آخر نقطه مهمّة اُخرى نذکرها کخاتمة فی بحث الثقافة الحاکمة على الجهاز التنفیذی فی الحکومة الإسلامیّة بالرغم من المطالب الکثیرة فی هذا المجال، وهی الأهمیّة القصوى للاهتمام بالمحرومین فی الثقافة الإسلامیّة، ففی العهد المذکور لمالک الأشتر وعندما یصل الإمام علی(علیه السلام) إلى هذا الموضوع یتغیّر لحن کلامه کلّیّاً، ویقول:
«ثُمَّ اللهَ اللهَ فی الطَّبَقَةِ السُّفْلى مِنَ الَّذینَ لا حِیَلَةَ لَهُمْ مِنَ المَساکِینِ وَالْمُحْتاجِینَ وَاَهْلِ الْبُؤْسَى وَالزَّمْنى فَاِنَّ فی هذِهِ الطَّبَقَةِ قانعاً وَمُعْتَرّاً وَاحْفَظْ للهِ مَااسْتَحْفَظَکَ مِنْ حَقَّهِ فیهِمْ، وَاجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَیْتِ مالِکَ، وَقِسْماً مِنْ غَلاّتِ صَوافی الإِسْلامِ فِی کُلِّ بَلَد، فَاِنَّ لِلأقْصى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِی لِلأَدْنى، وَکُلّ قَدْ اسْتُرعِیتَ حَقَّهُ فَلا یَشْغَلَنَّکَ عَنْهُمْ بَطَر، فَاِنَّکَ لا تُعْذَرُ بِتَضْییعِکَ التّافِهَ، لاحْکامِکَ الْکَثَیرَ المُهِمَّ، فَلا تُشْخِصْ هَمَّکَ عَنْهُمْ وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لَهُمْ»(1).
إنَّ هذا التّأکید والإصرار الشدید الذی لا نظیر له لأمیر المؤمنین(علیه السلام) بالنّسبة إلى هذه الطبقة یعتبر من أوضح معالم العدالة الاجتماعیّة فی الإسلام لحفظ حقوق النّاس وخاصّة الطبقة المُستضعَفة، والأسلوب العملی الّذی اتّبعه الإمام(علیه السلام) فی أیّام حکومته شاهد على هذا المدّعى.