وردت روایات کثیرة عن النّبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله) والأئمّة المعصومین(علیهم السلام) فی بیان أهمیّة الکتاب والکتابة، وإلیک نماذج من تلک الروایات:

1 ـ ورد فی حدیث عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال:

«قَیـِّدوا العِلْمَ. فقیل: یا رسول الله، وَما تَقْییدُهُ».

قال(صلى الله علیه وآله): «کِتابَتُهُ»(1).

2 ـ وفی حدیث آخر عنه أیضاً: «اُکْتُبُوا العِلْمَ قَبْلَ ذَهاب الْعُلَماءِ وَإنَّما ذَهابُ العِلْمِ بِمَوتِ الْعُلَماءِ»(2).

3 ـ قال الإمام الصّادق(علیه السلام) لأحد أصحابه: «أُکْتُبْ وبُثَّ عِلْمَکَ فِی إخوتِکَ فإنْ مِتَّ فورِّثْ کُتُبَکَ بنیک، فإنَّهُ یأتی على النّاس زَمانُ هَرَج ما یأنسونَ فیه إلاّ بِکُتبِهِمْ»(3).

4 ـ وفی حدیث آخر عنه أیضاً: «مَنَّ اللهُ على النّاس بَرِّهم وفاجِرِهِمْ بالکتاب والحسابِ ولولا ذلک لتغالطوا»(4).

5 ـ یقول أمیر المؤمنین(علیه السلام) فی حدیث رائع جدّاً ومختصر: «الکُـتُبُ بَساتُینُ العُلَماءِ»(5).

والبساتین لها هواء لطیف، ولها مناظر خلاّبة، وفیها أنواع الثمار، وفیها أنواع الأوراق والورود والأعشاب الطبیّة، وفی الحقیقة، فإنّ الکتاب له کلّ تلک الآثار.

6 ـ وفی حدیث آخر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله)، ورد بتعبیر رائع جدّاً یُبِّین فیه أهمیّة الکتاب والکتابة بطرز محیّر للعقول، یقول(صلى الله علیه وآله): «ثلاث تخرِقُ الحجبَ، وتنتهی إلى مابین یدی الله: صریرُ أقلامِ العلماءِ، وَوَطءُ أقدام المجاهدینَ، وصوتُ مغازلِ المُحصَناتِ»(6).

وفی الواقع، کلّ واحد من هذه الأصوات الثّلاثة خفیٌّ فی الظّآهر إلاّ أنّه فی باطنه وواقعهِ جوهری، وکلّ واحد منها إشارة إلى إحدى المسائل الاساسیّة فی المجتمعات البشریّة «العلم والکتابة» «الجهاد والشّهادة» «السّعی والعمل»!

7 ـ یقول الإمام الصّادق(علیه السلام) للمفضّل ضمن بیان نعم الله العظیمة على البشریة:

«وکَذَلِکَ الکِتابَةُ الَّتی بِها تُقَیَّدُ أخْبارُ الْماضِیْنَ لِلْباقینَ وَأَخْبارُ الْباقینَ لِلآتینَ وَبِها تُخَلَّدُ الْکُتُبُ فِی الْعُلُومِ وَالآدابِ وَغَیْرِها وَبِها یَحْفَظُ الإنْسانُ ذِکْرَ ما یَجْرى بَیْنَهُ وَبَیْنَ غَیْرِهِ مِنَ الْمُعامِلاتِ وَالْحِسابِ، وَلَوْلاهُ لانْقَطَعَ اَخبارُ بَعْضِ الأزْمِنَةِ عَنْ بَعْض، وَأَخْبارُ الْغائبینَ عَنْ أوْطانِهِم، وَدَرَسَتِ الْعُلُومُ وَضاعَتِ الآدابُ، وَعَظُمَ ما یَدْخُلُ عَلَى النّاسِ مِنَ الْخَلَلِ فِی أُمُورِهِمْ وَمُعامِلاتِهِمْ، وَما یَحْتاجُونَ إلَى النَّظَرِ فِیهِ مِنْ أمْرِ دِینِهِمْ وَما رُوِیَ لَهُمْ مِمّا لا یَسَعُهُمْ جَهْلُهُ»(7).

8 ـ ونختم هذا البحث بروایة عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) تکشف الستار عن أهمیّة بقاء الآثار العلمیة بواسطة الکتابة، وتدعو العلماء وتحفزهم وتشدُّهُمْ إلى ذلک، یقول(صلى الله علیه وآله):

«الْمُؤمِنُ إذا ماتَ وَتَرَکَ وَرَقَةً واحِدَةً عَلَیْها عِلْمٌ، تَکُونُ تِلْکَ الْوَرَقَةُ یَوْم القِیامَةِ سِتْراً فیما بَیْنَهُ وَبَیْنَ النّارِ وَأعْطاهُ اللهُ تَبارَکَ وَتَعالى بِکُلِّ حَرْف مَکْتُوب عَلَیْها مَدینَةً أوْسَعُ مِنَ الدُّنْیا سَبْعَ مَرّات»(8).

1. بحار الأنوار، ج2، ص151.
2. کنز العمال، ح 28733.
3. بحار الأنوار، ج2، ص150.
4. فروع الکافی، ج5، ص155.
5. غرر الحکم.
6. الشهاب فی الحکم والآداب، ص22.
7. بحار الأنوار، ج58، ص257.
8. المصدر السابق، ج1، ص198.