یوجد اُسلوبان للتفسیر الموضوعی:
الاُسلوب الأول: الذی اختاره بعض المفسرین فی عملهم، وهو أنّهم یتناولون المواضیع المختلفة کالموضوعات العقائدیة (التوحید والمعاد و..) والموضوعات الأخلاقیة (التقوى حسن الخلق و...)، وبعد ذکر بحوث فلسفیة وکلامیة أو أخلاقیة یذکرون بعض الآیات القرآنیة المرتبطة بالموضوع بعنوان الشاهد على ذلک.
الاُسلوب الثانی: وهو الذی یتمّ فیه قبل کل شیء جمع الآیات الواردة حول الموضوع من جمیع أجزاء القرآن، وقبل أیّ حکم أو ابداء نظر یتمّ جمع الآیات وتفسیرها مجتمعة، وبجمعها وملاحظة العلاقة فیما بینها نحصل منها على الصورة الکاملة.
وهنا لا یملک المفسّر شیئاً من عنده مطلقاً، ویسیر کالظل خلف آیات القرآن فیفهم کل شیء من القرآن، ویکون کل همّه کشف محتوى الآیات، وإذا أراد الإِستعانة بآراء الآخرین بل حتى بالأحادیث، فذلک فی المرحلة الثانیة وبصورة مستقلة.
وقد إخترنا هذا الاُسلوب فی (نفحات القرآن) حیث جمعنا کل الآیات الواردة فی کل
موضوع وجعلناها فی مقدمة کل بحث، وجعلنا کل مسائل البحث تسیر تحت ظل الآیات، ونعتقد أن هذا هو السبیل الأمثل لإیصالنا إلى حقائق القرآن.
وهذان الاُسلوبان متبعان فی التفسیر المعتاد (التفسیر الترتیبی حسب السور والآیات) فجماعة یحملون آیات القرآن على آرائهم وجماعة اُخرى یجعلون آراءهم تابعة لآیات القرآن، ومن الواضح أنّ الاُسلوب التفسیری الصحیح هو الثانی.
القرآن (نور وکتاب مبین) فهو یبین کل الحقائق المرتبطة بسیادة الإنسان: (قَدْ جَاءَکُمْ مِّنَ اللهِ نُورٌ وَکِتَابٌ مُّبِینٌ).(المائدة / 15)