیْنَ النّاسِ اَفْضَلَ رَعِیَّتِکَ فِی نَفْسِکَ مِمَّنْ لا تَضِیقُ بِهِ الاُمُورُ، وَلا تُمَحِّکُهُ الْخُصُومُ وَلا یَتَمادى فِی الزَّلَّةِ، وَلا یَحْصَرُ مِنَ الْفَیءِ اِلَى الْحَقِّ اِذا عَرَفَهُ، وَلا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلى طَمَع وَلا یَکْتَفی بِاَدْنى فَهْم دُوْنَ اَقْصاهُ، وَاوْقَفَهُمْ فِی الشُّبُهاتِ وَآخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ، وَاَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُراجَعَةِ الْخَصْمِ، وَاَصْبَرَهُمْ عَلى تَکَشُّفِ الاُمُورِ وَاَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضاحِ الْحُکْمِ، مِمَّنْ لا یَزْدَهیهِ اِطراء، وَلا یَسْتَمیلُهُ اِغْراء وَاُولئِکَ قَلیل!»(1).