4 ـ فرضیة کون الوحی غریزة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
3 ـ الوحی عند فلاسفة الشرق والغرب5 ـ کیف تیقن الرسول بأنّ الوحی من الله؟

طرح بعض المفکرین الإسلامیین المتأثرین بأفکار العلماء الغربیین فرضیة اُخرى فی مجال الوحی تختلف فی الظاهر عن الفرضیتین السابقتین إلاّ أنّها تتفق معهما جوهریاً.

وقد بُنیت هذه الفرضیة على الاُصول الآتیة:

1 ـ إنّ «الوحی» لغة یعنی النجوى بهدوء، واستعملت فی القرآن بمفاهیم عدة تشمل أنواع الهدایات الغامضة، بدءً بهدایة الجمادات والنباتات وانتهاءً بهدایة الإنسان عن طریق الوحی.

2 ـ إنّ الوحی نوع من أنواع الغریزة، وهدایة الوحی لیس إلاّ هدایة غریزیة.

3 ـ إنّ الوحی هدایة الإنسان من وجهة نظر جماعیة، أی أنّ المجتمع الإنسانی بما هو کتلة واحدة، له مسیر وقوانین وحرکة، فیحتاج للهدایة، ودور «النبی» فی هذا المجال کدور الجهاز المتسلِم الذی یتسلم ما یحتاجه نوع البشر بشکل غریزی.

4 ـ إنّ الأحیاء تهتدی فی مراحلها الاُولى بواسطة الغریزة، وکلما تکاملت ونما حس التصور والفکر عندها، کلما نقصت قدرة الغریزة فیها، وفی الحقیقة فإنّ الحس والتفکیر یستخلفان الغریزة، وعلى هذا الأساس فالحشرات لها غرائز أکثر وأقوى، والإنسان أقل غرائزاً بالقیاس إلى الحیوانات الاُخرى.

5 ـ إنّ المجتمعات البشریة ( من وجهة نظر اجتماعیة ) تسیر دائماً فی طریق التکامل وتتّجه نحوه، فکما أنّ الحیوانات فی مراحل حیاتها الابتدائیة کانت تستند إلى الهدایة الغریزیة بالکامل ، ثم اعتمدت تدریجیاً على حواسها وتخیلها وأحیاناً تفکیرها ، وعندما نما عندها التفکیر والحواس تدریجیاً ، استخلفت الغریزة ، کذلک المجتمع البشری ، فبنموه وتکامل عقله ضعفت غریزة الوحی عنده.

6 ـ إنّ للعالم البشری عهدین ، عهد هدایة الوحی، وعهد هدایة التعقل والتفکیر فی طبیعة التاریخ.

7 ـ إنّ الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) الذی ختمت به النبوة رسول للعهد القدیم والحدیث ، فانّه من حیث مصدر الالهام الذی کان یستفیض منه (لا مصدر التجربة الطبیعیة والتاریخ) فهو یتعلق بالعهد القدیم، ومن حیث روح تعالیمه التی تدعو إلى التفکر والتعقل ودراسة الطبیعة والتاریخ (التی ینتهی عمل الوحی بمجیئها) فهو یتعلق بالعصر الحدیث(1).

إنّ المستخلص من هذه الفرضیة أنّ الوحی نوع معرفة لا إِرادیة تشبه الغرائز وهی دون المعرفة الإرادیة التی تحصل عن طریق الحواس والتجربة والعقل، وتضعف هذه القدرة «الوحی» کلما تکامل جهاز العقل والفکر، فیستخلف العقل حینئذ الوحی، ومن هذا الباب ختمت النبوة.

بالرغم من أَنّ هذه الفرضیة ـ صدرت عن مفکر إسلامی ـ إلاّ أنّها أضعف فی بعض جوانبها من الفرضیات التی قدمها علماء وکُتّاب غربیون فی هذا المجال، على الرغم من التشابه من حیث فقدان الدلیل، ویمکن القول: إنّ هذه النظریة أسوأ نظریة طُرحت فی هذا المجال لحد الآن، وذلک للامور الآتیة:

أولا: إنّ العلماء الغربیین عدوا الوحی شیئاً فوق الإدراک الحسی والعقلی للإنسان، بینما عُدَّ فی هذه النظریة شیئاً دون ذلک، وهذا تفکیر عجاب!

ثانیاً: لم یَعِدَّ المفکرون الغربیون الوحی نوعاً من أنواع الغرائز الحیوانیة، فی حین عُدَّ فی هذه النظریة من هذا القبیل.

ثالثاً: إنّ أمر الوحی واضح بالکامل للمسلم الملم بمفاهیم القرآن حیث یُعتبر نوعاً من الاتصال بالعالم الإلهی، وتلقی معارف عظیمة وجلیلة للغایة من هذا العلم لم یستطع الإنسان أن یصل إلیها بالعقل.

إنّ الوحی من وجهة نظر القرآن الکریم هدایة إِرادیة بالکامل وهو أسمى بکثیر من «الهدایة العقلیة»، ـ وکما قلنا سابقاً ـ فإنا إذا شبهنا العقل بنور مصباح نیّر فإنّ الوحی بمثابة الشمس الساطعة.

یخاطب القرآن الناس ـ من جهة ـ قائلا: (وَمَا أُوتِیتُمْ مِنَ الْعِلْمِ اِلاَّ قَلِیلا). (الاسراء / 85)

ومن جهة اُخرى یصف الله علمه ویقول: (وَلَوْ اَنَّمَا فِى الاَْرْضِ مِنَ شَجَرَة اَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ یَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ اَبْحُر مَّا نَفِدَتْ کَلِمَاتُ اللهِ اِنَّ اللهَ عَزِیزٌ حَکِیمٌ).(لقمان / 27)

فوحی النبوة ارتباط بهذا العلم اللامتناهی، ولهذا یصرح القرآن الکریم أنّ الله هو معلم الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله).

(وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَیْکَ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَةَ وَعَلَّمَکَ مَا لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ).(النساء / 113)

إنّ العقل والعلم البشری مهما تقدما وتکاملا أضعف من أن یقودا الإنسان إلى طریق السعادة من دون توجیه وارشاد الوحی، والدلیل الحی لهذا الکلام هو مذاهب الفلاسفة وانحرافاتهم العجیبة، والحقیقة أنّ الذین عُرفوا کمفکرین اسلامیین هم مفکرون غربیون فی واقع أمرهم، وأفکارهم اتخذت صبغة الأفکار الغربیة، ولهذا سعوا دائماً لذکر تبریرات طبیعیة للاُمور غیر الطبیعیة.

إنّ الغربیین إذا اصروا على ذکر تبریرات طبیعیة للاُمور الغیبیة، فذلک لانکارهم عالم الغیب، فلا ینبغی لأی مسلم اقتفاء أثرهم فی ذکر تبریر طبیعی لمسألة کهذه.

من المؤسف أنّ الآثار السیئة لهذا التقلید نجدها فی کثیر من کتب أولئک المفکرین الذین غالباً ما درسوا فی الغرب، ومعلوماتهم عن الإسلام قلیلة جدّاً.


1. مقدمة فی الرؤیة العالمیة الإسلامیة، للشهید المطهری رحمه الله (وقد ذکر الشهید المرحوم النقاط السبع السابقة التی تعکس رأی اقبال اللاهوری فی کتابه «احیاء الفکر الدینی فی الإسلام» بشکل ملخص ونقدها).

 

3 ـ الوحی عند فلاسفة الشرق والغرب5 ـ کیف تیقن الرسول بأنّ الوحی من الله؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma