9 ـ الالهامات الغریزیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
8 ـ کیفیة نزول الوحی على الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله)تمهید

قلنا سابقاً أنّ للوحی مفهوماً واسعاً سواء فی آیات القرآن أو فی کتب اللغة، کما قلنا إنّ أحد مصادیقه هو الإدراک الغریزی عند الحیوانات، ولا یمکن تحلیله بأی تحلیل مادی، بل وجوده فی الحیوانات دلیل على وجود ذلک المصدر الغنی والعظیم للعلم والمعرفة فیما وراء الطبیعة.

وقد أشار القرآن المجید إلى هذا الأمر العجیب بالنسبة للنحل فی الآیات 68 و69 من سورة النحل.

لقد اتّضح لنا ـ بعد التحقیقات التی اُجریت على هذه الحشرة فی العصر الحاضر ـ أنّ النحل یعیش حیاة اجتماعیة وتمدناً عجیباً یفوق تمدن الإنسان فی بعض نواحیه، فالعمران والبناء یتمّ عنده بدقّة کاملة وطبقاً للمواصفات الهندسیة، وکیفیة تجمیع العسل وتهیئته وادخاره وحفظه من التلوث، وکیفیة تربیة الصغار، والتعذیة الخاصة للملکة، والتحقق من عدم تلوث بعض النحل بالزهور الملوثة، وکیفیة الدفاع ضد العدو، وکیفیة إخبار أعضاء الخلیة عن الزهور بواسطة النحل المکلّف بالبحث، وإعطاء المواصفات الدقیقة من حیث المسافة والانحراف وذلک للحرکة الجماعیة نحو ذلک المصدر، وغیر ذلک من الاُمور العجیبة التی لا یمکن تفسیرها إلاّ بالقول بأنّ لها إلهاماً غریزیاً.

ویقال: إنّه تم التعرف على 4500 نوع من أنواع هذه الحشرة، والعجیب فی الأمر أنّ جمیعها تتبع طریقة واحدة فی کیفیة البناء والمَصّ والتغذیة من الزهور(1).

إنّ البحث یستدعی عدم الخروج عن صلب الموضوع کثیراً ، وإلاّ فالحدیث عن الحیاة الغامضة للنحل طویل، ویکفینا منه الحدیث عن بنائه لبیت سداسی الاضلاع مع زوایا هندسیة دقیقة.

یقول العلماء فی هذا المجال: إنّ البیوت المبنیة من قبل النحل بنیت بدقّة وظرافة بحیث لا تحتاج إلى مواد أولیه کثیرة للبناء، رغم سعة محتواها، لوجود ثلاثة أشکال فقط من بین الأشکال الهندسیة المتعددة ـ یمکن بناء البیوت على أساسها من دون حصول فراغ بینهاـ والأشکال هی، المثلث متساوی الأضلاع والرباعی، والسداسی، وقد کشفت الدراسات الهندسیة أن سداسی الأضلاع یتطلب مواد بناء أقلّ مع شدّة مقاومته، ولهذا السبب رجحه النحل على الشکلین الآخرین.

من أین حصلت له هذه الالهامات الغریزیة؟ وفی أی مدرسة تعلم هذه التعالیم؟

لا یقتصر هذا الالهام الغریزی على النحل فحسب، بل نجده فی کثیر من الحیوانات تفوق عجائب کلٍّ منها الاُخرى، نذکر لذلک الأمثلة الآتیة:

یقول أحد العلماء فی کتاب له باسم «البحر بیت العجائب»:

«إنّ الحرکات التی تقوم بها بعض الأسماک تعتبر من غرائب الطبیعة ولا أحد یستطیع أن یکشف أسرار هذا السلوک، فهناک نوع من الأسماک یسمى «النُقْط» یغادر البحر المالح الأنهر العذبة وهی الأماکن التی ولدت فیها نفسها ، وقد یقتضی ذلک أن تسیر عکس اتّجاه حرکة المیاه ، أو تصعد الشلالات من أسفلها إلى أعلاها، وقد یبلغ عددها حداً بحیث تملأ النهر ، وعندما تصل إلى المحل المقصود تضع بیوضها ثم تموت!

یا تُرى: کیف تستطیع هذه الأسماک أن تختار المیاه المناسبة لها؟ إنّه أمر عجیب، والأعجب، لأنّها تفتقد الخارطة ، کما أنّ بصرها تحت الماء محدود، ولم یدلها أحد على الطریق، وبالرغم من ذلک فهی تصل إلى المکان المقصود والمناسب».

ویضیف فی نفس الکتاب: «إنّ الأعجب من ذلک هو سلوک الأسماک الانجلیزیة «سمک یشبه الحیّة» فحین تبلغ ثمان سنوات تغادر النهر أو المستنقع الذی کانت تعیش فیه، وتزحف لیلا على الأعشاب المتشابکة حتى تصل إلى شاطىء البحر ، ثم تجتاز المحیط الأطلسی عرضاً حتى تصل إلى المیاه القریبة من «برمودا»! وتغوص فی المحیط آنذاک وتضع البیوض ثم تموت ... إنّ صغار هذه الأسماک تطفو على سطح البحر وتبدأ سفرها عائدة إلى وطنها، وتستغرق هذه السفرة سنتین أو ثلاثاً حتى تصل إلى المحل الذی کان فیه أسلافها.

کیف وجدت هذه الأسماک طریقها رغم أنّها لم تسلکه سابقاً؟ إنّه سؤال لا یمکنک الإجابة عنه، کما لا یستطیع أعلم العلماء الإجابة عنه، إنّه سرّ، ولا أحد یعرفه»(2)!

وکثیر من الطیور المهاجرة تجتاز طرقاً ومسافات طویلة ، وبعضها یجتاز طریق «اوربا» إلى «أفریقیا الجنوبیة» دون خطأ فی الاتّجاه ، ولم نکتشف کیفیة اهتداء هذه الطیور إلى الطریق حتى فترة لیست ببعیدة.

وقد أثبت بعض العلماء ـ بعد التحقیق والتجارب على هذه الطیور ـ أنّها تهتدی الطریق بواسطة مواقع النجوم، وأثبتت التجارب أنّها تعرف مواقع النجوم غریزیاً ، وتعلم تغیر مواقعها حسب فصول السنة، وحتى عندما تتلبد السماء بالغیوم ، فإنّ ومیض بعض من النجوم یکفیها للاهتداء إلى الطریق، کما أثبتت تجارب اُخرى أنّها ورثت معرفتها عن الفلک ومواقع النجوم ، أی أنّها تعلم کل شیء عن السماء ومواقع النجوم وإن لم تشاهد السماء سابقاً ، بالطبع لم تُکتشف کیفیة انتقال هذه المعلومات التفصیلیة لهذه الطیور بالوراثة، خاصة وأنّ السماء تتغیر أشکالها بمرور الزمان، ثم: من أین حصل الجیل القدیم على هذه المعلومات؟!(3).

و النموذج الآخر لهذه الغریزة هو سلوک طیر باسم « آکسک لوب » عندما تضع البیوض، فیقول العالم الفرنسی «وارد» حول هذا الحیوان:

« إنی درست حالات هذه الطیور ، فوجدت من خصائصها أنّها تموت بعد أن تبیض، ولا ترى أفراخها أبداً، کما أنّ الأفراخ لا ترى اُمهاتها، وعندما تفقس البیوض تخرج کالدیدان بلا أجنحة ولا ریش، ولا قدرة لها على تحصیل الطعام ، ولا قدرة لها للدفاع عن نفسها من الحوادث والمخاطر التی تهدد حیاتها ، ولهذا ینبغی أن تبقى فی مکان محفوظ فیه طعام یکفیها لمدّة سنة ، ومن بعدها تقوم الاُم ـ عندما تشعر أنّها على وشک أن تبیض ـ بالبحث عن قطعة من خشب ثم تثقبها ثقباً عمیقاً ، وتجمع فیها المؤونة الکافیة، فتجمع أولا أوراق الأشجار ما یکفی لفرخ واحد لمدّة سنة وتلقیها فی نهایة الثقب العمیق، ثم تضع علیها بیضة وتبنی علیها سقفاً محکماً من عجینه خشبیة، ثم تبدأ ثانیاً فی جمع مؤونة فرخ آخر لمدّة سنة وبعد جمعها المؤونة ووضعها على سطح الغرفة الاُولى، تضع بیضة ثانیة علیها وسقفاً آخر، وهکذا تبنی الغرفة بعد الغرفة حتى تموت(4).

من الذی علم هذا الطیر هذا الحجم من المعلومات رغم أنّه لم یر اُمه ولا أفراخه؟ لا جواب لأحد على هذا السؤال إلاّ القول، بأنّها الهامات غریزیة من قبل الخالق العظیم.

مصادر وسُبُل المعرفة / 6 ـ الکشف والشهود


1. اول جامعة،، ج 5، ص 55 «بالفارسیة».
2. البحر بیت العجائب، ص 116 و 117 (بالفارسیة).
3. حواس الحیوانات الغامضة، تألیف (ویتوس دروشر)، ترجمة لاله زاری، ص 167 ـ 71 (ملخص) «بالفارسیة».
4 ـ المتلبسون بالفلسفة، ص 229، «بالفارسیة».

 

8 ـ کیفیة نزول الوحی على الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله)تمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma