المنافقون عمی القلوب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
5 ـ حجاب النفاقالسوال

إنّ فی أوائل سورة البقرة ثلاث عشرة آیة تحدثت عن النفاق والمنافقین، وقد صورتهما بدقة متناهیة وبتعابیر وافیة، والآیة الاُولى هی من ضمن الآیات التی جاءت هناک.

یقول القرآن فی هذه الآیة: إنّ أحد أخطاء المنافقین أنّهم یخادعون الله وکذا المؤمنین، وفی الحقیقة لا یخادعون إلاّ أنفسهم وهم لا یشعرون ولا یعلمون، وذلک لأنّ النفاق قد غطّى قلوبهم بستاره السمیک، ثم یضیف القرآن: (فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً).

من الواضح، أنّ المراد من المـرض فی الآیة هـو « مرض النفاق » الذی یتغلب على قلوبهم، فالإنـسان المـریض لا یستطیع أن یفکر تفکیراً سلیماً (لأنّ العقل السلیم فی الجسم السلیم)، وکذلک حواسه الظاهریة، ولهذا نرى بعض المـرضى تـبدو ألـذ الأغـذیة عنـدهم کـریـهة الطـعم، وبـعض الأغذیة کـریهة الطعم لذیذة.

وقد شبهت الآیة الثانیة المنافقین بالذی ضلَّ متورطاً فی ظلمات اللیل، ثم استوقد ناراً لیرى مما حوله، فجاء ریح عاصف وأطفأ ما استوقده فبقی فی الظلمات تارة اُخرى، فلا یبصر ولا یسمع ولا ینطق شیئاً، ولا طریق له للرجوع.

قد یکون المراد من النور الذی جاء فی الآیة هو نور الإیمان الظاهری الذی یراه المنافق ویستضیء به ما حوله ویحفظ نفسه وماله تحت ضیائه.

أو أنّ المراد منه هو نـور الفطرة الذی جُبل علیه الإنسان، والمنافقون یستثمرون هذا النور فی البدایة، ولا یمضی زمن طویل حتى تأتی زوبعة النفاق فتطفئه.

و تحدثت الآیـة الثالثة والـرابعة عن المـنافقین مرضى القلـوب، وبقرینة الآیات السابقة ندرک أنّ المراد من «الذین فی قلوبهم مرض» هو نفس المنافقین وأنّ العطف عطف تفسیری(1)، إلاّ أنّ الآیة الثالثة تحدثت عن موقفهم فی معرکة بـدر، والـرابعة عن موقفهم فی معرکة الأحزاب، والفرق هو أنّهم کانوا فی «بدر» فی صفوف المشرکین لأنّ المشرکین یوم ذاک کانوا القوة الراجحة، وفی معرکة الأحزاب کانوا مع المسلمین.

کانوا یقولون: «اغترَّ هؤلاء المسلمون بدینهم، وقد خطوا هذه الخطوة الخطیرة (الجهاد) رغم قلة العدّة والعدد ظناً منهم بالنصر، أو بالشهادة التی مصیرها الموت»!

بالطبع، إنّهم غیر قادرین ـ بسبب المرض الذی فی قلوبهم ـ على الإدراک الصحیح لعوامل النصر الحقیقیة أی الإیمان والثبات والفتوة التی هی ولیدة الإیمان فما کانوا یدرکون أن من یتوکّل على الله القادر فهو حسبه وهو ناصره، والشاهد على هذا الحدیث هو ما حصل فی صدر الإسلام، حیث إنّ بعض المسلمین رفض الهجرة إلى المدینة، والعجیب فی الأمر
أنّ قریشاً عندما تحرکوا نحو بدر لقتال المسلمین، اصطف هؤلاء المسلمون (المنافقون) فی صفوفهم، وکانوا یحدثون أنفسهم أنّهم سیلتحقون بجیش محمد إذا کان جیشه ذا عدد کبیر، وسیبقون مع جیش قریش إذا ما کان عدد المسلمین قلیل(2).

وهل للنفاق مفهوم غیر هذا الذی تجسد فی هذه المجموعة؟ وإذا لم یکونوا منافقین، فمن هم المنافقون؟

وقد حصل هذا الأمر بالذات فی معرکة الأحزاب فإنّ شخصیات کثیرة من المنافقین کانت قد حشرت نفسها مع المسلمین، وعندما شاهدوا کثرة الأحزاب قالوا بصراحة: ما وعدنا الرسول إلاّ کذباً وباطلا.

وهذا هو حجاب النفاق الذی لا یسمح لهم من إدراک الحقائق، رغم أنهم شاهدوا بأم أعینهم أن النصر لیس بکثرة العدد، بل بالإیمان والثبات الناشیء عنه.


1. لقد جاء فی تفسیر المیزان، ص 164 و 302; وکذلک تفسیر الکبیر ، ج 15، ص 176، أنّ المراد من الذین فی قلوبهم مرض هم ضعیفو الإیمان وهم غیر المنافقین. لکن لا یتناسب ضعف الإیمان مع المرض فی القلب، إضافة إلى أن الآیات الثلاثة عشرة التی جاءت فی أوائل سورة البقرة استعملت هذا التعبیر فی حقهم. کما یبدو بُعد الرأی الذی یفسر المرض بالتردید والشک، لأنّ المرض نوع من الانحراف، بینما الشک نوع من الفقدان.
2. تفسیر الکبیر ، ج 15، ص 176 ذیل الآیة 49 من سورة الأنفال.

 

5 ـ حجاب النفاقالسوال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma