هل یمتلک الرسول (صلى الله علیه وآله) والمعصومون حق التشریع؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
جمع الآیات وتفسیرهامجلس الشورى وانتخاب النوّاب

إنّ مسألة الولایة على التشریع، أو بتعبیر أبسط، حق التشریع بالنسبة للرسول(صلى الله علیه وآله)والأئمّة المعصومین(علیهم السلام) من المسائل المعقدة جدّاً، إذ تناولت الأحادیث الإسلامیة هذه المسألة مراراً وتکراراً.

فهل یمتلک الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) الحق فی أن یضع مایراه من المصلحة على شکل قانون للمسلمین حتى مع عدم نزول الوحی الإلهی بشأن تلک المسألة؟

لا شک فی أنّ هذا الأمر لیس محالا، بشرط أن یمنحه الله تعالى مثل هذا الحق (أی حق التشریع)، ومفاد الکلام هنا هل وقع مثل هذا الأمر، وهل تشهد الأدلّة النقلیة على ذلک أم لا؟

لدینا الکثیر من الروایات (بعضها صحیحة السند والبعض الآخر ضعیفة) إذ تقول: إنّ الله تبارک وتعالى قد «فوض الأمر» إلى الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)والأوصیاء من بعده (والمراد من مسألة «تفویض الأمر» هنا حق التشریع).

وقد جمع المرحوم الکلینی الروایات المتعلقة بموضوع «التفویض» فی الجزء الأول من أصول الکافی، وصنّفها فی باب واحد، إذ ینقل فی هذا الباب عشرة أحادیث فی هذا المجال، ومن جملة هذه الأحادیث نقرأ فی حدیث عن الإمام الباقر والإمام الصادق(علیهما السلام)حیث قالا: «إنّ الله تَبَارَکَ وَتَعالى فَوَّضَ إلى نَبیّهِ أَمرَ خَلْقهِ لِیَنظُر کَیفَ طاعَتُهم، ثمَّ تَلى هذِهِ الآیة: وما آتاکُمُ الرَّسولُ فَخُذُوهُ وَما نهاکُمْ عنه فانتهوا»(1).

 

 

ونقرأ فی حدیث آخر عن الإمام الصّادق(علیه السلام):

(إنّ اللهَ عَزَّوَجَلّ أدَّبَ نَبیَّه عَلى مَحَبتهِ فقال: وإنَّک لَعَلى خُلُق عَظیم، ثمَّ فَوّضَ إلیه فقالَ عَزَّوَجَل: وَما آتاکُم الرَّسولُ فَخذُوهُ وَما نَهاکُمْ عَنهُ فانْتهوا، وَقَالَ عَزَّوَجَلْ: مَنْ یُطعِ الرُّسولَ فَقَدْ أطاعَ اللهَ...»(2). فإذن، القرائن الموجودة فی العبارات الواردة فی هذا الحدیث توضّح بشکل جلی ما المراد من التفویض.

وقد جاء فی بعض هذه الروایات أنّه بعد هذا التفویض الإلهی، مارس الرسول(صلى الله علیه وآله)أمر التشریع وشرع بعض القوانین، منها: أن الله تبارک وتعالى جعل الصلاة رکعتین وأضاف الرسول(صلى الله علیه وآله) رکعتین أخریین علیهما (فی صلوات الظهر والعصر والعشاء)، ورکعة واحدة فی المغرب، وتشریع الرسول(صلى الله علیه وآله) هذا ملازم للفریضة الإلهیّة والعمل به واجب، کما أضاف(صلى الله علیه وآله)على ذلک (34 رکعة أخرى (أی ضعف الفرائض) بعنوان صلاة النوافل، وأوجب الله تعالى صیام شهر رمضان المبارک، وقال الرسول(صلى الله علیه وآله) باستحباب صیام شهر شعبان وثلاثة أیام من کل شهر...(3).

ویلاحظ فی أحادیث أخرى واردة فی أمر تفویض التشریع إلى الرّسول(صلى الله علیه وآله)، نماذج أخرى من تشریعات الرسول(صلى الله علیه وآله)(4).

وفیما یتعلق بالمراد من «تفویض الأمر» هناک عدة احتمالات بخصوص هذه المسألة، منها:

1 ـ تفویض أمر التشریع للرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) کلیاً.

2 ـ تشریع جزئی فی الموارد المحدودة، وفیها أنّ الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) قام بتشریع بعض الأحکام قبل نزول الأحکام الإلهیّة أو بعدها، وأمضاها الله تعالى.

3 ـ تفویض أمر الحکومة والتدبیر والسیاسة وتربیة النفوس والمحافظة على النظام.

4 ـ تفویض أمر العطاء والمنع (فیعطی من بیت المال لمن یرى فیه الصلاح، ویمنع من لا یرى فیه الصلاح).

 

5 ـ التفویض فی بیان حقائق أسرار الأحکام، أی یبیّن للناس کل ما یرى فیه المصلحة من الأسرار والأحکام، ولا یفصح عمّا لا یرى فیه المصلحة.

والمعنى الثانی هو المستفاد من مجموع الروایات الواردة فی باب التفویض، وهو أنّ الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) قام بالتشریع فی موارد محدودة بإذن الله تعالى (ولعلها لم تتجاوز حدود العشرة موارد)، وأنّ الله تعالى قد أمضى هذا الأمر، وبعبارة أخرى، أنّ الله تعالى قد أعطاه هذه الصلاحیة فی قیامه بالتشریع فی بعض الموارد، ومن ثم أمضاها الله تعالى.

ویستفاد أیضاً من هذه الروایات وبشکل جید، أنّ الله تبارک وتعالى، قد أعطاه هذا المقام لعدّة أسباب:

أولا: لکی یبیّن عظمة مقامه ومنزلته وبأن تشریعاته من سنخ تشریعات الله تعالى.

والثانی: لکی یمتحن الناس ویرى مدى تسلیمهم لأوامر النّبیّ(صلى الله علیه وآله).

والثالث: إنّ الله تعالى قد أیّده بروح القدس، وأطلعه من خلال ذلک على أسرار الأحکام الإلهیّة.

ومن خلال ماذکرنا، تتضح لنا عدّة أمور:

1 ـ یُستفاد من مجموع روایات التفویض، أنّ الله تبارک وتعالى أعطى رسول الإسلام(صلى الله علیه وآله) الولایة على التشریع إجمالا، لکی یمتحن طاعة الخلق من جهة، ولتعظیم المقام الرفیع للرسول(صلى الله علیه وآله) وبیان منزلته عند الله تعالى من جهة أخرى.

2 ـ إنّ هذا التفویض لا یتمتع بصفة الکلیة والشمول، بل یتحقق فی موارد محدودة ومعدودة، ولهذا السبب کان الرسول(صلى الله علیه وآله)ینتظر نزول الوحی فی الأمور المهمّة الّتی کان المسلمون یسألونه عنها غالباً، وهذا دلیل على عدم شمول التفویض، وإلاّ لما دعت الضرورة إلى أن ینتظر الرسول(صلى الله علیه وآله) نزول الوحی، بل کان بمقدوره أن یشرّع أی قانون یراه، (فتأمل).

3 ـ هذا المقام الرفیع أُعطیَ له(صلى الله علیه وآله) بإذن الله تعالى، وإضافة لذلک فإنّ بعض القوانین الّتی شرعها الرسول(صلى الله علیه وآله)، أمضاها الله سبحانه وأقرها، وبناءً على ذلک فلا دلیل على تعدد الشارع والمشرّع إطلاقاً، بل إنّ تشریع النّبی(صلى الله علیه وآله)یُعدّ أیضاً فرعاً من تشریع الله تعالى.

4 ـ هذا المقام الرفیع والسامی تحقق للنّبیّ(صلى الله علیه وآله) بعد النّبوّة وبعد أن صار مؤیّداً بروح القدس، وکان معصوماً، ولم یطرأ على فعله أی خطأ أو زلل، وبناءً على ذلک فالذین لا یتمتعون بهذه الشروط لن تتحقق لهم مثل هذه المنزلة الرفیعة.

5 ـ بالرغم من أنّ الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) کانوا مؤیدین بروح القدس، ولم یصدر عنهم أی خطأ أو انحراف إطلاقاً، إلاّ أنّهم لم یصدروا تشریعاً جدیداً، لإنّه بعد إکمال الدین وإتمام النعمة الإلهیة، فإنّ جمیع الأحکام الّتی تحتاجها الأمة إلى یوم القیامة وطبقاً للروایات الکثیرة الّتی قد تصل إلى حد التواتر، قد تمَّ تشریعها ولم یبق مجال لأی تشریع جدید، وبناءً على ذلک فإنّ واجب الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) إقتصر على توضیح وتبیین الأحکام الّتی وصلت إلیهم عن الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)سواء بدون واسطة أو بالواسطة.

سؤال:

هل من الممکن أن یُقال أنّه یُستفاد من بعض الروایات، أنّ أمیر المومنین(علیه السلام) فرض الزکاة على الخیل فکان ذلک تشریعاً جدیداً حیث وردت روایة بأنّ الإمامین الباقر والصّادق(علیهما السلام) قالا: «وَضَعَ أمیرُ المؤمِنین عَلى الخَیل العِتاقِ الرّاعیة فی کُلِّ فَرس فی کلِّ عام دِینارَیْن وَعَلى البَراذِین دِیناراً»(5).

وجاء أیضاً فی روایة علی بن مهزیار أنّ الإمام الجواد(علیه السلام) عندما جاء إلى بغداد فی عام 220 هـ، فرض خُمساً آخر غیر الخُمس الواجب المتعارف علیه فی قسم عظیم من الأموال، ولمرّة واحدة فقط(6).

وکلا الحدیثین معتبران من حیث السند، وبناءً على ذلک لابدّ من القول: إنّ الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) کانوا یمتلکون حق التشریع أیضاً.

 

الجواب:

إنّ الأحکام الکلیّة فی التشریع تختلف عن الأحکام التنفیذیة للحاکم، فالأحکام الکلیّة هی نفس القوانین الثابتة والمستمرة التی تبقى قائمة فی کل عصر ومکان إلى یوم القیامة، إلاّ أنّ الأحکام الصادرة عن الحاکم الشرعی هی الّتی تصدر بسبب الأمور الضروریة وأمثالها وبشکل مؤقت (مثل حکم تحریم التنباکو الذی صدر فی فترة محدّدة لغرض محاربة الاستعمار الاقتصادی الإنجلیزی من قبل مرجع کبیر ثم رفع بعد انتهاء الخطر).

ویستفاد من القرائن الواردة فی روایة الإمام الجواد(علیه السلام) وبشکل واضح، أنّه(علیه السلام)لما جاء إلى بغداد کان الشیعة یعانون الفاقة والضنک، وقد أقرّ الإمام تعدد الخمس فی تلک السنة لغرض حل هذه المشکلة بشکل خاص، والواقع أنّه(علیه السلام)طبّق أحکام العناوین الثانویة والضروریة على إحدى مصادیقها، بدون أن یمثل ذلک تشریعاً جدیداً.

ویمکن أن یکون حکم الزکاة الوارد فی روایة الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام) من هذا النوع أیضاً، ولذا فإنّ هذا الحکم محدود بذلک الزمان فقط، ولم ینظر إلیه الفقهاء کتشریع عام ولم یصدروا فتاواهم طبقاً لتلک الفتوى، (فتأمل).

6 ـ ممّا ورد فی البند الخامس یتضح لنا أنّ غیر الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) لا أحد یملک حق تشریع القوانین الکلیة الإلهیّة بطریق أولى، لأنّه باختتام النبوة وارتحال النّبیّ(صلى الله علیه وآله)وإکمال الدین وإتمام النعمة، لم یبق مجال لتشریع الآخرین من جهة، وأنّ جمیع الأحکام الإلهیّة الکلیة الّتی یحتاجها الإنسان إلى یوم القیامة تمّ تبیینها طبقاً للکثیر من الآیات القرآنیة والروایات الواردة بذلک الشأن، ومن جهة أخرى فإنّ غیرهم من الناس لیسوا معصومین وغیر مؤیدین بروح القدس لکی یثبت لهم مثل هذا الحق، خاصة وقد اعتبرت الروایات السابقة هذا المعنى شرطاً للحاکمیة على التشریع.

7 ـ لابدّ من الإلتفات إلى أن البعض من روایات التفویض، لم تنظر إلى مسألة تشریع الأحکام، بل تناولت تسلیمهم أمر الحکومة والولایة، أو تسلیمهم بیت المال.

8 ـ تعتقد طائفة من علماء السنة بتفویض تشریع الأحکام إلى الفقهاء فی ما لا نصّ فیه، وتوضیح ذلک: یقسّم علماء السنّة المسائل إلى قسمین: مافیه نص (فی القرآن والسنة) وما لا نصّ فیه.

وفیما یتعلق بالقسم الأول یعتقدون جمیعاً بوجوب العمل بالأوامر والنصوص، وفی القسم الثانی یعتقد الکثیر منهم بوجوب الذهاب إلى القیاس أولا، بمعنى قیاس تلک المسألة التی لم یرد فیها نص مع المسائل التی ورد فیها حکم معین، والإفتاء بحکم شبیه بذلک الحکم لتلک المسألة، وبغیر ذلک فإنّ علماء الدین مکلفون بدراسة مصلحة ومفسدة ذلک الأمر، ثم وضع حکم مناسب حسب ما هو أفضل وأقوى برأیهم، ویجب على أتباعهم القبول بذلک الحکم، والعمل به کحکم إلهی.

وهذا ما یصطلحون علیه أحیاناً بـ«الإجتهاد» (طبعاً الإجتهاد بمعناه الخاص، ولیس الإجتهاد بمعنى استنباط الأحکام من الأدلة الشرعیّة)، وأحیاناً یصطلحون علیه بکلمة «التصویب»، ویقولون إنّ ما یضعه الفقیه فی هذه الموارد على شکل قانون یحظى بتصویب الله تعالى! ولو وضع فقهاء مختلفون أحکاماً متعددة ومختلفة، فإنّها جمیعاً تحظى بالقبول بعنوان حکم إلهی!

وبهذا الشکل فإنّهم یعطون للفقهاء حقّ فی التشریع فی الموارد التی لم یرد بشأنها نصّ أو دلیل خاص.

إلاّ أنّ فقهاء الشیعة السائرون على مذهب أهل البیت(علیهم السلام) یخالفون هذا الکلام جملةً وتفصیلا، ویقولون: إنّ جمیع الأحکام التی یحتاجها الإنسان إلى یوم القیامة وردت فی الشریعة الإسلامیة ولم یبق شیء لم یُذکر له حکم لکی یقوم أحدٌ بتشریع قانون ما، ولکن البعض من هذه الأحکام وردت بشکل صریح فی القرآن الکریم أو السنة النبویة الشریفة، أو سنّة الأئمّة المعصومین(علیهم السلام)، والبعض منها ورد بشکل القواعد الکلیة والأصول العامّة، أو بعبارة أخرى إنّ فی «العمومات» و«الإطلاقات» أدلة أولیة وثانویة، بحیث إنّ لکل موضوع من المواضیع، هناک حکم ثابت له، سواء کان هذا الحکم حکماً واقعیاً تارةً أو حکماً ظاهریاً تارةً أخرى.

وبناءً على ذلک لا وجود لشیء بإسم الإجتهاد (بالمعنى الخاص) أو القیاس، أو ما لا نص فیه، فمسؤولیة الفقهاء تقتصر على تطبیق الأحکام الکلیّة على مصادیقها فقط.

ویتضح لنا ممّا تقدم ذکره أن «التشریع» فی المجالس التشریعیة لا یعنی فی عُرف مذهب أهل البیت(علیهم السلام) وضع أحکام جدیدة بشأن المسائل التی یواجهها الإنسان، بل المراد به تطبیق الأصول على الفروع أو تشخیص الموضوعات المختلفة بمعنى التشریع الموضوعی.

وخلاصة القول: إنّ مجالس التشریع فی مذهب الشیعة، لیست بمعنى وضع الأحکام الکلیّة ازاء أحکام الإسلام، أو بدل ما لا نصّ فیه، والمسألة هی من قبیل تطبیق الأحکام، أو التشریع الموضوعی، ولهذا السبب وُضع «مجلس صیانة الدستور» إلى جانب المجلس التشریعی، لکی یُشرف علیه جمعٌ من الفقهاء ویتأکدوا من أنّ القوانین الموضوعة غیر مخالفة لأحکام الإسلام.

وحتى مجلس «تشخیص المصلحة» الذی أُقرّ مؤخراً فی الدستور، هو الآخر مسؤول عن تشخیص الموضوع أیضاً، ولیس جعل القانون.

وبعبارة أوضح: إنّ أحد العناوین الثانویة هو عنوان الأهم والمهم، یعنی متى ما تعارضت مسألتان شرعیتان مع بعضهما، کما هو الحال مثلا فی المحافظة على أموال الناس وعدم التصرّف بها إلاّ بإذن صاحبها مع مسألة الحاجة الملحّة لفتح شارع فی المدینة أو طریق فی الصحراء، فمن جهة تعتبر مسألة المحافظة على النظام فی المجتمع الإسلامی واجبة، ولا یمکن أن یتحقق ذلک إلاّ بشق الطرق الضروریّة، ومن جهة أخرى فإنّ المحافظة على أموال النّاس أمرٌ واجب، ففی هذه الحالات یجب تقدیم الأهم على المهم، وأن تُمنح الإجازة بفتح هذه الطرق، مع دفع الأضرار والخسائر الناجمة عن ذلک إلى مالکی تلک الأراضی.

وکذلک الحال فیما یتعلق بمسألة وضع الأسعار على المواد المختلفة، فالقانون الإسلامی أساساً، یقول بحریة الأسعار والتسعیرة، ولکن فی الحالات التی تصبح فیها هذه الحریة سبباً لاستغلال الانتهازیین والجشعین الذین یجعلون المجتمع فی وضع حرج بحیث تتوقف معها مسألة المحافظة على النظام الاقتصادی فی المجتمع على تحدید

الأسعار، فممّا لا شک فیه أنّ مسألة المحافظة على النظام مرجحّة، ومن الممکن هنا القیام بإصدار قانون لتحدید الأسعار، وتکلیف الحکومة الإسلامیة بتنفیذه.

وعلى مجلس تشخیص المصلحة فی هذه الموارد، اختیار الأهم من خلال دراسته الدقیقة للأمر، لکی تقوم الحکومة الإسلامیة بتنفیذ القانون، بالضبط کما هو معروف أنّ المحافظة على النّفس واجبة وأکل اللحم الحرام ممنوع، ولکن فی موارد خاصّة عندما ینحصر فیها حفظ النفس على الاستفادة من اللحم الحرام فقط، نسمح بذلک ونعتبره أمراً مجازاً، وذلک لأنّ أهمیّة حفظ النسل أکبر وأهم من ذلک.

وبناءً على هذا المفهوم فإنّ (مجلس تشخیص المصلحة) یختلف کثیراً عن الإجتهاد والإستحسان والمصالح المرسلة الشائعة بین علماء السنّة، إذ یدور الأمر هنا بین تعارض وتضاد حکمین، فتصبح مسألة تشخیص المصلحة هی الأهم، فی حین أنّ الذی یحصل هناک عبارة عن وضع حکم معین لموضوع یعتقد بعدم وجود حکم معیّن له، (فتأمل).

ومن مجموع ما ذکرنا نستنتج أنّ المجلس التشریعی یعد أحد أرکان الحکومة الإسلامیة، ذلک أنّه فی کل زمان ومکان وفی کل مرحلة معینة تبرز مجموعة من المتطلبات والمسائل المستحدثة التی تستوجب تحدید القانون الخاص بها بشکل دقیق، ولکن التشریع هنا یعنی التخطیط وتطبیق الأصول على الفروع، واستخراج الفروع من القوانین الکلیة وتشخیص المواضیع بشکل دقیق.

 


1. الخلاف، ج 2، ص 55.
2. وسائل الشیعة، ج6، أبواب ما یجب فیه الخمس، الباب 8، ح 5.
3. أصول الکافی، ج 1، ص 265، ح 1.
4. المصدر السابق، ص266، ح 4.
5. للمزید من التوضیح ودراسة جمیع روایات التفویض علیکم بمراجعة کتاب أنوار الفقاهة، ج1، ص552.
جمع الآیات وتفسیرهامجلس الشورى وانتخاب النوّاب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma