تمهید:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
العلاقة بین الإمامة والحکومةضرورة الحکومة فی الرویات الإسلامیة:

بعد أن لاحظنا الصلة الوثیقة بین الإمامة والحکومة نتحول إلى مسألة مهمّة اُخرى ألا وهی ضرورة وجود الحکومة للمجتمعات البشریة.

وکما یُبیّن لنا التاریخ، أن هناک أنواعاً معینه من الحکومات فی المجتمعات البشریة، کحکومة القبیلة، وحکومة الملوک والسلاطین، والحکومات التی هی من النوع الذی نشهده فی الوقت الحاضر، ویعنی ذلک أنّ البشر وعبر مراحله العلمیة والثقافیة یُدرک تماماً ضرورة وجود الحکومة، ویعلم کذلک أنَّ الحیاة الاجتماعیة من دون تحکیم النظام والقانون لا یمکن إیجادها ولو لیوم واحد.

ولهذا السبب یمکن ملاحظة الهرج والمرج والشغب الذی یحدث بُعَیْدَ سقوط حکومة ما، وحتى قیام حکومة اُخرى، حیث یبسط النظام الجدید ظلّه على الحیاة، فیحترق کل شیء ویتحول إلى رُکام.

لذا فلا یمکن لأی عاقل اَن یشک فی ضرورة وجود الحکومة للمجتمعات البشریة، وقد وردت الکثیر من الآیات والروایات الإسلامیة التی تصرّح وتلمّح إلى هذا المعنى، نذکر بعضها باختصار:

1 ـ فی قصة بنی اسرائیل نلاحظ أنّه وعلى أثر الفوضى الداخلیة وغیاب الحکم القوی قد أصابهم الضعف والانحطاط والهزیمة وتسلّط الأعداء علیهم، فجاءوا إلى نبیّ لهم طالبین تعیین حاکم لهم حتى یتسنى لهم السیر فی طریق الله تحت إمرته، یقول القرآن الکریم: (أَلَمْ تَرَ إلى المَلاَِ مِن بَنِى إِسرَائِیلَ مِن بَعدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبىٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِکاً نُقاتِلْ فِى سَبِیلِ اِللهِ قَالَ هَلْ عَسَیتُم اِن کُتِبَ عَلَیکُمُ القِتَالُ ألاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فی سَبِیلِ اللهِ وَقَد اُخرِجْنَا مِن دِیَارِنَا وَأَبنَائِنَا).   (البقرة / 246)

مع أنّ هذه الآیة تشیر إلى أبعاد وآثار وجود الحاکم على قوم أو شعب فی مسألة الجهاد ضد العدو الخارجی وتطهیر الأرض من دنس الأجنبی وتحریر الأسرى، إلاَّ أنّها تتعدى إلى أبعاد معان اُخرى حیث تصدق فیها کذلک.

والقرآن یوضح بهذا التعبیر أنَّ الوصول إلى الحریة والاستقرار الاجتماعی مستحیل بدون وجود الحکومة والحکم القوی، وقد یُتصور هنا أنّ بنی اسرائیل أرادوا قائداً للجیش فقط لا حاکماً علیهم، إلاّ أنّه یجب ملاحظة کلمة (ملک) والتی تعنی الحاکم على جمیع الشؤون وإن کان المعنى العام للقصة یشیر إلى وجود ساحة قتال مع عدوّ خارجی.

والحقیقة أنّ النبی (أشموئیل) فی ذلک الوقت کان یمتلک صلاحیة قیادة المجتمع کذلک، بینما کان لطالوت الذی انتخبه لبنی اسرائیل دور القائد للجیش.

2 ـ وقد ورد فی القرآن الکریم فی ذیل هذه الآیات المذکورة، خبر اندحار جیش جالوت فی مقابل بنی اسرائیل، حیث یقول: (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللهِ وقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلکَ وَالحِکمَةَ وعَلَّمَهُ مِمَّا یَشاءُ وَلَولاَ دَفعُ اللهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعْض لَّفَسَدتِ الأَرْضُ وَلَـکِنَّ اللهَ ذُو فَضْل عَلَى العَالَمِینَ).   (البقرة/ 251)

وتشیر الجملة الأخیرة إلى أنّه لولا وجود حکومة قویة ومهیبة تقف بوجه الطغاة والخارجین على القانون، لامتلأت الأرض بالفساد، وعلى هذا فإنّ الحکومة العادلة هی هبة من الله للحدّ من الفساد الدینی والاجتماعی.

3 ـ وقد ورد معنىً مشابه لهذا فی سورة الحج حیث تقول بعد اعطاء الضوء الأخضر للمسلمین للجهاد ضد الاعداء: (الَّذِینَ اُخرِجُواْ مِن دِیَارِهِم بِغَیرِ حَقٍّ إِلاَّ اَنْ یَقُولُواْ رَبُّنَا اللهُ وَلَولاَ دَفعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعض لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وبِیَعٌ وصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ یُذکَرُ فِیهَا اسمُ اللهِ کَثِیراً).   (الحج / 40)

و هنا أیضاً کان الحدیث عن دور الحکومة فی البعد الجهادی، ولکن من الطبیعی أنّ الجهاد من دون التشکلات المنظمّة السیاسیّة والاجتماعیّة والاقتصادیّة لا یمکن تحقیقه،

وذلک لأنّ المجاهدین یتألفون من قسمین: «القوّات العسکریة» و«القوّات الشعبیة» وتعتبر الأخیرة الظهیر والسند لما وراء میدان القتل والتی تضمّ فی الواقع کل المجتمع.

4 ـ ونقرأ فی الآیة التی تلیها عبارة تشیر إلى المؤمنین الحقیقیین: (الَّذِینَ اِنْ مَّکَّنَّاهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّکاةَ وأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنکَرِ).   (الحج / 41)

وتُشیر هذه الآیة ضمناً إلى أنّ إقامة الصلاة وایتاء الزکاة والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر (فی معناها الواسع والعام) لا یتیسّر إلاّ عن طریق تشکیل الحکومة، ولذا فالآیة تصف المؤمنین الحقیقیین بأنّهم عندما یمتلکون القدرة ویصلون إلى تشکیل الحکومة فإنّهم سیقیمون هذه الفرائض الإلهیّة الکبیرة، وهنا یتبیّن لنا دور الحکومة فی إصلاح المجتمع من وجهة نظر الإسلام.

5 ـ تشیر الآیات (43 ـ 56 من سورة یوسف) بوضوح إلى حدث یتبیّن من خلاله ضرورة الحکومة، وذلک أنّ ملک مصر یرى مناماً ویطلب من یوسف الذی کان وقتها فی السجن أن یفسّر له تلک الرؤیا بدقّة بعد أن ذاع صیته فی تفسیر الأحلام، فیکشف یوسف(علیه السلام)شیئاً من مستقبل مصر من خلال تلک الرؤیا حیث ینتظر الناس سبع سنوات من القحط والجوع، وإذا مرّوا من تلک السنین بسلام فإنّهم سیُلاقون سنین الخیر والرفاه، ثم یُبیّن کیفیة إجراء الأعمال الضروریة لمواجهة تلک السنین الصعبة وطرق تحضیر وخزن المواد الغذائیة وطریقة الاستهلاک، فیطلق الملک سراحه ویخرج من السجن ثم یعیّنه مسؤولا عن خزانة مصر، وهکذا یتمّ انقاذ شعب کبیر بأکمله وذلک بمدیریة النبی یوسف(علیه السلام) الصحیحة جنباً إلى جنب مع ملک مصر.

وتبیّن هذه القصة بشکل لا لبس فیه ضرورة وجود الحکومة ذات الاطلاع والتدبیر لتقوم بمهامها لإدارة المجتمعات الإنسانیة وخصوصاً فی الوقائع الصعبة، وأنّه إذا ما حُرمت هذه المجتمعات من الحکومات من ذلک النوع فإنّها لا محالة ستقع فی مشاکل عویصة ممّا ستُسبّب لها اضراراً جسیمة لا یمکن تعویضها.

6 ـ نلاحظ الکثیر من الآیات القرآنیة تشیر إلى أنّ الحکومة الإلهیّة إنّما هی نعمة من نِعَمِ

الله، وذلک بملاحظة الحکومة ودورها الفعّال فی تنظیم المجتمع الإنسانی والحیلولة دون بروز الظلم والعدوان، وتوفیر الجو الملائم للوصول إلى الکمال الإنسانی.

ومن ذلک ما ورد عن النبی داود(علیه السلام) وابنه سلیمان(علیه السلام): (وَکُلاّ آتَیْنَا حُکماً وَعِلْماً).(الانبیاء / 79)

عندما تُعدّ نعم الله الکثیرة على بنی اسرائیل تقول: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ یَاقَوْمِ اذکُرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَیْکُمْ إِذْ جَعَلَ فِیکُم أَنبِیَاءَ وَجَعَلَکُم مُّلُوکاً وآتَاکُمْ مَّا لَم یُؤتِ أَحَداً مِّنَ العَالَمِینَ).(المائدة / 20)

وطبعاً لم یکن جمیع بنی اسرائیل حکاما وملوکاً، لکن عندما ینتخبوا من بینهم حاکماً وملکاً علیهم فإنّ الخطاب یتوجه إلیهم باعتبارهم قوم حباهم الله سبحانه هذه النعمة فانتخب منهم ملوکاً وحکاماً.

ویتحدث القرآن الکریم عن لسان النبی سلیمان(علیه السلام): (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلکاً لاَّ یَنبَغِى لاَِحَد مِّن بَعدِى إِنَّکَ أَنتَ الْوَهّابُ).(ص / 35)

وتُشیر الآیات التی تلیها إلى أنّ الله سبحانه استجاب دعاءه ووهب له حکومة عظیمة ومواهب کثیرة لا نظیر لها، وجاء فی قوله تعالى: (أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَآتاهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ فَقدْ آتَیْنَا آلَ إِبرَاهِیمَ الکِتابَ وَالحِکمَةَ وَءَآتَیْنَاهُمْ مُّلکاً عَظِیماً).   (النساء / 54)

وتکمن أهمیّة هذه المسألة فی أنّ الله سبحانه یُعِدُّ موهبة الحکم مرادفة للعزّة ویَعتبر فقدانها قرینة للذلّة.

یقول سبحانه وتعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِکَ المُلکِ تُؤتِى المُلْکَ مَن تَشَاءُ وتَنْزِعُ المُلکَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِیَدِکَ الخَیرُ إِنَّکَ عَلَى کُلِّ شَىء قَدِیرٌ). (آل عمران / 26)

تشیر کل الآیات التی ذکرناها إلى أهمیّة وجود الحکومة للمجتمعات البشریة من وجهة نظر القرآن الکریم، وفی الواقع إنّ هذا الآیات نافذة على العالَم الواسع للحکومة فی المجتمعات البشریة.

 

 

العلاقة بین الإمامة والحکومةضرورة الحکومة فی الرویات الإسلامیة:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma