آداب الجهاد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
2 ـ السّبق والرّمایةأقسام الجهاد:

أحد أفضل الطرق لمعرفة أصالة المدارس الفکریة هو دراسة کیفیة سلوک أنصار تلک المدرسة مع العدو وخاصة فی میدان الحرب وما بعدها أی مع أسرى الحرب وما تفرزه تلک الحرب.

ودراسة الآیات القرآنیة والرّوایات الإسلامیّة الواردة فی آداب الحرب توضح هذه الحقیقة وهی أنّ الإسلام لم یتخلَّ عن الإهتمام بالمسائل الأخلاقیّة والإنسانیّة حتّى فی أخشن لحظات الحیاة، یعنی میدان القتال، فنجده قد عجن مورد الغضب باللطف والخشونة بالرحمة، ولا شک أنّ على الحکومة الإسلامیّة أنّ تهتم بهذه الأخلاقیّة الرّفیعة التی لها أثر عمیق فی کیفیة نظرة الأجانب للإسلام والتی یمکنها أن تکون وسیلة لاستقطاب هؤلاء وتأملهم فی الدین الإسلامی علّهُمْ یرجعون.

وقد وردت تأکیدات کثیرة فی آیات القرآن على رعایة العدالة وعدم تجاوز الحدود المعقولة والإنسانیّة فی مقابل الأعداء.

من جملة تلک الآیات، قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِى سَبیلِ اللهِ الَّذِینَ یُقَاتِلُونَکُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ یُحِبُّ المُعتَدِینَ). (البقرة/190)

ففی الآیة إشارة إلى ثلاث نقاط، الأولى هی أنّ الحرب لابدّ أن تکون لله وفی سبیل الله لا من أجل السلطة والإنتقام.

والاُخرى هی أنّ الحرب لابدّ أنْ تکون ضد المعتدی، أی مالم تُشنَّ الحرب علیکم، لا تمدوا أیدیکم إلى السلاح.

 

والنقطة الثّالثة هی عدم تجاوز الحدود فی میدان الحرب، ورعایة الأصول الأخلاقیة.

وعلیه، فإن وضع العدو سلاحه واستسلم، فلا ینبغی قتاله، وکذا الحال بالنّسبة لأولئک الذین لا یقدرون على الحرب والقتال کالعجزة والشّیوخ والأطفال والنّساء، فلا ینبغی إلحاق الأذى بهم، کما أنّ تدمیر البساتین والمزارع وهدم الأماکن الّتی یمکن أن یستفاد منها، واللجوء إلى استخدام الأسلحة ذات الدّمار الشامل، کل ذلک من مصادیق التعدّی على الأبریاء والأسالیب غیر الإنسانیّة، وهی ممنوعة فی نظر الإسلام.

وفی نفس السورة (بعد تلک الآیة بعدّة آیات) یؤکد تعالى مرّة أخرى على هذا المعنى ویقول:

(فَمَنِ اعتَدَى عَلَیکُم فَاعْتَدُوا عَلَیهِ بِمثِلِ ما اعتَدَى عَلَیْکُم وَاتّقُوا اللهَ وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُـتَّقِینَ).   (البقرة / 194)

وفی هذا إشارة إلى أنّکم إذا أردتُم نصر الله لکم والإنتصار فی الحرب، فعلیکم اجتناب التّعدی والّتمادی فی القتال.

ونفس هذا المعنى أکدت علیه سورة المائدة بشکل آخر، حیث تصرح الآیة قائلة: (وَلاَ یَجرِمَنَّکُمْ شَنَئَانُ قَوْم أَنْ صَدُّوکُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا).   (المائدة / 2)

(وتسیطر علیکم روح الإنتقام الناشئة من سلوک أعدائکم الخشن فی الحدیبیة).

وفی الرّوایات الإسلامیّة أیضاً وردت تعبیرات مختلفة وإرشادات کثیرة فی مورد رعایة الأصول الأخلاقیّة الإنسانیّة فی میدان الحرب وبعد الإنتهاء منها تجاه الأعداء، وتتجلى فی هذه الرّوایات العواطف الإنسانیّة وروح السّلم بشکل واضح.

کتب أرباب السّیر فی سیرة رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه متى ما أمرَ جیشاً بالسّیر إلى حرب، کان یستدعی الجیش وقادته ویعظهم ویرشدهم بمواعظ وإرشادات منها: «إذهبوا باسم الله تعالى...»(1).

اغزوا بسم الله وفی سبیل الله تعالى، قاتلوا من کفر بالله ولا تغدروا ولا تغلّوا ولا تمثلّو، ولاتقتلوا ولیداً ولا متبتلا فی شاهق ولاتحرقوا النخل ولا تغرقوه بالماء ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعاً وأنّکم لا تدرون لعلکم تحتاجون إلیه ولا تعقروا من البهائم ممّا یؤکل لحمه إلاّ ما لابدّ لکم من أکله وکان ینهى عن إلقاء السم فی بلاد المشرکین ورسول الله(صلى الله علیه وآله) نفسه لم یتعامل مع الأعداء بغیر هذا التّعامل الإنسانی، فلم یتوسل بالإغارة لتحقیق النصر، وکان یرى جهاد النّفس مقدّم على کل شیء.

والتّدقیق فی هذه الإرشادات الدّقیقة جدّاً، یبیّن بوضوح أنّ الإسلام لم یغفل عن المسائل الأخلاقیّة المرتبطة بالحرب أبداً، وإن شخص الرسول(صلى الله علیه وآله) کان یعمل بها بحذافیرها تجاه العدو، لا مثل الأشخاص الذین یدافعون عن حقوق الإنسان بألسنتهم فقط، وأمّا أعمالهم فلا تشیر إلى شیء من ذلک.

ومضافاً إلى ذلک فإنّ التأکید على أنّ جهاد النّفس أفضل الجهاد، إشارة إلى أنّ المسلم الحقیقی هو المسلم الذی یراعی الأصول الإنسانیة فی میدان الحرب.

وممّا ذکر یتّضح أنّ الإسلام یمنع من استخدام الأسلحة الکیمیائیة وکل سلاح ذی دمار شامل، وعلى الحکومة الإسلامیّة أن تجتنب استخدام مثل هذه الأسلحة.

وفی حدیث آخر عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) قال: «فإذا کانت الهزیمة بإذن الله فلا تقتلوا مُدْبِراً ولا تصیبوا مُعْوراً ولا تجهزوا على جریح ولا تهیجوا النّساء بأذى وإن شَتَمْنَ أعراضکم وسببنَ اُمراءَکُم»(2).

ومن خلال التأمل فی حدیث النّبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله) الذی ذکرناه وأوامره إلى الجیش وقادته قبل الحرب، یتضح لنا أنّ هذه الإرشادات إنّما هی من متبنیات الإسلام الأساسیّة فی الجهاد والحرب ضد الأعداء، وعلى الحکومة الإسلامیّة أن تعمل کلّ ما بوسعها من أجل إحیاء تلک المبانی والمحافظة علیها.

 


1. منتهى الأمال، ج1، ص16، فی باب الفضائل الأخلاقیة عند النّبیّ (صلى الله علیه وآله) وذکر العلامّة المجلسی شبیه هذا المعنى فی بحار الأنوار، ج97، ص25.
2. نهج البلاغة، الرسالة14.
2 ـ السّبق والرّمایةأقسام الجهاد:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma