4 ـ المکاشفات الرحمانیة والمکاشفات الشیطانیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
الجوابالسوال

قد نستغنی عن التذکیر بأنّه کما یوجد کشف وشهود واقعی یحصل تارة بالإیمان والیقین الکامل ، وتارة اُخرى بالریاضات النفسیة، فانّه یوجد کشف وشهود وهمی کثیر ، فقد یحصل هذا الکشف بسبب التلقینات المکررة وانحراف الذهن والفکر عن جادة الصواب، وتارة بسبب الالقاءات الشیطانیة ، فتتمثل فی ذهن الإنسان صور وحوادث لا واقع لها ، إنّها مجموعة أوهام لا أکثر ، ومن هذا القبیل الکشف والشهود الذی یدعیه کثیر من « الصوفیة »، فإنّ المرید البسیط یعتقد فی بدایة عمله ( من جراء الإعلام والدعایة التی یتلقاها من البعض) أنّه ینبغی له أن یرى مرشده الحقیقی فی المنام ، وتقوى هذه الفکرة عنده کل یوم، فیتوقع فی کل یوم رؤیة جمال مرشده ومراده فی عالم الرؤیا یزوره ویرشده (غالباً ما یضع أشخاصاً معینین نصب عینیه لهذا المنصب ، وإذا لم یعینهم بالدقة فانّه یعین صفات وممیزات خاصة لهم).

قد یفقد هذا الصوفی توازن فکره الطبیعی من جراء الریاضات الروحیة الشاقة وانحراف المزاج ، فتزداد قدرة الوهم عنده ، فیرى فی المنام یوماً أشخاصاً قریبین ـ من حیث الصفات والمیزات ـ من الأشخاص الذین رسمهم فی ذهنه، وقد یتطابقون فی الصفات بالکامل، وقد یحصل هذا فی عالم الیقظة، لأنّ عینی هذا السالک البسیط انّشدت إلى الطریق، واُذنیه صاغیتان إلیه دائماً فهو یتنظر دائماً أن ینفتح له باب من ذلک العالم: فتنمو هذه الفکرة عنده لیلا ونهاراً ، وقد تصنع قوة الوهم عنده ـ لا إرادیاً ـ صوتاً ینقر اُذنه، أو تتمثل أمامه صورة، فیتخذها أساس اعتقاده.

کما أنّ الاستماع إلى المواضیع المؤنسة والمنشطة (التی قد تبین فی اطار إشارات جمیلة وتتزامن مع ألحان مخدِّرة، یزید من تأثیر التلقینات علیه أضعافاً مضاعفة.

إنّ تلک الفرقة من الصوفیین الذین یؤیدون « الوجد والسماع »(1)، یذوبون فیهما بشکل حیث یفقدون توازنهم ، ویُعطَّل العقل عندهم ، فیترکون الساحة فارغة لقوة الوهم ، وأولئک الغارقون فی وهم الکشـف والشهود ومشاهدة عالم الغیب یسـیرون فی عوالم خیالیة تتوقف سعتها على شدّة الـوهم والخیال عندهم ، فتتمثل أمامهم صور مثل بحار النور ، وجبل الطور، والسموات السبع والأرضین السبع، وکلما مالت قوة الوهم عندهم إلى شکل أو صورة، تمثل ذلک الشکل أو تلک الصورة أمام أعینهم.

إنّهم یفرحون لهذه اللـحظات کثیراً ، وکأنـّهم التقوا بالمراد وعانقوه ، فیصرحون وتعلو أصواتهم، مما یزید ویفاقم هذه الحالة عندهم، ثم یرمون بحالة شبیهة بالاغماء ، وبعدما یصحون ویهدءون من هذه الحالة ، یحکون للناس ما رأوا ظناً منهم أنّه کشف.

إنّهم فی الحقیقة یسعون نـحو السراب ظناً منهم أنّه مـاء ، ورغم عدم وصولـهم إلى شیء، یبتلون بأمور بعیدة عن الحق والحقیقة.

وبعبارة مختصرة: لا یمکننا تصدیق کل من ادعى الکشف والشهود، وکذا لا یمکننا اعتبار کل تمثل وکل نداء إلهیاً واقعیاً، وذلک لأنّ هناک کشفاً شیطانیاً.

وقد جاء فی حدیث للإمام علی(علیه السلام) مع الحسن البصری: أنّ الإمام(علیه السلام) مر بالحسن البصری وهو یتوضأ فقال: یا حسن اسبغ الوضوء، فقال: یا أمیر المؤمنین لقد قتلت بالأمس اُناساً یشهدون أن لا إله إلاّ الله وحده لا شریک له وأنّ محمداً عبده ورسوله، یصلون الخمس، ویسبغون الوضوء، فقال له أمیر المؤمنین(علیه السلام): قد کان ما رأیت فما منعک أن تعین علینا عدونا، فقال: والله لأصدقنّک یا أمیرالمؤمنین لقد خرجت فی أول یوم فاغتسلت وتحنطت وصببت علیّ سلاحی وأنا لا أشک فی أنّ التخلف عن أم المؤمنین عائشه هو الکفر، فلما انتهیت إلى موضع من الخریبة نادانی مناد «یا حسن إلى این ارجع فإنّ القاتل والمقتول فی النار» فرجعت ذعراً وجلست فی بیتی، فلما کان فی الیوم الثانی لم أشک أنّ التخلف عن اُم المؤمنین عائشه هو الکفر، فتحنطت، وصببت علیّ سلاحی وخرجت اُرید القتال، حتى انتهیت إلى موضع من الخریبة فنادانی مناد من خلفی: «یا حسن إلى این مرةً بعد اُخرى القاتل والمقتول فی النار» قال علی(علیه السلام): صدقک افتدری من ذلک المنادی؟ قال: لا، قال(علیه السلام): ذاک أخوک ابلیس، وصدقک أنّ القاتل والمقتول منهم فی النار، فقال الحسن البصری: الآن عرفت یا أمیرالمؤمنین أنّ القوم هلکى(2).

إنّ نداءات کهذه أشیر إلیها فی القرآن بصفة وحی الشیاطین ، حیث یقول تعالى فی الآیة: (وکَذَلِکَ جَعَلْنَا لِکُلِّ نَبِىٍّ عَدُوّاً شَیَاطِینَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ یُوحِى بَعْضُهُمْ اِلَى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً).(الانعام / 112)

إنّها نوع من الامتحان للتمییز بین صفوف المؤمنین وغیرهم، فقد جاء فی الآیة: (وَاِنَّ الشَّیَاطِینَ لَیُوحُونَ اِلَى أَوْلِیَائِهم).(الانعام / 121)

وبناءً على ما تقدم، نرى کتب الصوفیة ملیئة بهذا النوع من المکاشفات، مکاشفات غریبة وموحشة، ومردوداتها السلبیة کثیرة، نشیر إلى بعض منها هنا بشکل مختصر:

1- ورد فی کتاب «صفوة الصفاء» فی شرح أحوال الشیخ صفی الدین الأردبیلی، بقلم أحد مریدیه ما مضمونه: أنّ رجلا من ذوى المکاشفات أخبر الشیخ بأنّه رأى فی عالم الرؤیا أنّ أکمام الشیخ امتدت من العرش إلى الثرى فقال له الشیخ: إنّ رؤیاک هذه تتناسب مع طول أناتک وصبرک!

2 ـ کتب محی الدین بن عربى فی کتابه «مسامرة الأبرار» إنّ الرجبیین لأشخاص مرتاضون بریاضات خاصة، ومن صفاتهم أنّهم یرون الرافضین (الشیعة) فی حالة الکشف فی صورة خنازیر.

3 ـ وکتب الشیخ عطار فی کتابه «تذکرة الأولیاء» عن «با یزید البسطامی»: طِفْتُ البیت فترة، وعندما وصلت إلى الحق، رأیت أنّ الکعبة تطوف حولی!... إنّ الله بلغ بی إلى درجة حیث أستطیع أن أرى الخلق جملة بین اصبعی!!(3).

4 ـ وقد جاء فی نفس الکتاب، أنّ با یزید قال: عرض علیَّ الحقُ الفی مقام عنده وفی کل مقام سلطان، وما قبلتُ(4).

إنّ هذه ادّعاءات لم تُسمع من نبی مرسل ولا من إمام معصوم ، بل إنّ أدعیتهم ومناجاتهم فی جنب بیت الله التی تکون فی غایة التذلل والتواضع تکشف عن أن کشفاً کهذا إن لم یکن فهو ـ قطعاً ـ أوهام وتخیلات شیطانیة ترتسم فی أذهان البعض، لأسباب وعوامل مختلفة، أشرنا إلى بعضها سابقاً ، وإنّ سعة هذه الأوهام تتوقف على مدى وطول آمال الشخص وتخیلاته.


1. المراد من السماع، الألحان الموسیقیة أو نغمات المطربین الدارجة فی بعض مجالس الصوفیین، والمراد من الوجد، الذوق والشوق واللهفة التی تحصل للصوفیین الذین یحسنون السماع ویقترن مع حرکات تشبه الرقص.
2. احتجاج الطبرسی، ج 1، ص 250.
3. تذکرة الأولیاء، ص 102.
4. المصدر السابق، ص 101.

 

الجوابالسوال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma