ضرورة الحکومة فی التصور العقلی:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
ضرورة الحکومة فی الرویات الإسلامیة:أهداف الحکومة الإسلامیّة

کان ما ذکرناه حول ضرورة الحکومة فی التصور القرآنی والروائی والتی أشارت جمیعها وبالأدلة القاطعة على ضرورة وجود الحکومة للمجتمعات الإنسانیة، وهنا نُشیر إلى ضرورة الحکومة من خلال الأدلة العقلیة حتى تتّضح المسألة لنا أکثر.

وتنطلق هذه الأدلة أحیاناً فی تصور شخص یؤمن بالتوحید، وأحیاناً اُخرى نراها من وجهة نظر الشخص المادی، حیث نلاحظ عاملا مشترکاً بینهما وهو اعتقادهما بضرورة وجود الحکومة للمجتمع البشری وإن کانت آراؤهما تتفاوت وتتباین فی أحایین اُخرى.

ویمکن الإشارة إلى الأدلة المشترکة فی التصور العام فیما یخصّ هذا الموضوع وهی:

أولا: إنّ حیاة الإنسان تنطبع بطابع اجتماعی بحیث لو خَلَتْ حیاته من هذه الصفة فإنّها ستکون فی أدنى مستوى لها من الجاهلیة والوحشیة والانحطاط، لأنّ کل المنافع والآثار

الإیجابیة والبنّاءة فی حیاة البشر بما فیها الحضارة والتقدّم والکمال والعلوم والفنون والصناعات المختلفة، کلها نابعة من برکة الحیاة الاجتماعیة والعمل المشترک والتعاون فیما بین البشر فی المجالات المتعددة.

فما لَمْ تنَضَّم الطاقات الفکریة والبدنیة البسیطة بعضها إلى البعض الآخر، فلا مجال لوجود الحرکات والانبعاثات العظیمة فی المجتمع بأی حال من الأحوال، وببساطة: لو إنفصل الإنسان عن المجتمع فسیکون کالحیوان، فمن جهة نجد الرّغبات والآمال الداخلیة والحیاة الاجتماعیة التی تهبه کل تلک القدرة والإمکان للتقدم والتطوّر نحو الأفضل، ومن جهة اُخرى بما أنّ الحیاة الإنسانیة فی داخل المجتمع على الرغم من أنّ کل تلک الآلاء والنَّعم لا تخلو من النزاع والمنافسة لیس بسبب غلبه الأنانیة وحب الذّات فقط، بل لاشتباه الکثیر من أفراد المجتمع فی تشخیص الحدود والحقوق فیما بینهم، لذا فإنّ دور القوانین هنا یکون ضروریاً لتحدید حقوق الأفراد وسَدّ الطریق أمام التعدّیات والتجاوزات اللامشروعة.

کذلک فإنّ هذه القوانین لا یمکن أن تؤثر لوحدها فی ردع الاعتداءات والنزاعات إلاّ إذا انبرى إلى تنفیذها أفرادٌ یُعتمد علیهم فی المجتمع، وبعبارة اُخرى، فالحکومة وحدها تستطیع أن تعزّز القوانین وتنفذها فی المجتمع وتحول دون انتشار الفساد وسفک الدماء والاعتداء على حقوق الآخرین ـ ولو بصورة نسبیة.

ولذلک نرى الأقوام البشریة ومنذ القِدمَ سعتْ إلى إیجاد حکومة لها.

ثانیاً: لو افترضنا أنّه یمکن للناس العیش بسلام بدون حکومة (وهو مُحال بالطبّع)، فلا یمکن على أیة حال الوصول إلى التقدّم والکمال فی العلوم والمعارف والصناعات ومختلف الشؤون الاجتماعیة دون وجود برنامج دقیق ومدیریة عالمة، وهذه هی أشکال اُخرى للحکومة.

ومن هذا المنطلق فإنّ جمیع العُقلاء فی العالم یؤکدون على ضرورة تشکیل الحکومة للمجتمعات البشریة إلاّ ما یُرى نادراً فی کلمات بعض المؤیدین للشیوعیة من أنّه لو قُضیَ

على النظام الطبقی للمجتمع فلا تعود هناک ضرورة لأی حکومة، إذ یعتقدون أنَّ الدولة والحکومة إنّما تُساعد على الحفاظ على منافع الطبقة الرأسمالیة وحسب، وعندما یتمّ القضاء على هذه الطبقیة فلا یبقى سبب لوجود الحکومة.

ولکن من الواضح أنّ کل ذلک إنّما هو محض خیال وأوهام لا وزن لها فی میزان العقل والمنطق، ذلک أنَّ الوصول إلى حالة عدم وجود الطبقیة فی العالَم، أو أن یکون کل البشر فی مستوى معاشی واحد، إنّما هو حُلُمٌ وخیال لا أکثر وخاصة فی الوضع الحالی الذی تمرّ به المجتمعات البشریة.

ولو فرضنا أننا یمکننا الوصول إلى مجتمع کهذا والقضاء على النظام الطبقی والحکومی الحافظ لهذا النظام، تبقى الحاجة إلى برنامج دقیق ومدیریة ضروریة للوصول إلى التقدّم العلمی والصناعی والحفاظ على السلامة الاجتماعیة والنظام والحریة وتأمین الغذاء والسکن وسائر الاحتیاجات. فهل یمکن مثلا الاستغناء عن وزارة التربیة والتعلیم فی سبیل وضع برنامج صحیح لغرض تعلیم وتربیة الشباب؟ وهل یمکن بدون وجود وزارة الصناعة الحفاظ على العوامل الصناعیة؟ وهل بالإمکان ردّ العدوان والهجوم الأجنبی دون وجود وزارة الدفاع؟ ولو افترضنا عدم حدوث حرب فی العالم، فهل یمکن إیجاد النّظم فی المجتمع الإنسانی مع غیاب قوى الأمن فی ذلک المجتمع؟

على أیّة حال فإنّ هذه المسألة تعتبر من البدیهیات وهی أنَّ المجتمع الإنسانی لا یمکنه العیش بسلام دون وجود الحکومة ولو لیوم واحد، وحتى الذین لا یؤیدون هذه القاعدة لم یصلوا إلى أیّة نتیجة ورجعوا خائبین.

صحیح أنَّ الحکومات المستبدّة والظالمة هی التی تکون بؤرة للفساد ومنبع البؤس على طول التاریخ للبشریة ولا تزال، ولکن لوحدث وتهدّم النظام القائم لهذه الحکومات وتأخر تشکیل حکومة اُخرى تخلف تلک الحکومة لیوم أو أکثر، وفی حالة غیاب الحکومة، فستکون النتیجة لذلک، الهرج والمرج وحالة من اللاأمن والتدهور وإزدیاد الشَغَب فی جمیع البلاد، وسنرى أنَّ وجود الحکومة الظالمة أفضل بکثیر من غیابها.

 

وأمّا الذین یؤمنون بإرسال الرّسُل وانزال الکتب السماویة من قِبَل الله تعالى فهم یفهمون مسألة ضرورة الحکومة بشکل أوضح وأکثر بیاناً، لأنّهم یؤیدون من جهة، الأهداف التی من أجلها بُعِثَ الأنبیاء والتی ذُکِرَتْ فی المصادر اللاهوتیة، إضافة إلى الأدلة العقلیة التی تسندها، ومن جهة أُخرى، فإنّ الوضع بدون تشکیل الحکومة لا یمکن أن یُطاق أبداً، فمثلا إِنَّ مسألة التربیة الصحیحة والتعلیم وتزکیة النفوس وتطهیرها لا یمکن أجراؤها دون وجود الحکومة.

والآن تصوّروا أنَّ جمیع المدارس والجامعات فی عصرنا الحاضر هی تحت سلطة حکومة علمانیة أو أنّها لاتعیر أهمیّة للقیم الدینیة، وأنَّ وسائل الاعلام کالرادیو والتلفزیون والصُّحف تُدار أیضاً من قِبَل نفس النظام، ثم سعینا عن طریق النصائح والإرشادات أو على الأکثر الاستفادة من المساجد والمنابر لتعلیم الناس أهداف ومبادىء الأنبیاء والتعلیم والتربیة الدینیة، فإننا حتماً لن نصل إلى أیّ مردود، بل ستبقى أنواره ضعیفة فی قلوب بعض الاتقیاء وهم أقلیة، ولکن متى ما تشکّلت حکومة تبنی أساسها على الإیمان والتوحید والاعتقاد بالله وتؤمن بالمقدّسات وتأخذ أمر هذه المراکز الحساسة على عاتقها، فإنّ الأمر حینئذ سیختلف تماماً.

وبالنسبة إلى موضوع (العدالة الاجتماعیة) و(قیام الناس بالقسط) وهما الهدف الآخر فإنّ الأمر یبقى هو هو، إذ کیف یمکن إقامة القسط والعدل مع وجود حکومة ظالمة تفتقدُ إلى الإیمان والدین أو عمیلة ومرتبطة بالاستکبار والاستعمار؟

وباختصار، فإنّ أیّاً من الأهداف التی جاء من أجلها الأنبیاء لا یمکن تحقیق الجزء الأعظم منها إلاّ بوجود الحکومة، ولذا نرى أنَّ الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) لم یکن لیتمکّن من الوصول إلى الأهداف الإسلامیة السامیة إلاّ بعد أن قام بتشکیل الحکومة، وکذلک الحال مع الأنبیاء الآخرین الذین استطاعوا التوصل إلى التوفیق المنقطع النظیر بعد أن قاموا بتکوین الحکومة، بینما ظَلَّ أولئک الأنبیاء الذین لم یحققّوا نجاحاً فی تشکیل الحکومة مضطهدین من قِبَلِ الطبقات الفاسدة فی مجتمعهم.

 

ونفس الحالة ستتواجد فی آخر الزمان على ما ذُکِرَ، إذ لا یمکن نشر التوحید والعدل إلاّ بتشکیل الحکومة، حکومة المهدی(عج) العالمیة، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى فإنّ الأحکام الإسلامیة لا تنحصر فی إطار (العبادات) وحسب، بل إنّ لدینا احکاماً جمّة تهتم بالشؤون السیاسیة والاجتماعیة للمسلمین، کأحکام الحدود والدیّات والخُمس والزکاة والانفال وما شاکل.

فهل یمکن جمع حقوق مستحقی الزکاة وأخذها من الأغنیاء دون وجود حکومة؟ أو هل یمکن تنفیذ کافة الاُمور القضائیة فی الإسلام؟ کیف یمکننا ضمان إجراء الحدود والحدّ من أعمال المفسدین؟ وإذا تعرّض البلد المسلم إلى الهجوم والعدوان، کیف یمکن بدون وجود الحکومة تعبئة الجیوش المجربّة وتهیئة الأسلحة المختلفة للدفاع عن حیاض الإسلام ودرء الخطر الخارجی؟

وخلاصة الکلام: إنّه من غیر تشکیل حکومة عادلة وشعبیة على أساس العقائد الدینیة، فإنّ القسم الأعظم من الأحکام الإسلامیة ستظلّ معطّلة، لأنّه لا یمکن بدون مساندة ووجود الحکومة إجراء الأقسام الثلاثة الرئیسیة فی الدین الإسلامی، (السیاسیّات) وهو برنامج الحکومة وعمودها الفقری، و(المعاملات) التی لا تستقرّ إلاّ بوجود الحکومة، وحتى (العبادات) کالحج وصلوة الجمعة والجماعة، کل ذلک لا یمکن أن یتبلور ویتألق إلاّ فی ظل حکومة الله العادلة.

 

ضرورة الحکومة فی الرویات الإسلامیة:أهداف الحکومة الإسلامیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma