تفاوت کیفیة القضاء فی الإسلام عن المدارس المادّیة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
فی وظائف القاضی وهی سبع:الحدود والتعزیرات فی الإسلام

توجد الیوم فی العالم مجالس قضائیة کثیرة وهی جذابة بظاهرها ولکن متى ما قارّنا محتوى تلک المجالس القضائیة مع المجالس القضائیة الإسلامیة، نجد بأنّ تلک المجالس المادیة خاویة وسخیفة وسوف نجد اختلافات واضحة وبینة فیها، ومن جملتها:

1 ـ ینبغی على القاضی الإسلامی أن یکون صاحب نظر ورأی، ولا یقتصر على مواد القانون فقط، بل لابدّ أن یکون عارفاً بجذورها ومبانیها، مجتهداً فیها، وبعبارة أخرى الاجتهاد فی القضاء شرط من شروطه، بینما لا نجد مثل هذا الاشتراط فی دنیا الیوم ومجالسها القضائیة حتى یکتفی بمعرفة مواد القانون فقط والاقتصار على تلک المواد، وهذا فرق واضح بین هذه المجالس والمجالس القضائیة الإسلامیة.

وبتعبیر أوضح، أنّ الاطلاع على الأحکام التی جاءت فی تحریر الوسیلة (مثلا) قد یکون عن طریق التقلید وقد یکون عن طریق الاجتهاد، وإن کانت وظیفة القاضی على أی حال تطبیق هذه الأحکام فی موارد الدعوى وتشخیص صاحب الحق عن غیره، ولکن هناک فرق واضح بین ما إذا کان مطلعاً على أحکام تحریر الوسیلة عن طریق التقلید، أم عن طریق الاجتهاد وتتبع جذور تلک الأحکام ومبانیها من الکتاب والسنّة والإجماع والعقل، فالإسلام یوحی بالطریق الثانی.

2 ـ فی النظم القضائیة الحدیثة، یُکتفى بلیاقة القاضی فی حدود القضاء والحکومة فقط، أمّا فی الإسلام فإنّ هذا المقدار غیر کاف، بل لابدَّ أن یکون القاضی نزیهاً فی کل المجالات، إذ إنّ العدالة تعنی الورع عن کل أنواع الذنب سواءً کان فی دائرة المسائل القضائیة، أم فی دائرة غیر القضاء.

ومن الواضح أن هناک فرقاً کبیراً بین من یکون ورعاً فی کل المجالات عن الذنب وبین من یکون ورعاً فی مجال معین ودائرة ضیقة، فاحتمال انحراف الثانی أکثر من احتمال انحراف الأول.

3 ـ إذا قضى قاضی المجالس القضائیة الحدیثة بالحق دون أن یکون مطلعاً، فإنّه لا یکون مسؤولا، بینما وکما أشرنا آنفاً فإنّ مثل هذا القاضی مسؤول أمام الله فی نظر الإسلام، فالوصول إلى الحق لا یکفی وحده لعدم تحمل المسئولیة، بل لابدّ أن یکون عن تحقیق واطلاع.

4 ـ یعتبر الارتشاء فی نظام القضاء الإسلامی لیس من الذنوب الکبیرة فحسب، بل طبقاً لبعض الروایات فإنّه فی حدِّ الکفر والشرک، قال الإمام الصادق(علیه السلام): «أمّا الرُّشا فِی الْحُکْمِ فَهُوَ الْکُفْرُ بِاللهِ»(1).

 

 

فالإسلام یمنع القاضی حتى من قبول الهدیة (بطبیعة الحال الهدایا التی تقدم له باعتبار أنّه فی مقام القضاء، سواء قبل الحکومة والقضاء أم بعده) وقصّة الأشعث بن قیس معروفة، حیث جاء لیلا بهدیة إلى دار الإمام علیّ(علیه السلام) وهی طبق من الحلوى اللذیذة، فقال له الإمام علیّ(علیه السلام) ما هذا؟

فقال: هدیة جئت بها إلیک! فغضب الإمام(علیه السلام) وصاح به:

«هَبَلَتْکَ الْهَبُول أَعَنْ دِیْنِ اللهِ أَتَیْتَنی لِتَخْدَعَنی»؟!

أی ترید أن تعطینی الرشوة باسم الهدیة(2).

والملفت للنظر هو أنّ الإسلام یلعن الراشی والمرتشی والواسطة بینهما، وقد ورد فی حدیث عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): «لَعَنَ الله الرّاشِی والْمُرْتَشی وَالرّائشَ الَّذی بَیْنَهُما»(3).

وقد وردت آیات من القرآن الکریم وبشکل مکرر تشیر إلى مسألة الرشوة وتذمها، منها قوله تعالى:

(وَلاَ تأْکُلُوا أَمْوَالَکُمْ بَیْنَکُم بِالْبَاطِلِ وتُدْلُوا بِهَا اِلَى الْحُکَّامِ لَتَأْکُلُوا فَرِیقاً مِنْ اَمْوالِ النَّاسِ بِالأِثْمِ وَاَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).   (البقرة / 188)

وللفخر الرازی هنا تعبیر جمیل وهو أنّ «الادلاء» مأخوذ من «الدلو» وهو الإناء الذی یستخرج الماء من البئر بواسطته، «والرشاء» بمعنى «الحبل» فکما أنّ الإنسان یستخرج الماء الموجود فی الدلو بالحبل، فکذلک الراشی یأکل أموال الناس بواسطة الرشوة التی یعطیها للقاضی.

نعم، فالتعبیر بـ«ولا تدلوا بها إلى الحکّام» تشبیه وإشارة لطیفة لهذا الموضوع.

ویستفاد أیضاً من سورة المائدة بأنّ علماء الیهود حرّفوا الأحکام الإلهیّة لمنافعهم الخاصة، وقد ذمّ القرآن الکریم هذه الظاهرة، فقد قال تعالى:

(وَلاَ تَشْتَرُوا بِآیَاتى ثَمَناً قَلِیلا وَمَن لَّم یَحْکُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَاُولِئکَ هُمُ الْکافِرُونَ). (المائدة / 44)

 

فمن هذهِ الآیات یمکن الاستنتاج بأنّ القضاء والحکومة لله بالدرجة الاُولى، ومن ثمَّ نقلت منه إلى من یرى فیه المصلحة، وبتعبیر آخر:

إنّ غیر الله یأخذ مشروعیة أحکامه وقضائه من الله تعالى، وهذا ما یقتضیه التوحید الأفعالی وحاکمیة الله أیضاً.

 


1. وسائل الشیعة، ج18، ص163، باب تحریم الرشوه، ح 8 .
2. نهج البلاغة، الخطبة 244.
3. میزان الحکمة، ج4، ص135.
فی وظائف القاضی وهی سبع:الحدود والتعزیرات فی الإسلام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma