6 ـ التاریخ فی نهج البلاغة والروایات الإسلامیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
الإجابة على إشکالآخر الحدیث حول التاریخ المعلِّم

بما أنّ نهج البلاغة کتاب عظیم ذا محتوى تربوی غنی جدّاً، وبما أنّ التربیة بلا معرفة، والمعرفة بلا تربیة أمر محال، فقد أکد هذا الکتاب على القضایا التاریخیة کثیراً.

إنّ أمیر المؤمنین(علیه السلام) عند حدیثه عن الحوادث التاریخیة یصورها وکأنّه یأخذ بأیدی الناس إلى مکان الحدث ویریهم فرعون وجنوده ویقتفون آثار مستضعفی بنی اسرائیل ومن ثم یشاهدون غرقهم فی نهر النیل.

إنّه یصور قوم نوح وقوم عاد وثمود تحت تأثیر الدمار الشامل الذی خَلَّفَهُ الطوفان والصواعق والزلازل والحجر الذی أُمطروا به، والناس یشاهدون أخذ هذه الاُمم الطاغیة واللاهیة مع قصورهم ومدنهم وبطغیانهم وهلاکهم فی طرفة عین بحیث لم یبق إلاّ آثار الخراب والصمت القاتل المهیمن علیها، وکل من سَاحَ فی نهج البلاغة مرَّ بهم ورجع بکنز هائل من العلم والمعرفة والخبرة، إنّ قدرة نهج البلاغة فی تصویر الحوادث قدرة عجیبة حقاً، وکذا الأمر عند بیانه لفلسفة التاریخ.

وقد شرحنا سابقاً کلام الإمام علی(علیه السلام) للإمام الحسن(علیه السلام) حول تأثیر التاریخ على طول عمر الإنسان، طول یمتد بامتداد أعمار جمیع البشر من حیث المعرفة والتجربة.

وهناک عبارات جمیلة له(علیه السلام) حول جریان السنن التاریخیة حیث یقول:

«عباد الله إنَّ الدهر یجری بالباقین کجریه بالماضین، یعود ما قد ولّى منه، ولا یبقى سرمداً ما فیه، آخر فعاله کأوّله، متشابهة اُموره، متظاهرة أعلامه»(1).

وفی تفسیره للإیمان باعتباره ذا أربعة أعمدة الصبر والیقین والعدل والجهاد)، یقول: «الیقین منها على أربع شُعَب، على تبصرة الفطنة وتأوّل الحکمة، وموعظة العبرة وسنة الأولین»(2).

ویقول(علیه السلام) فی موضع آخر:

«واعلموا عباد الله أنّکم وما أنتم فیه من هذه الدنیا على سبیل من قد مضى قبلکم، ممن کان أطول منکم أعماراً، وأعمر دیاراً، وأبعد آثاراً، أصبحت أصواتهم هامدة، وریاحهم راکدة، وأجسادهم بالیة، ودیارهم خالیة، وآثارهم عافیة، فاستبدلوا بالقصور المشیدة، والنمارق الممهدة، الصخور والأحجار المسندة، والقبور اللاطئة المُلْحَدة التی بُنی على الخرب فناؤها وشیّد بالتراب بناؤها»(3).

ویقول فی خطبة اُخرى:

«فاعتبروا بما أصاب الاُمم المستکبرین من قبلکم، من بأس الله وصولاته ووقائعه ومثلاته، واتّعظوا بمثاوى خدودهم ومصارع جنوبهم»(4).

کما یقول فی نفس الخطبة:

«فانظرو کیف کانوا حیث کانت الأولاد مجتمعة والأهواء مؤتلفة، والقلوب مهتدلة. والأیدی مترادفة، والسیوف متناصرة، والبصائر نافذة والغرائم واحدة، ألم یکونوا أرباباً فی أقطار الأرضین؟ وملوکاً على رقاب العالمین؟! فانظروا إلى ما صاروا إلیه فی آخر اُمورهم، حین وقعت الفرقة، وتشتّت الألفة، واختلفت الکلمة، والافئدة، وتشعبوا مختلفین، وتفرقوا متحاربین، قد خلع الله عنهم لباس کرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقی قصص أخبارهم فیکم عبراً للمعتبرین»(5).

ویقول فی خطبة اُخرى:

«وإنّ لکم فی القرون السالفة لعبرة! أین العمالقة وابناء العمالقة! این الفراعنة وأبناء الفراعنة(6)! این أصحاب مدائن الرّس(7) الذین قتلوا النبیین، واطفئوا سنن المرسلین، وأحیوا سنن الجبارین؟ این الذین ساروا بالجیوش، وهزموا الألوف، وعسکروا العساکر ومدّنوا المدائن؟»(8).

کما أنّ الروایات الإسلامیة أولت عنایة کبیره لهذه المسألة، واعتبرتها أحد المصادر المهمّة للمعرفة وبالأخصّ للمسائل الأخلاقیة، وتهذیب النفوس، والالتفات إلى واقعیات الحیاة.

وقد جاء فی روایة أنّ الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام) عندما کان فی طریقه مع عسکره إلى صفین وصل إلى مدینة (ساباط) ثم إلى مدینة (بهرسیر)(9) (المناطق التی کانت مرکزاً لحکومة الساسانیین) التفت أحد صحابته فجأة إلى آثار کسرى (والملک الساسانی المعروف) وانشد البیت:

جرت الریاحُ على مکان دیارهم *** فکأنّهم کانوا على میعاد

فقال الإمام(علیه السلام): «لِمَ لم تقرأ، هذه الآیات: (کَمْ تَرَکَوا مِنْ جَنّات وَعُیُون وَزُرُوع وَمَقَام کَرِیم وَنِعْمَة کَانُوا فِیهَا فَاکِهِینَ کَذلِکَ وَاَورَثْنَاهَا قَوماً آخَرِینَ فَمَا بَکَتْ عَلَیهِمُ السَّمَاءُ وَالاَْرْضُ وَمَا کَانُوا مُنظَرِینَ)»(10).

وقد جاء فی حدیث الإمام الصادق(علیه السلام): «إنّ داود(علیه السلام) خرج من المدینة وهو یقرأ (الزبور)، وما من جبل أو حجر أو طیر أو حیوان وحشی إلاّ ویقرأ معه، وهو مستمر فی طریقه حتى وصل إلى جبل، یعیش على قمته نبی عابد اسمه (حزقیل)، أدرک مجیء داود عندما سمع ترتیل الجبال والطیور والوحوش، وعندما سأل داود النبیَّ: هل تأذن لی بالصعود إلیک؟ فأجابَهُ النبی العابد: لا، فبکى داود، فأوحى الله إلى (حزقیل) بأن لا یوبّخ داود، وأن یطلب من الله تعالى حسن العاقبة، فقام حزقبل وأخذ بید داود وجاء به إلى محله.

فسأله داود: هل عزمت على الذنب یوماً؟

فاجاب: لا.

ثم سأل: هل حصل عندک الغرور والعجب لکثرة عبادتک؟

أجابه: لا، ثم سأله: هل رغبت فی الدنیا وهل أحببت شهواتها ولذاتها؟

أجاب: نعم، نعم قد یخطر هذا فی قلبی.

فسأله: ماذا تفعل آنذاک؟ أجاب: أدخل فی هذا الوادی واعتبر بالذی فیه.

فدخل داود الوادی، فرأى أریکة من حدید وعلیها جمجمة متآکلة وعظاماً رمیمة ولوحة مکتوبة، فعرف داود: أن ذلک یتعلق بملک مقتدر حکم سنینَ طویلة وبنى مدناً کثیرة. وقد بلغ به الأمر إلى ما تراه ...»(11).


1. نهج البلاغة، الخطبة 157.
2. المصدر السابق، الکلمات القصار، الکلمة 31.
3. المصدر السابق، الخطبة 226.
4. المصدر السابق، الخطبة 192، (الخطبة القاصعة).
5. نهج البلاغة، الخطبة 192، (الخطبة القاصعة).
6. العمالقة: أقوام قویة ومتمکنة وجبارة وظالمة کانوا فی شمال العراق، وقد فتحوا «مصر» وحکموها لفترة فی عهد الفراعنة.
7. یعتقد الکثیر أنّ أصحاب الرس قوم سکنوا الیمامة جنوب الحجاز، وکان لهم نبی باسم حنظلة، وقال البعض أنّهم قوم شعیب، ویعتقد بعض آخر أنّ مدنهم کانت بین الشام والحجاز (یراجع التفسیر الأمثل، ذیل الآیه 38 من سورة الفرقان).
8. نهج البلاغة، الخطبة 182.
9. یقول البعض إنّها مشتقة من الأصل الفارسی أی (بوارد شیر) أو (دهار دشیر) وهی إحدى المدائن السبعة التی کانت تقع غرب نهر دجلة (معجم البلدان، ج 1، ص 515).
10. بحار الأنوار، ج 68، ص 327.
11. المصدر السابق، ج 14، ص 22 (ملخص الحدیث).

 

الإجابة على إشکالآخر الحدیث حول التاریخ المعلِّم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma