من مجموع ما قرأناه فی الآیات والرّوایات، تتضح لنا هذه النّقطة، وهی أنّ المسلمین فی القرون الأولى لظهور الإسلام لما توجهوا للعلوم والفنون والمعارف، وأوجدوا نهضة علمیّة واسعة عمّت برکاتها وثمارها اُوربا أیضاً، فإنّ جذور ذلک موجود وکامن فی الثّقافة الّتی علمهم إیّاها الإسلام، ومن الواضح جدّاً أنّ على الحکومات الإسلامیّة أن تهتم بهذه المسألة الّتی تعتبر أساس حیاتهم وتقدمهم فی دینهم ودنیاهم.

وفی هذا المجال، فإنّ الحکومة الإسلامیّة وبالاستفادة ممّا ذُکر، علیها أنْ تراعی القواعد والأمور التّالیة.

1 ـ لابدّ أن تنتشر القراءة والکتابة بشکل واسع فی کلّ طبقات المجتمع حتّى لا یبقى فرد جاهل بهما، بل یتنعم الجمیع بنعمة القراءة والکتابة، وأی تقصیر فی هذا المجال تکون الحکومة الإسلامیّة مسؤولة عنه.

2 ـ تأسیس المکتبات العامة والخاصّة لعامة النّاس ولخصوص المحققین والعلماء، والمکتبات التی تضم مختلف الکتب فی شتى العلوم من وظائف الحکومة الإسلامیّة أیضاً.

وکلّ جهد فی هذا المجال، فضلا عن کونه مطلوب من قبل الشّارع المقدّس، فمع ذلک سیکون سبباً فی قوة واقتدار المسلمین، ومواجهة النواقص والمفاسد الفردیة والاجتماعیّة المختلفة، وهو أیضاً سبب فی تطور المجتمع الإسلامی ورقیه.

3 ـ ینبغی أن لا تقتصر وسائل الإعلام العامة فی الحکومة الإسلامیّة على الأخبار والمسائل السیّاسیة وبرامج التّسلیة، بل لابدّ أن یخصص جزءٌ کبیر منها لنشر العلوم والمعارف وبما یتناسب مع کل الأمزجة لجمیع أفراد المجتمع ونشر آخر التطورات والإکتشافات العلمیّة فی أوّل فرصة ممکنة بشکل واسع فی المجتمع الإسلامی، للحدِّ من أی تخلف حضاری وعلمی عند المسلمین.

4 ـ على الحکومة الإسلامیّة أن تشجِّع العلماء والمحققین والکتّاب على الاستفادة من کل الوسائل العلمیّة الحدیثة وأن توفر ما یلزم لتعزیز هذه القدرة عندهم، وعلیها من أجل إنتاج حصیلة علمیة تشجیع الابداعات والإبتکارات العلمیّة، وتوزیع الجوائز والإمتیازات، وإن تکرم العلماء والمحققین بنحو یحفز الآخرین على الجدّ والسعی فی هذا المجال.

5 ـ توسعة المدارس والجامعات وتعمیق برامجها وتطویرها واستثمار الإبتکارات العلمیّة للعلماء المسلمین، وحتى المحققین الأجانب، وفی هذا المجال لابدّ أن یکون ذلک على رأس برامج الحکومة الإسلامیة، وأن یتبلور ذلک طبقاً لما أراده الإسلام والذی انعکس فی الآیات والروایات المذکورة وهی نموذج من تعالیم الإسلام.

والإطلاع على الصنّاعة والتّکنلوجیا لیس أمراً منفصلا عن ذلک بحال، لأننا نعلم أن تعلّم کل الأمور المهمّة بنحو من الأنحاء لحفظ المجتمع الإسلامی، واجبٌ عینی فی الفقه الإسلامی، ولا یحقّ لأی مسلم أن یغفل عنه.