(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً یَغْشَى طَائِفَةً مِّنْکُمْ وَطَائِفةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ یَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَیْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِیَّةِ...).(آل عمران / 154)
تحدثت هذه الآیة عن اللیلة المضطربة والملتهبة التی عاشها المسلمون بعد معرکة أُحُد، حیث احتمل بعض المسلمین هجوم قریش فی تلک اللیلة مرّة اُخرى لتدمیر آخر ما تبقى من مقاومة المسلمین بعد ما أُنهکوا فی المعرکة نهاراً.
فی هذه الأثناء أنزل الله على المسلمین نعاساً مهدئاً لهم، إلاّ أنّ ضعیفی الإیمان قد
تاهوا فی أفکار رهیبة فما استطاعوا النوم آنذاک، وکانوا یتساءلون: یا ترى هل أن وعود الرسول حقّةٌ؟ هل أننا سننتصر فی النهایة مع ما حصل لنا فی أحد؟ هل سننجو من هذه المهلکة؟ أو أنّ کل ما قیل لنا کان کذباً؟ وما إلى ذلک من الوساوس وإساءة الظن الجاهلی.
لکن الحوادث التی حصلت فیما بعد بینت لهم خطأهم الفاحش، وأنّ کافة الوعود الإلهیّة حقة، ولو أنّهم انفصلوا عن أفکار الجاهلیة تماماً لَما أساءوا الظن بالله ورسوله.
والتعبیر فی الآیة یوحی بأنّ الجهل هو أحد أسباب إساءة الظن، وأنّ عدم قدرتهم على التحلیل الصحیح للحوادث جعلهم یسیئوون الظن، ولو کانت لهم القدرة الکافیة على تحلیل الحوادث وفهمها لما وقعوا فی شباک سوء الظن.