أقسام الجهاد:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
آداب الجهادالحکومة الإسلامیّة والسّلام

الجهاد الإسلامی وإن قسَّمهُ المحققون إلى قسمین هما: الجهاد الابتدائی والجهاد الدفاعی، ولکل منهما فروع اُخرى، ولکن فی الواقع حتى الجهاد الإبتدائی یعتبر جهاداً دفاعیّاً کما سیتضح لنا لاحقاً، وبعد هذه الإشارة نعود إلى آیات القرآن المجید، ونتناولها بالبحث والتحقیق:

1 ـ الجهاد الإبتدائی

ورد فی سورة الحج، والتی یعتقد بعض المفُسرین أنها أول آیة نزلت فی الجهاد: (أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقَاتَلُونَ بِاَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِم لَقَدِیرٌ). (الحج / 39)

ثُم یضیف تعالى فی توضیح المطلب ویقول: (الَّذِینَ اُخْرِجُوا مِنْ دِیَارِهِمْ بِغَیْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ یَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ).

والتعبیر (بالإذن) فی الآیة یناسب ما ذهب إلیه القائلون بأنّها أول آیة نزلت فی الجهاد، وتدلّ على عدم وجود مثل هذا الإذن قبل ذلک.

وعلى أیّة حال، فهی تدلّ بوضوح على أنّ بدایة تشریع الجهاد هو الجهاد الدّفاعی فی مقابل العدو، ذلک العدو الذی أجبر المسلمین على الهجرة وترک منازلهم بلا ذنب اقترفوه، نعم إن کان لهم ذنب فهو الإعتقاد بالله تعالى وحده.

ویذهب البعض الآخر من المفسرین إلى أنّ أوّل آیة فی الجهاد هی قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِىِ سَبِیلِ اللهِ الَّذِینَ یُقَاتِلُونَکُمْ).   (البقرة / 190)

وحتى لو قبلنا هذا الرأی فإنّ أساس الجهاد مبتن على کسر هجوم العدو وعدوانهم، وکلّ عاقل یدرک أنْ السکوت على عدوان العدو السّفاک لا یتلائم مع أی منطق.

والتّعبیر بـ «فی سبیل الله» یدلُّ على أنّه حتّى الدّفاع الإسلامی، إنّما یکون لله وعلى أساس الموازین الشّرعیة الإلهیّة لا طلباً للتَّسلط والجاه والهوى.

 

هذا أول شکل للجهاد فی الإسلام، ولکن لا ینبغی أن یُفهم من معنى «الجهاد الدّفاعی» أنّ الحکومة الإسلامیّة لابدّ أن تجلس مکتوفة الأیدی بلا حراک حتّى یدخل العدو بیتها ویغزوها فی عقر دارها، ثم تهب للدفاع، بل على العکس من ذلک، فبمجرّد أن تشعر باستعداد العدو للهجوم والقتال وأن غرضه هو الإعتداء على بلاد الإسلام، علیها أن تأخذ بزمام المبادرة وتکسر شوکة العدو وقدرته فی مهدها.

2 ـ الجهاد لإخماد نار الفتنة

ورد فی قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَکُونَ فِتْنَةٌ وَیَکُونَ الدِّینُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَوا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمیِنَ).   (البقرة / 193)

وکما أشرنا فیما سبق فإنَّ فی تفسیر مصطلح «الفتنة» بین العلماء کلام، ولکن مهما فسرنا «الفتنة»، تارةً بإیجاد الفساد، وإیذاء المؤمنین أو بالشّرک وعبادة الأوثان المقترنة بفرض هذا الإعتقاد على الآخرین، أو کان بمعنى إضلال وإغواء وخداع المؤمنین، کلّ ذلک أنواع من الهجوم من قبل العدو على المؤمنین، ولذا فإنّ الجهاد فی مقابل ذلک یأخذ شکلا دفاعیّاً.

وجملة (فَإِنِ انتَهَوا فَلا َ عُدوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمیِنَ) تدل بوضوح على أن الهدف هو الحدُّ من ظلم الظّلمة الجائرین.

والملفت للنّظر أنّه ورد فی الآیة نفس السورة: (وَاقْتُلُوهُمْ حَیْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَاَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَیثُ اَخْرَجُوکُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ). ( البقرة / 191)

فهذه الآیة وبملاحظة الآیة السّابقة الّتی تتحدث عن المشرکین المهاجمین، تدعو بصراحة إلى قتال ومحاربة أولئک الذین أغاروا على المسلمین وأخرجوهم من دیارهم ومنازلهم والذین لا یمتنعون من ارتکاب أی جریمة فی حقّ المسلمین خاصّة من أجل تغییر عقیدتهم، فکانوا یمارسون الضّغوط والتّعذیب الوحشی ضدّهم، فالقرآن لا یجیز قتال هؤلاء فحسب، بل إنّه یوجب ذلک علیهم.

 

والفتنة وإن فُسَّرت فی بعض الأحادیث وکلمات جمع من المفسرین بالشّرک وعبادة الأوثان، ولکن قرائن کثیرة فی هذه الآیة والآیات السّابقة واللاحقة تدلّ بوضوح على أنّه لم یکن المنّظور منها الشّرک أبداً، بل أعمالٌ کأعمال مشرکی مکّة الّذین کانوا دائماً یمارسون الضّغوط والتّعذیب ضدّ المسلمین لتغییر عقیدتهم، ولذا ورد فی تفسیر «المنار» فی معنى الآیة قوله: «حتّى لا تکونَ لَهُم قوَّة یفتنونَکُم بها ویؤذونکُم لأجلِ الدّین ویمنعونکم من إظهارهِ أو الدّعوة إلیه» (1).

ولا شکَّ فی أنّ مثل هذه الفتنة وسلب الحریات والتّعذیب والضّغوط لتغییر العقیدة ودین الله أشدُّ من القتل.

وعلیه فجملة «ویکون الدّینُ کُلُّهُ لله» إشارة إلى أنّ رفع الفتنة إنّما یکون فی أن یعبد شخص خالقه بحریة، وأن لا یخشى أحداً، لا أنْ یکون المشّرکون أحراراً فی عبادة الأوثان فیبدلوا الکعبة إلى محل عبادة الأصنام، ویُسلَبُ المسلمون حقّ قول «الله أکبر» و«لا إله إلاّ الله» علناً.

وعلى أیّة حال، فالآیات «190» و«191» و«193» من هذه السّورة والمرتبطة بعضها مع البعض الآخر، تدلّ جمیعاً على أنّ إخماد نار الفتنة باعتباره هدفاً للجهاد الإسلامی له جنبة دفاعیّة فی الواقع، ویحفظ المسلمین فی مقابل الهجمة الثّقافیّة والاجتماعیّة والعسکریّة لأعداء الإسلام.

3 ـ الجهاد لحمایّة المظلومین

یدعو القرآن الکریم المسلمین إلى الجهاد من أجل حمایة المظلومین وقتال الظالمین وتقول: (وَمالَکُمْ لاَ تُقاتِلُونَ فِی سَبیلِ اللهِ والْمُسْتَضْعَفینَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنا اَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْکَ وَلیّاً وَاجْعَلْ لَّنَا مِنْ لَدُنْکَ نَصیراً).   (النساء / 75)

 

ففی الآیة أوّلا دعوة للجهاد فی سبیل الله، ثُمّ تعقب مباشرة بالکلام عن المستضعفین والمظلومین الذین مارس الأعداء القساة معهم أشدَّ الضّغوط حتى أجلوهم عن وطنهم ودیارهم ومنازلهم وأهلیهم، ویبدو أنّ هذین المعْنیین یعودان فی الواقع إلى معنى واحد، إذ إنّ نصرة مثل هؤلاء المظلومین مصداق واضح من مصادیق الجهاد فی سبیل الله.

وینبغی أن لا نغفل عن الفرق الواضح بین «المستضعف» والضّعیف، فالضّعیف یطلق على الشّخص العاجز، أمّا المستضعف فهو الشّخص الذی أُضطهد على ید الظّلمة الجائرین، سواءً کان اضطهاداً فکرّیاً أو اجتماعیّاً أو اقتصادیاً أو سیاسیّاً (إلتفتوا جیداً).

ومن الواضح أنّ هذا الجهاد جهادٌ دفاعی أیضاً، وهو الدّفاع عن المظلومین ضد الظّالمین.

والأهداف الثّلاثة المذکورة، هی أهم أهداف الجهاد الإسلامی، وبالرغم من تقسیمه إلى قسمین (الجهاد الابتدائی والجهاد الدّفاعی) إلاّ أنّ حقیقتهما دفاعیّة ـ ولهذا لا نجد فی تاریخ الإسلام مورداً واحداً یدلّ على استعداد الکافرین للعیش بصلح وسلام مع المسلمین ومواجهة ذلک بالرّد والرّفض من قبل الإسلام.

والیوم أیضاً، لیس للحکومة الإسلامیّة هدف عدوانی ضد أحد، ومالم تفرض علیها الحرب فإنّها لا تقاتل أحداً أبداً، ولکنّها تعتقد أنّ الدّفاع عن المظلومین من أهم وظائفها ومسؤولیاتها، وأنّ حبّ الفتنة وإیجاد الرّعب والوحشة والتّضییق والضغوط وسلب الحریات من قبل أعداء الإسلام نوعٌ من أنواع إعلان الحرب، ولذا تعتبر نفسها مسؤولة عن الدّفاع ضد المعتدین.

ونکرر ثانیة، إنّ مفهوم الدّفاع لیس أنْ یجلس الإنسان مکتوف الأیدی حتّى یُغزى فی عقر داره، بل علیه أنْ یتحرک إیجابیاً ضدّ تحرکات الأعداء ویحفظ قدرته العسکریّة القتالیّة وخاصة فی الظرّوف الحسّاسة، وأنْ یبادر بضرب الأعداء قبل أن یفاجئه العدو المتآمر.

 

 


1. تفسیر المنار، ج2، ص211.

 

 

آداب الجهادالحکومة الإسلامیّة والسّلام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma