(إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ البُکْمُ الَّذِینَ لاَ یَعْقِلُونَ).(الأنفال / 22)
إنَّ هذه الآیة والتی قبلها تُشیران إلى موضوع واحد لکن الأخیرة تشیر له صراحة والسابقة تلمیحاً، والموضوع هو: إنّ الإنسان متى ما ترک الاستعانة بوسائل المعرفة التی منحها الله له فانّه سینحط ویسقط إلى مستوى یجعله أضل من جمیع الدواب التی على وجه الأرض، ولَم لا یکون کذلک مَن بإمکانه أن یصل إلى أعلى علیین فی جوار ربّ العالمین، وأن یصل إلى مقام «لا یرى به إلاّ الله»، ولکن بترکه جمیع المواهب والمِنَح الإلهیّة فإنّه سیسقط إلى أسفل سافلین.
إضافةً إلى هذا، فإنّ الإنسان الذی لا یسیر فی جادة الخیر والهدایة، فانه ربّما یستخدم تلقائیاً جمیع المواهب والقابلیات الإلهیّة فی طریق الشر، وسیرتکب جرائم مفجعة ویخترع
وسائل رهیبة لم یدنُ إلى مستوى وحشیته أیٌّ من الحیوانات المفترسة، کما نشاهد نماذجه فی عصرنا الحاضر عند أُناس بعیدین عن الله والبشریة(1).