کیفیة انطباق مجالس الشورى مع موازین المشورة الإسلامیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
صفات المستشارین:المسؤولیة الرئیسیة لمجلس التشریع الإسلامی:

هناک سؤال مهم یطرح نفسه وهو: إنّنا موافقون على أنّ مسألة الشورى والمشاورة تعدّ من أهمّ القوانین الإسلامیة الأساسیة، ولکن الطریقة المتبعة حالیاً فی انتخاب مجموعة من الأفراد، الذین یجتمعون فی مجلس معین مثل «مجلس الشورى الإسلامی»، وتتمّ إدارة جلساته طبقاً لقانون خاص بهذا المجلس، ویتناولون فیه القضایا المختلفة بالبحث والدراسة والمشاورة، ومن ثم یصوّتون على تلک الأمور بأکثریة الآراء، وتصبح تلک القرارات لازمة التنفیذ، فما هو الدلیل الشرعی على صحة هذا الأسلوب فی الشورى؟!

وبعبارة أخرى: إنّ مثل هذه المراسیم والإجراءات المعمول بها فی المجالس التشریعیة الفعلیة، لم ترد فی أیّة آیة أو روایة أو سند تأریخی، فکیف نثبت شرعیتها ولزوم الالتزام بلوازمها؟ فی الوقت الذی یشکّل فیه مجلس الشورى فی عصرنا هذا واحداً من الأرکان الأساسیة الثلاثة للحکومة الإسلامیة، بلوائحه الداخلیة وآدابه وتقالیده الخاصة به.

ویلاحظ هذا المعنى أیضاً فی إقرار اللوائح فی المستویات الأدنى، وعلى مستوى مجالس الوزراء والمسؤولین عن المسائل الاقتصادیة والثقافیة والسیاسیة والعسکریة. وفی معرض الإجابة عن هذا السؤال المهم لابدّ أن نقول وباختصار: إنّ مجلس الشورى الحالی یمثل فی الواقع نفس «الصورة المتبلورة للمشورة» والتی وردت فی تعالیم الدین الإسلامی.

وتوضیح ذلک: إنّه من الأفضل فی المسائل الاجتماعیة المتعلقة بالبلاد، التشاور مع جمیع النّاس وفی جمیع أنحاء البلاد، ولکن بما أنّ مثل هذا الأسلوب غیر ممکن عملیاً، وفضلا عن أنّ جمیع النّاس لایملکون الخبرة اللازمة فی جمیع المسائل، فلذلک لا یوجد أیّ حلّ آخر لهذه المسائل سوى أن یُصار إلى انتخاب النواب من قبل النّاس لکی یتشاوروا فیما بینهم، وما یختاره هؤلاء النواب ـ حیث یمثل حضورهم فی ذلک المجلس حضور جمیع النّاس ـ ویصادقون علیه، یعدّ مصداقاً کاملا وجامعاً للشورى الإسلامیة الحقیقیة.

وبما أنّ اتفاق جمیع الآراء فی أغلب المسائل لا یتحقق عادةً، فلا یوجد حلّ لذلک إلاّ من خلال رأی الأکثریة کمعیار ومقیاس لذلک، والذی غالباً ما یکون أقرب إلى الواقع. والأکثریة هنا طبعاً هی الأکثریة المتشکلة من الأفراد المؤمنین والواعین، سیّما وأنّ افتراضنا مبنیّ على أنّ النّاس وبحکم تکلیفهم الدینی ینتخبون ممثلیهم من الأفراد الذین یمتلکون الصفات اللازمة لهذا الأمر.

وبناءً على ذلک فإنّ ما یُقال إنّ القرآن الکریم یذم الأکثریة فی کثیر من الموارد، لا یشمل الموضوع الذی نتحدث عنه قطعاً، إذ إنّ الأکثریة المقصودة فی قوله تعالى: (أَکْثَرُهُمْ لاَ یَعْقِلُونَ).   (المائدة / 103)

وقوله تعالى: (أَکْثَرُهُمْ لاَ یَعْلَمُونَ).   (الأنعام / 37)

وقوله تعالى: (أَکْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ).   (التوبة / 8)

وقوله تعالى: (أکْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ کارِهُونَ).   (المؤمنون / 70)

وأمثالها ناظرة إلى الأکثریة فی المجتمعات المنحرفة والضالّة لا الأکثریة المؤمنة والعالمة والملتزمة.

إنّ هذه الضمائر وبقرینة ما جاء قبلها، تعود جمیعاً إلى المشرکین والجهلاء والمتعصبین وغیر الملتزمین، إذ لم یصرح القرآن أبداً بأن: «أکثر المؤمنین أو أکثر المتقین لا یعلمون ولا یفقهون»، ولهذا السبب فإنّنا نقرأ فی علم الاُصول فی باب «التعادل والتراجیح» عندما یدور الحدیث حول الروایات المتعارضة: إنّ الشهرة بین الفقهاء هی إحدى المرجّحات، والمشهور هو نفس الاستناد إلى قول أکثریة الفقهاء، وقد ورد فی الحدیث: «خُذْ بِما اشتَهَرَ بَینَ أصْحابِکَ وَدَعِ الشّاذَّ النادِرَ، فإنّ المُجْمع عَلَیه لا رَیبَ فِیه»(1).

بل ویستفاد من تاریخ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه کان یحترم رأی الأکثریة من المسلمین فی موارد المشاورة، بالرغم من کونه(صلى الله علیه وآله) یمثل العقل الکلی.

ویتضح ذلک فی معرکة أُحُد عندما شاور المسلمین بخصوص مسألة البقاء داخل المدینة أو الخروج منها وخوض الحرب خارجها، فلما رأى إجماع أکثریة المسلمین على تأیید النظریة الثانیة، قبلها وعمل بها، حتى إنّه(صلى الله علیه وآله) لم یعتن برأیه الشخصی المؤید للأقلیة. فأعطى بذلک أکبر درس فی تاریخ الإسلام بشأن مسألة الشورى(2). وکما هو معلوم لدینا أنّ نتیجة هذا الأمر لم تکن إیجابیة تماماً، ولکن بالرغم من ذلک فإنّ فوائد احترام الشورى کانت أکثر بکثیر من الخسائر الفادحة لمعرکة أُحُد! (فتأمل).

وحصل ما یشبه هذا الأمر أیضاً فی معرکة «الخندق»، فقد جاء فی (مغازی الواقدی) أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان یشاور أصحابه کثیراً فی المسائل والاُمور العسکریة والحربیة، ومن ذلک أنّه قال(صلى الله علیه وآله) لأصحابه قبل وقوع معرکة الخندق: هل نغادر المدینة ونقاتل جیش المشرکین، أم نبقى فی المدینة ونحفر خندقاً حول المدینة، أم نکون على مقربة من المدینة ونجعل الجبل خلفنا؟! وعندها اختلف أصحاب النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) حول هذه المسألة... فرأى جمعٌ من أصحابه أن یخرج النبی(صلى الله علیه وآله)خارج المدینة، ولکن سلمان قال: کنّا إذا داهمنا فرسان العدو وخشیناهم، نحفر الخندق حول المدینة، فهل تجیزنا یا رسول الله أن نحفر خندقاً حول المدینة؟ فنالت وجهة نظر سلمان قبول (أکثر) المسلمین (ورجّحوا حفر الخندق وقبل الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) بهذا الرأی)(3).

ونکرر القول مرّة أخرى، أنّه فی عملیة الشورى، عندما تتعرض مجموعة ما للقیام بمسألة الشورى ـ وخاصة فی المسائل الاجتماعیة المهمّة ـ فقلّما یحصل الإجماع على رأی واحد، ولو أهملت الأکثریة ولم یؤخذ بها، لن ینجز أیّ عمل على الاطلاق.

 

ومن اللازم أن نذکر الملاحظة التالیة أیضاً، وهی أنّ مسألة الشورى والمشاورة، قبل أن یقرّها الدین الإسلامی کانت متداولة بین سائر العقلاء فی العالم أیضاً، وقد أقرها الدین الإسلامی ـ مع إضافة بعض الشروط المهمّة إلیها ـ حیث إنّ الأمر بین سائر العقلاء فی العالم یستند إلى أنّ المعیار هو رأی الأکثریة، هذا فیما یتعلق برأی الأکثریة.

وأمّا اللوائح المعمول بها فی المجالس التشریعیة لاُسلوب إدارة تلک المجالس وکیفیة أخذ الآراء، فهی موضوعة أیضاً على أساس تصویت ذلک المجلس وعن طریق تلک الشورى.

وبناءً على ذلک فإنّ مجالس التشریع الإسلامیة، بجمیع التشریفات المتّبعة فی أمر الانتخابات، والمنتخبین، وإدارة الجلسات، وکیفیة مناقشة المسائل، وتقسیمها إلى مسائل فوریةوغیر فوریة، وأمثال ذلک، فإنّها تمثل نفس «الشکل المنظّم لقاعدة الشورى» التی ینظر إلیها الإسلام باعتبارها إحدى الثوابت الأساسیة، إذ یمکن مطابقة جمیع تلک الممارسات مع هذه القاعدة.

ومن البدیهی أنّه متى ما انحرف أحد المجالس عن نظریة الشورى الإسلامیة من حیث مواصفات المشاورین أو الاُمور الاُخرى، ویُصار إلى انتخاب أفراد غیر واعین أو غیر ملتزمین، أو یتحول المحیط الحر لابداء الرأی إلى جوّ من الضغوط، أو یتمّ اقرار شیء ما خلافاً للقوانین الإسلامیة والضوابط الدینیة المسلّم بها، فإنّ هذا المجلس سوف لن یکون مجلساً اسلامیاً للشورى ولن ندافع عنه اطلاقاً.


1. وسائل الشیعة، ج8، ص75، الباب 9 من أبواب صفات القاضی، ح 1،
2. سیرة ابن هشام، ج3، ص66.
3. مغازی الواقدی، ج1، ص444 (مع التلخیص).
صفات المستشارین:المسؤولیة الرئیسیة لمجلس التشریع الإسلامی:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma