1 ـ الجیوش المنظمة والتعبئة الجماهیریّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
روح الجهاد، دفاعٌ لاغزو:2 ـ السّبق والرّمایة

من خلال آیات کثیرة اُخرى واردة فی أبعاد مسألة الجهاد الإسلامی المختلفة یتضح الهیکل العام للقوات المسلحة فی الحکومة الإسلامیّة وخصائصها، وتبدو امتیازاتها على سائر مناهج المجتمعات الاُخرى فی الأمور العسکریّة.

وبطبیعة الحال فإننا نعیش فی عصر تعقدت فیه الفنون العسکریّة جدّاً، واکتسبت طابع التّخصص، فلا مفرَّ من الاستفادة من القوى المتخصصة فی هذه الفنون من کبار الضّباط وذوی الرتب العسکریّة الذین درسوا فنون الحرب وتمرنوا علیها، وعلیه فمن اللازم إبقاء مجموعة من هؤلاء بعنوان «الکوادر الثّابتة» فی الجیش، لیهتموا لیلا ونهاراً بالأمور الدّفاعیّة والتّخطیط والبرمجة والإستعداد فی کلّ لحظة لمواجهة الخطر الخارجی والدّاخلی، ولکن مع کل ذلک، فدور التّعبئة الجماهیریة العامّة محفوظ فی محله، بل لا یمکن أنْ تؤدّی المجامیع المذکورة دورها بشکل فاعل ومثمر بدون التّعبئة العامة والقوات الجماهیریّة، کما شاهدنا دور هذه القوات الجماهیریّة فی الحرب العدوانیّة التی فرضت على الجمهوریّة الإسلامیّة ولمدّة ثمان سنوات، إذ لولا وجود قوات التعبئة الجماهیریّة، لاحتلت القوات العراقیّة المعادیة مساحات عظیمة من أراضی إیران، وقد کانت هذه القوات العظیمة البطلة هی التی صدت قوات صدام المدعومة من القوى الإستکباریّة العظمى کلّ الدعم.

ولذا، فإن تصور البعض أنّ دور التعبئة الجماهیریّة العامة خاص بذلک الزمن الذی لم تکن الفنون العسکریّة قد تعقدت وتطورت فیه کما هی علیه الیوم ـ کزمن النّبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله)، تصور خاطىء جدّاً.

والیوم أیضاً لا یمکن إنکار دور قوات التّعبئة الجماهیریّة فی الدّفاع عن الدّول الإسلامیّة، والشّاهد الأخر على هذا الموضوع مجاهدو فلسطین المحتلة، فنحن نعلم جیداً أنّ الذی أقلق إسرائیل وسلب النوم من عینیها فی الأراضی المحتلة هو القوات الجماهیریّة غیر النظامیّة والتی تتشکل غالباً من الشبّان والصّبیان ذوی الأعمار الصّغیرة، والذین لا یمتلکون السلاح إلاّ الحجارة فی مواجهة إسرائیل!

فلو لم نکن نعیش نماذج عینیة لهذه القضیّة، فسوف یصعب تصدیق وجود أفراد یقاتلون بالحجارة ویؤرقون العدو فی عصر الأسلحة المتطورة والقنابل الذّریة والصّواریخ العابرة للقارات!

ففی فلسطین المحتلة، لا یوجد جیش نظامی یواجه إسرائیل، وکلّ ما یوجد إنّما هو قوات تعبویة وقوات جماهیریة غیر منظمة، اکتسبت بمرور الزّمن تجربة جیدة وخبرات کثیرة حتى صارت عملیاً وکأنّها جیش مدرب، مع وجود مجامیع لا تزال تحارب بنفس الطرق البدائیّة ومع ذلک فقد أقلقت العدو المجهز بأحدث أنواع الأسلحة!

وعلیه ینبغی على الحکومة الإسلامیّة أن لا تتساهل فی مسألة الاستفادة من قوات التعبئة الجماهیریّة مطلقاً.

وعدم وجود قوات تعبویة جماهیریّة فی الدّول الصّناعیّة المتطورة، وعدم استفادة تلک الدوّل من الجماهیر، لیس إلاّ لعدم اعتقاد هؤلاء بوجوب الجهاد بعنوان فریضة إلهیّة عظیمة، فهؤلاء یرون أنّ الحرب مسئوولیة الدّولة فقط، أمّا فی الإسلام فإنّ الجهاد وظیفة کلّ فرد من أفراد المسلمین.

إنّ عظمة الشّهادة وعظمة مقام الشّهداء فی الإسلام أمر غیر معروف عند غیر المسلمین، ومن هنا فإنّ دواعی التعبئة الجماهیریّة غیر موجودة عند الآخرین، أمّا عند المسلمین فهی موجودة دائماً.

وطبیعة الحال، فإنّ تلک الدّول التی لا تعتقد بمثل هذه الثّقافة عندما یصل حدُّ السیف إلى رقابها، وتتعرض بلادهم لخطر الفناء فإنّها قد تفکر فی الإستعانة بتشکیل قوات تعبئة جماهیریّة، أمّا فی الإسلام فإنّ هذه القوات موجودة على الدّوام.

ولذا، فعلى الحکومة الإسلامیّة وبعد الإفتخار بهذه الثّقافة الدّینیّة، أن تهتم جیداً بقوات التعبئة الجماهیریّة حتى فی زمن الصّلح، بل علیها أن تدرب قوات التبعئة الجماهیریّة بمرور الزّمن على الفنون العسکریّة المتناسبة مع عصرها، حتّى یتمکن کل من یقدر على حمل السلاح من التّوجه إلى میدان المعرکة ساعة الخطر.

ومن ذلک الوقت، أصبح تکریم مقام الشّهداء واحترام أُسرِهم وتقدیرهم المادی والمعنوی جزء من إرشادات الإسلام، ومن التّدابیر الأساسیّة لحفظ روح التّعبئة الجماهیریّة الجهادیّة وبقائها فی أوساط المسلمین، ولو نُسی الأمر فإنّه سیترک بدون شک تأثیرات سلبیة خطیرة وکثیرة فی تضعیف الرّوح الجهادیة عند المسلمین.

وکم هو جمیل أن یکون إلى جنب کل مسجد من مساجدنا وحدات للتعبئة الجماهیریة، وأن تعتبر التّعبئة الجماهیریّة عبادة کبیرة إلى جنب الصّلاة، وهذه الأمور لا یمکن تحققها إلاّ فی ظلّ الإعتقادات الصحیحة والثّقافة الدّینیّة، وهی من الأسلحة الإستراتیجیة التی نمتلکها الیوم والتی حرمت منها الدّول الإلحادیة وإن کانت مجهزة بأحدث أنواع الأسلحة والتّدریبات العسکریّة:

ویتضح لنا من خلال الآیة الشریفة: (وَأَعِدُوا لَهُم مَّا استَطَعتُم مِّن قُوَّة).   (الأنفال / 60)

والتی مرَّ الحدیث عنها فی البحث السّابق، أنّ على المسلمین أن یحفظوا استعدادهم وقدراتهم العسکریة حتّى فی زمن الصّلح، فإذا تطورت الفنون العسکریة الحربیّة یوماً بعد آخر فإنّ على المسلمین أنْ یتدربوا باستمرار بحسب ما یتناسب مع ذلک التّطور، کما أنْ علیهم أنّ یحصلوا على تلک الأسلحة المتطورة بأی ثمن کان، ومع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ کلمة «قوّة» تشمل کلّ أنواع القوى المادیّة والمعنویّة، البشریّة وغیر البشریّة، فلابدّ من إعداد کلّ ذلک.

ونقرأ فی القرآن الکریم: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمنُوا خُذُوا حِذْرَکُمْ فاْنْفِرُوا ثُبَات أَوِ انْفِرُوا جَمِیعاً).   (النساء / 71)

وبعد الأخذ بنظر الاعتبار أنّ «الحذر» بمعنى الیقظة والفطنة والإستعداد الدائم لمواجهة المخاطر، وقد تأتی أحیاناً بمعنى الوسیلة التی یمکن بها مواجهة الخطر، یتضح لنا جیداً لزوم الإستعداد الکامل الدّائم عند المسلمین فی مقابل الأعداء.

وجملة (فَاْنَفِرُوا ثُبَات أَوِ انفِرُوا جَمیِعاً) مع الإلتفات إلى أنّ النّفر هو الرّحیل والهجرة، تدلّ على أنّه لا ینبغی للمسلمین الجلوس فی البیوت انتظاراً لهجوم العدو، بل علیهم أنْ یستعدوا لاستقباله ومواجهته ـ قبل أنْ یهجم علیهم ـ ویهجموا علیه مستفیدین من الأسالیب القتالیّة المختلفة لهذا الأمر، فتارة یهجمون بصورة مجامیع متفرقة، واُخرى بصورة حرب عصابات، وتارة بشکل جیش منظم یبدأ بالهجوم على العدو، فیقاتلون فی کلّ ظرف بما یتناسب معه.

 

 

روح الجهاد، دفاعٌ لاغزو:2 ـ السّبق والرّمایة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma