کلمة «الشیطان» خلافاً لما یظنّ البعض ـ لیس اسماً خاصاً بابلیس وعلماً له، بل له
مفهوم عام، وعلى ما یُصطلح علیه فهو «اسم جنس» یشمل کل موجود متمرد وباغ ومخرّب، سواء کان من الجن أو الانس أو شیئاً آخر.
وهنالک قولان فی أصل هذه المفردة:
القول الأول هو القائل بأنه من مفردة «شُطُون» أی البُعد، ولهذا قیل للبئر العمیق والبعید
قعره عن متناول الأیدی «شَطون»، ویقول «خلیل بن أحمد»: إنّ شَطَن تعنی الحبل الطویل، وبما أنّ الشیطان بعید عن الحق وعن رحمة الله استعملت هذه المفردة فیه.
والقول الثانی هو القائل بأنه من مادة «شَیْط» ویعنی الالتهاب والاحتراق غضباً، وبما أنّ الشیطان خلق من نار واشتعل غضباً عندما أُمر بالسجود إلى آدم(علیه السلام) أطلقت هذه المفردة علیه وعلى الموجودات الاُخرى من أمثاله(1).
«الغَرور»: من مادة «غُرور» أی الخدعة والحیـلة والغفـلة عنـد الیقظة، وقد اطلقت هذه المفردة على الشیطان لأنّه یغرّ الناس بخدَعِه وحِیَله ویخرجهم عن الطریق الصواب، ویغیّر رؤیتهم للحق والباطل.
«الغَرور»: کل شیء یغـرّ ویخدع، وهو أعمّ من المال والمقام والشهوة والشیطان، وإذا فسّر أحیاناً بالشیطان فقط فذلک لأنّه أخبث الخـادعین والماکرین.
أمّا «التسویل» فمن مادة «سُؤْلَ» وفی الأصل یعنی الحاجة والاُمنیة التی ترغب النفس فیها، والتسویل یعنی تزیین الشیء بشکل حیث تشتاق إلیه النفس، کما جاء بمعنى تزیین الأشیاء القبیحة.
هذا التفسیر ذکره الراغب فی مفرداته، إلاَّ أنّه یستفاد من صِحاح اللغة وکتاب العین، أن معناها فی الأصل هو الاسترخاء المتزامن مع الغرور والغفلة، ولهذا اطلقت هذه المفردة على تزیین الاُمور غیر السائغة واظهار عکس ما هی علیه وبشکل سائغ، بحیث یُخدع الإنسان من جرائها ویسترخی.
وعلى أیّة حال، فإنّ المراد من تسویلات الشیطان فی الآیات هو إظهار القبح حسناً بشکل یخدع الإنسان ویحرفه.
1. التحقیق فی کلمات القرآن الحکیم; مفردات الراغب; لسان العرب ومجمع البحرین مادة (شیطان).
