شرح المفردات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
تمهیدأفعال العقل

«العقل» کما جاء فی لسان العرب ومفردات الراغب ـ من العقال أی الحبل الذی یُشدْ به ساق البعیر لمنعه من الحرکة وبما أنّ العقل یردعُ الإنسان عن القیام بالأعمال المشینة اطلقت هذه المفردات علیه.

وقد ذکر صاحب الصحاح أنّها تعنی «الحُجْر» «المنع» بینما قال البعض کصاحب القاموس: إنّها تعنی «العلم بصفات الأشیاء کالحسن والقبح والکمال والنقص»، أمّا صاحب مجمع البحرین فقد فسر العاقل بانه: «الذی یستطیع أن یسیطر على نفسه ویتغلب على أهوائه ومیوله».

ویظهر أنّ معناه الأولی هو الصد والمنع ولهذا یقال لمن امتنع لسانه عن النطق «اعتقل لسانه» کما یقال «للدیة» «عقل» لأنّها تحول دون إهراق دماء أکثر، ویقال للمرأة العفیفة والمحجبة والطاهرة «عقیلة».

یقول «الخلیل بن أحمد» فی کتابه «العین»: إنّ العقل یطلق على القلعة والحصن أیضاً.

کما نلاحظ هنا فإنّ مفهوم الحجر والمنع متضمّن لجمیع هذه المعانی، وعلیه فإن أصلهُ یعنی المنع.

أمّا کلمة «اللب» وجمعها «الألباب» ـ کما یقول کثیر من أهل اللغة ـ یعنی الخالص والصفوة من کلّ شیء، ولهذا یطلق على المرحلة الرفیعة من العقل «اللب»، فإنّ کل لب عقلٌ لکن لیس کل عقل لُباً، لأنّ اللب هو العقل فی مراحله الرفیعة والخالصة، ولهذا السبب نُسِبَتْ اُمورُ القرآن الکریم إلى «أُولی الألباب» لا تدرک إلاّ بالمراحل الرفیعة من العقل، کما یطلق اللب على باطن کثیر من الفواکه لأنَّه خالص من القشر(1).

وإنّ کلمة «الفؤاد» ـ کما أشرنا سابقاً ـ من مادة «فأد» على وزن (وَعْد) وفی الأصل معناه وضع الخبز على الرماد أو الحصى الحارة، کی یُخبز جیداً، کما یطلق على طبخ وشوی اللحم(2).

وعلى هذا فالعقل عندما ینضج یطلق علیه «فؤاد» وجمعهُ «أفئدة».

ویضیف الراغب فی مفرداته: إنّ «الفؤاد» یعنی القلب مع زیادة وهی الإنارة واللمعان.

إنّ «القلب» ـ کما جاء فی القاموس والمفردات والعین ولسان العرب ـ فی الأصل یعنی تغیر الشیء وتحوله، وغالباً ما یستعمل بمعنیین، فتارة یطلق على العضو الذی یتکفل بضخ الدم إلى جمیع أعضاء البدن، وتارة اُخرى یستعمل فیرادُ به الروح والعقل والعلم والفهم والشعور، وجاء هذا الاطلاق من حیث إنّ القلب الجسمانی والقلب الروحی فی حرکة وتغیّر مستمرین، وکما یقول بعض أهل اللغة:

ما سمی القلب إلاّ من تقلبه *** والرأی یصرف بالإنسان اطوارا!

کما أنَّ کلمة «القلب» تطلق على مرکز کل شیء مثل: قلب العسکر، لأنّ القلب مرکز جسم وروح الإنسان، وقد جاء فی القاموس أنّ خالص کلّ شیء یقال له «قلب».

وکلمة «النُهى» تَعنی «العقل» ومن مادة «نهی» على وزن (سَعْی) ویعنی المنع من شیء مأخوذ، وقد صرح کثیر من أئمة اللغة (کصاحب المفردات ومجمع البحرین ولسان العرب وشرح القاموس) أنّ هذه التسمیة جاءت من حیث إنّ العقل ینهى عن الأعمال المشینة.

وَ«الصدر» فی الأصل یعنی القسم الأمامی الذی تحت الرأس (فی الجسم) ومن ثم اطلق على القسم الأعلى والمقدم لأی شیء، مثل صدر المجلس أی أعلاه، وصدر الکلام أی بدایته، وصدر النهار أی أوله (کما جاء ذلک فی المفردات ولسان العرب).

إلاَّ أنّه قد یستفاد من بعض الکلمات معنى المقدمیة والبدایة لکل شیء، وعلى کل حال، بما أنّ العقل عضو مهم ویقع فی الجزء الأعلى من البدن أُطلق علیه صدر، خاصة وأنّ القلب
الجسمانی یقع فی وسط الصدر (العضو المعروف من البدن)، وسنذکر فیما بعد أنّ هناک علاقة وثیقة بین انقلاب القلب العضوی والانقلابات العقلیة.

أمّا کلمة «الروح» فی الأصل تعنی التنفس، وبما أنّ هناک علاقة وثیقة بین التنفس وبقاء الحیاة، استعملت بمعنى النفس ومرکز العقل وفهم الإنسان.

وقد صرح البعض أن کلمتی «الروح» و«الریح» اشتقتا من أصل واحد، وإذا سمیت الروح ـ التی هی وجود مجرّد ومستقل ـ روحاً فذلک من حیث إنّ الروح کالریح توجد الحیویة والحرکة من دون أن تُرى.

وَکلِمة «النفس» ـ وکما یقول الراغب وصاحب القاموس ولسان العرب وکتاب العین ـ تعنی الروح التی هی مرکز إدراکات الإنسان، إلاّ أنّ القرآن الکریم ذکر مراحِلَ النفس: «فالنفس الامارة» هی النفس التی تأمر الإنسان بالمعاصی وترغبه بها، و«النفس اللوامة» وهی التی تندم على المعاصی التی ارتکبها الإنسان وتوبخه علیها، و«النفس المطمئنة» وهی التی تتحکم بجمیع الشهوات والمیول وقد وصلت إلى مرحلة الاطمئنان.

من مجموع ما سبق، یتبین لنا أنّ القرآن المجید استعمل مفردات کثیرة للإشارة إلى العقل، وکلٌّ من هذه المفردات تشیر إلى جانب من جوانب هذا الوجود النفسانی، وبتعبیر آخر کلٌّ منها یتعلق ببعد من أبعاد العقل.

وبما أنّ هذه القدرة الغامضة تردع الإنسان عن الأعمال المشینة وتمنعه عنها قیل لها عقل ونُهى.

وبما أنّه فی حال انقلاب وتحول دائم قیل له «قلب»، وبما أنّه فی القسم الأعلى من بدن الإنسان قیل له «الصدر».

وبما أنّ هناک علاقة وثیقة بینه وبین الحیاة قیل له «روح» و«نفس»، وعندما یصل إلى مرحلة الإخلاص ویصفو من الشوائب یقال له «لُبّ»، وأخیراً عندما تنضج أفکاره یطلق علیه «فؤاد».

نستنتج من هذا البیان أنّ استعمال هذه المفردات المتنوعة فی القرآن لم یکن اعتباطاً بل کان منسجماً ومتماشیاً مع الموضوع الذی فی الآیة، وهذا من عجائب القرآن التی یدرکها الإنسان عند تتبعه لآیات القرآن وتفسیره لها موضوعیاً.


1. لسان العرب والمفردات ومجمع البحرین.
2. لسان العرب وتاج العروس ومفردات الراغب.

 

تمهیدأفعال العقل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma