عندما اقترح على یوسف التصدی لمسؤولیة مهمة فی حکومة مصر، قال:
(إِجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الاَْرْضِ إِنِّى حَفِیظٌ عَلِیمٌ).(یوسف / 55)
عندما أعلن بنو اسرائیل عن استعدادهم لمقارعة الملک الظالم آنذاک «جالوت» الذی
شردهم، طالبوا نبیّهم بأن یعین لهم قائداً کی یجاهدوا «جالوت» الظالم، تحت رایته، قال لهم النبی:
(اِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَکُمْ طَالُوتَ مَلِکاً قَالُوا أَنَّى یَکُونُ لَهُ الْمُلْکُ عَلَیْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلکِ مِنْهُ وَلَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَیْکُمْ وَزَادهُ بَسطَةً فِى الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ یُؤْتِى مُلْکَهُ مَنْ یَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِیمٌ).(البقرة / 247)
والجدیر بالذکر إنّ «طالوت» الذی کُلِّفَ بمهمة قیادة بنی اسرائیل لمقارعة الملک القوی والظالم، کان قرویاً مجهولا یعیش فی احدى القرى الساحلیة وکان یرعى مواشی أبیه ویزرع!
لکنّه کان ذا قلب واع، وجسم قوی، ومعرفة دقیقة وعمیقة بکثیر ممّا یجری حوله، ولهذا عندما رآه النبی «اشموئیل» عینّه قائداً على بنی اسرائیل ولم یعبأْ باعتراضاتهم على تعیینهِ، تلک الاعتراضات الناشئة عن معاییر وهمیة فی انتخاب القائد کامتلاک الثروة والأموال الطائلة والسمعة والتقالید الموروثة من الآباء، حیث کانوا یعترضون بأنّه مع ما عندنا من أشخاص ذوی سمعة وثروة، وهم أجدر من طالوت لهذه المسؤولیة، فکان یجیبهم النبی: إنّ هذا الاختیار هو انتخاب الهیّ، والکل یجب أن یسلّم لأمره.
إنَّ هاتین الآیتین تدلان بوضوح على أنّ المعرفة والعلم من عناصر القیادة والإدارة، وتؤکدان ما قلناه عن المعرفة حتى الآن(1).