الرکن الثانی: السلطة التنفیذیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
المسؤولیة الرئیسیة لمجلس التشریع الإسلامی:النظام التنفیذی للحکومة الإسلامیة فی عصر النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله):

القوانین بشکل مجرد، عبارة عن کلمات مدونة على الورق، ولا تظهر قیمتها الحقیقیة إلاّ بعد أن تصل إلى مرحلة التطبیق العملی، وهی بالضبط تشبه وصفة الطبیب، التی مهما کانت دقیقة وصحیحة فی تشخیصها للداء والدواء، لن یکون لها أدنى تأثیر یذکر على حالة المریض إلاّ بعد أن یُعمل بها، إذ إنّ تشخیص المرض، والقیام بجمیع التحلیلات وبدقة، والمعرفة الصحیحة بکمیة ونوعیة الأدویة کلها على حدة، والتطبیق العملی لها، على حدة، بل إنّ الرکن الأساسی یتمثل بالجوانب العملیة.

إنّ أی قانون مهما کان مثالیاً وقیّماً، لن یکون له أدنى تأثیر مالم نتحرک نحو تطبیقه، فـ«السلطة التنفیذیة» هی التی تحفظ ماء وجه السلطة التشریعیة.

وبالرغم من أنّ هذه المسألة تعدّ من الواضحات، إلاّ أنّ القرآن الکریم لدیه إشارات غنیّة المعنى بشأنها، ومن ذلک:

1 ـ عندما بُلّغ النبی موسى(علیه السلام) بالرسالة فی جانب الطور فی الوادی الأیمن، وأخذ الأمر بالتصدی لفرعون وانقاذ بنی اسرائیل والدعوة إلى التوحید والحق والعدالة، طلب من الله تعالى أن یعینه على تنفیذ ذلک وقال: (وَاجْعَلْ لِّى وَزِیْرَاً(1) مِنْ أَهْلى * هَارُونَ اَخى * اشْدُدْ بِهِ اَزْرِى * وَاَشْرِکْهُ فى اَمْرِى).(طه / 29 ـ 31)

2 ـ ونطالع فی قصة «بنی اسرائیل» و«طالوت»: عندما انتفض بنو اسرائیل من ظلم «جالوت»:، ذلک الرجل الذی أخرجهم من دیارهم وأسّر أبناءَهم، فخططوا لقتاله وخوض الحرب ضده، ولتطبیق هذه الخطة، لابدّ من قائد خبیر وجدیر، ومدبّر من جمیع الجوانب، ومن أجل اختیار مثل هذا الرجل، قصدوا نبی زمانهم «اشموئیل» وقالوا له: (ابْعَث لَنا مَلِکَاً نُّقَاتِلْ فِى سَبِیلِ اللهِ).   (البقرة / 246)

فأوحى إلیه الله تعالى بأن یختار طالوت، ذلک الشاب المؤمن الواعی والشجاع، وقال: (إِنَّ اللهَ قَد بَعَثَ لَکُم طَالُوتَ مَلکِاً).(البقرة / 247)

3 ـ ونقرأ فی قصة النبی یوسف(علیه السلام) کذلک: عندما تنّبأ بسنین عجاف من الناحیة الاقتصادیة لأهل مصر، ووضع لهم برنامجاً حکیماً لتجاوز هذه السنین الصعبة، اختار سلطان مصر النبی یوسف(علیه السلام) لتنفیذ ذلک البرنامج والاشراف علیه، وتمّ ذلک الاختیار باقتراح من النبی یوسف(علیه السلام)، إذ یقول القرآن الکریم بهذا الشأن: (قَالَ اجْعَلْنِى عَلَى خَزَآئِنِ الأرْضِ إِنّىِ حَفْیِظٌ عَلِیمٌ).   (یوسف / 55)

وتمکن النبی یوسف(علیه السلام) بما یمتلکه من القدرة الجیدة والإدارة الرشیدة، أن یعبر ببلاد مصر من تلک السنین العجاف ویحافظ علیها.

4 ـ ممّا لا شک فیه أنّ الأرض شهدت قیام حکومة النبی سلیمان(علیه السلام) والتی تعدّ من أکبر الحکومات التی قامت على وجه البسیطة، ولغرض دفع عجلة تطور المجتمع البشری إلى الأمام، ونشر العدالة فیه، لجأ النبی سلیمان(علیه السلام) إلى الاستفادة القصوى من جمیع الوسائل والسبل الممکنة، وبدرجة عالیة من الحنکة الإداریة والضبط العالی، وبعبارة أُخرى، فقد سخّر الله تعالى له کل الامکانیات اللازمة لتحقیق تلک الأهداف، وتمکن هو أیضاً ومن خلال الاستفادة من هذه الوسائل، أن یحقق اهدافاً هامّة وسامیة.

ویشیر القرآن الکریم فی سورة النمل المبارکة فی شرح قصة حکومة داود وابنه سلیمان(علیهما السلام)، إلى العلم الواسع والجم الذی یتمتعان به(علیهما السلام) إذ یقول تعالى:

(وَلَقَدْ آتَیْنا دَاوُدَ وَسُلَیْمانَ عِلْماً...) ثم یضیف قائلا: (وَوَرِثَ سُلَیْمانُ داوُدَ وَقالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِیَنا مِنْ کُلِّ شَىء).   (النمل / 15 ـ 16)

 

ویتحدث القرآن الکریم فی سورة سبأ المبارکة عن الأب وابنه(علیهما السلام) إذ یقول تعالى:

(وَلَقَدْ آتَینَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا یا جِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّیْرَ وَاَلَنَّا لَهُ الحَدیدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات وَقَدِّرْ فىِ السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنّىِ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِیر * وَلِسُلَیْمانَ الرِّیْحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَواحُهَا شَهْرٌ وَاَسَلْنَا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَنْ یَعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِاِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ یَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِیرِ * یَعْمَلُون لَهُ مَا یَشَاءُ مِنْ مَّحارِیبَ وَتَماثِیلَ وَجِفَان کَالْجَوَابِ وَقُدُور رَّاسِیَات اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُکْراً وَقَلِیلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّکُورُ). (سبأ / 10 ـ 13)

إنّ القوّة الإداریة التی کان یتمتع بها سلیمان(علیه السلام) وشدة انضباطه فی الأمور التنفیذیة وإدارة البلاد، کانت إلى درجة أنّه عندما قضى فیها نحبه وهو متکیء على عصاه (ولهذا السبب مات واقفاً)، کان عماله من الجِن یؤدّون واجباتهم بمنتهى الدقة، حتى أکلت دابة الأرض منسأته وسقط على الأرض، کما جاء ذلک فی القرآن الکریم:

(فَلَمَّا قَضَیْنَا عَلَیهِ المَوتَ مَادَلَّهُم عَلَى مَوتِهِ إِلاَّ دابَّةُ الأَرْضِ تَأکُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لَّوْ کَانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِى الْعَذَابِ الْمُهِینِ).   (سبأ / 14)

وکل هذه الاُمور تحکی عن مدى الإدارة المحکمة والقویة لسلیمان(علیه السلام) وشدّة التزامه وانضباطه فی العمل.

وکما یلاحظ فی عالم الخلقة من أنّ المکلّفین من قبل الله تعالى بتنظیم وإدارة العالم فی مختلف المجالات والمشار إلیهم فی القرآن الکریم: (وَالْمُدَبِّراتِ أَمْرَاً).   (النازعات / 5)

ووردت الکثیر من الإشارات الاُخرى أیضاً بشأن أعمال الملائکة فی هذا المجال، ففی عالم البشریة أیضاً لا یمکن اشاعة النظام وتنفیذ القوانین بدون جهاز تنفیذی قوی ومنظّم ومعتبر یتمّ فیه تقسیم الأعمال وتوزیع المسؤولیات.

ویتضح هذا الأمر بشکل جلی فی کتاب الإمام علی(علیه السلام) لمالک الاشتر(رضی الله عنه)الذی یضم النموذج الکامل للنظام التنفیذی من حیث کیفیة ادارة الدولة.

فبعد أن یشیر الإمام علی(علیه السلام) فی هذا الکتاب إلى مسألة المستشارین ینتقل للإشارة إلى واجبات مالک الاشتر(رضی الله عنه)باعتباره حاکم بلاد مصر، إذ یأمره(علیه السلام)ویقول: «اختر وزراءک من الأفراد ذوی السیرة الحسنة والأذکیاء».

ومن ثم ینتقل إلى ذکر الاُمور والجوانب الإداریة والتنفیذیة المختلفة للدولة، فیشیر فی البدایة إلى مسألة القوّة الدفاعیة والجیش الإسلامی المقتدر، ومن ثم یشیر إلى الموظفین والعمال الحکومیین، وبعد ذلک یشیر إلى القضاة، ثم ینتقل إلى التجّار والاُمور التجاریة والصناعیة والاقتصادیة، وأخیراً یتناول المسائل المتعلقة بالمحتاجین، والمعوزین فی المجتمع، ویتطرق إلى شرح وواجبات ومسؤولیة کل منهم فی هذا المجال من خلال شرح مستفیض ودقیق، ویذکر فی ذلک أدق الاُمور وأظرفها.

إنّ هذا العهد الذی یعدّ فی الواقع مستخلصاً من آیات القرآن الکریم والروایات النبویة الشریفة، تمّ تنظیمه بالشکل الذی لم تتمکن فیه القرون الأربعة عشر أن تغطیه بغبارها وتجعل منه عهداً تقادمت علیه السنون فعادَ قدیماً فحسب، بل إنّ عظمته واشعاعه أصبح أکثر بهاءً بمرور الزمان علیه، حیث بعدُ نموذجاً بارزاً من التخطیط الإسلامی فی مجال الاُصول التی ینبغی أن تسیّر الإدارة الإسلامیة، والنظام التنفیذی فی الحکومة الإسلامیة علیها.


1. یقول «الماوردی» فی الأحکام السلطانیة: من الممکن أن یکون وزیر من مادة «وزر» ای مشتق من الثقل، ذلک انه یتحمل المسؤولیة، أو من مادة وزر بمعنى الملجأ والملاذ (لانه ملجأ الناس)، «أومن» مادة «أزر» بمعنى السند (لأنّ السند الرئیسی هو الله تعالى. (الأحکام السلطانیة، ص24).
المسؤولیة الرئیسیة لمجلس التشریع الإسلامی:النظام التنفیذی للحکومة الإسلامیة فی عصر النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله):
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma