جمع الآیات وتفسیرها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
7 ـ حجاب الظن القاتم1 ـ حجاب القادة الضالین والمفسدین

إنّ هذه الآیة ناظرة إلى فریق من الیهود الذین عاهدوا الله على أن یتبعوا دعوات الأنبیاء ویخضعوا لها، إلاّ أنّهم کلما جاءهم رسول یأمرهم بما یخالف أهواءهم النفسیة نهضوا ضده أو قتلوه.

ثـم تـضیف الآیة: إنّهم حسبوا أن لا تکون فتنة ولا عذاب، وهذا ظن باطل نشأ عن حب الدنیا والکبر والغرور، ظن باطل تدعو إلیه الشیاطین والأهواء النفسیة، وهذا الظن هو الذی ألقى بحجابه على أفئدتهم وأبصارهم وسمعهم فحال دون أن یعقـلوا شیئـاً، فلـم تعد أبصـارهم تدرک الآثار المتبقیـة من المصیر المؤلم للاقوام السالفة ولم تعد آذانهم تمتلک قدرة سماع ما یُنقل عنهم، وبهذا فقدوا هاتین الوسیلتین المهمتین للمعـرفة ـ السمع والبصر ـ من الناحیة العملیة وظنوا أنّهم فی أمان من عذاب الله، وقد حصل لهم هذا الظن من خِلال السیر فی الأرض ودراسة التاریخ والأقوام السالفة، فما سمعوا عن تلک الأقوام بآذانهم، ولا شاهدوا بأعینهم، بل إنّ ابصارهم وآذانهم وأفئدتهم عاطلة عن العمل فحسبوا أن لا عذاب لهم.

إلاّ أنّه بعد انقضاء وطر من الزمن أدرکوا خطأهم والتزموا طریق التوبة، وقد وسعتهم رحمة الله فقبل توبتهم.

ومرة اُخرى خدعتهم ظنونهم الباطلة فظنوا أنّهم شعب الله المختار فی أرضه (بل أبناء الله)، فأسدلت ستائر العمى والصم والجهل على ابصارهم وسمعهم وطُردوا من رحمة الله تارة اُخرى.

إنّ هذه الآیة تبین بوضوح أنّ الظنون الباطلة وخاصة ظن الأمان من عذاب الله یجعل غشاوة على الباصر والمسع ویعطلهما عن العمل.

وعلى هذا، فالمراد من «فعموا وصموا» هو أن أعینهم ما بصرت آیات الله والآثار الباقیة من الأقوام السالفة، وأنّ آذانهم ما صغت لمواعظ الرسل.

وبدیهی أنّ اتباع الظن الباطل لمرة أو مرات لا یترک هذا المردود السلبی لدى الإنسان، بل الاستمرار علیه هو السبب فی ذلک.

وهناک أقوال فی سبب عطف الجملة الثانیة على الاُولى بـ «ثم» التی تدل على الفاصل الزمنی.

فقال البعص : إنّ استعمالها للاشـارة إلى مصیـرین مختـلفین للیهـود، أحدهما عندما هاجمهم أهل بابـل، والثـانی عندما هاجمهم الإیرانیون والرومیون وأسقطوا حکومتهم(1)، وقد جاء شرح ذلک فی التفسیر الأمثل فی بدایة سورة بنی اسرائیل.

وقال البـعض : إنّ الجملة الاُولى إشارة إلى عهد زکـریا ویحیـى وعیسى حیث خالفهم الیهود آنذاک، والعبارة الثانیة إشارة إلى عهد الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) حیث أنکروا نبوته ورسالته(2).

وقال البعض: إنّ العبارة الاُولى تبین أنّ الله لعنهم وطردهم من رحمته وأعمـاهم وأصمهم لأجل ظنهم الباطل من أنهم شعب الله المختار، وقد شملتهم رحمة الله بعد ذلک فتاب علیهم ورفع عن قلوبهم ذلک الظن الباطل، فأبصرهم وأسمعهم تارة اُخرى کی یلتفتوا إلى حقیقة هی: عدم وجود فرق بینهم وبین غیرهم إلاَّ بالتقوى.

إلاّ أنّ حالة الوعی والیقظة هذه لم تستمر عندهم، وتورط بعضهم بنفس الحسبان الخاطیء القائم على أساس التفرقة العرقیة تارة اُخرى، فأعماهم وأصمهم الله ثانیة(3).

والجمع بین هذه التفاسیر لیس متعذراً، ونتیجتها جمیعاً واحدة وهی: إنّ الظن الباطل (کظن الیهود أنّهم شعب الله المختار) یمنع الإنسان تدریجیاً عن الإدراک والفهم ویحرفه عن جادة الصواب، وإذا کان هذا الظن فی بدایته فیقظة العقل محتملة، ورجوعه عن هذا الحسبان ممکن، أمّا إذا تفاقمت الظنون وتأصلت فی ذاته فیصبح الرجوع عنها أمراً غیر ممکن.


1. تفسیر المنار، ج 6، ص 481.
2. وقد ذکر هذا التفسیر کاحتمال فی تفسیر الکبیر ، ج 12، ص 516 وکذا فی تفسیر روح المعانی، ج 6، ص 184.
3. تفسیر المیزان، ج 6، ص 71.

 

7 ـ حجاب الظن القاتم1 ـ حجاب القادة الضالین والمفسدین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma