أقفال القلوب الثقیلة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن ( الجزء الأول)
4 ـ حجاب الرؤیة السطحیة وترک التدبر5 ـ حجاب الارتداد

فی الآیة الاُولى یذکر الله سبحانه وتعالى أحد أسباب الکفر وعدم الإیمان بالله وهو عدم دراسة الاُمور بدقّة وتبحر، ویقول: إنّهم وبسبب إضطرابهم وتسرعهم یتجهـون أحیـاناً نحو الشر بشکل وکأنهم یتجهون نحو الخیر والسعادة، ویتجهون نحو الهاویة بشکل وکأنـّهم یتجهون نحو مکان آمن ویتجهون نحو الذل والعار کما لو کانوا یتجهون نحو طریق الفخر والعز.

أی أنّ تفکیرهم السطحی وترکهم التدبر یجعل حجاباً على عقولهم یحول دون إدراکهم الصحیح، فیرون ـ لأجل ذلک ـ الشرّ خیراً والشقاء سعادة، والضلال صراطاً مستقیماً.

وقد جاء فی تفسـیر المیزان: أنّ المراد بکـون الإنسان عجولا هو : أنّه لا یأخذ بالاناة إذا أراد شیئاً حتى یتروى ویتفکر فی جهات صلاحه وفساده حتى یتبین له وجه الخیر فیما یریده من الأمر فیطلبه ویسعى إلیه، بل یستعمل هواه فی طلبه بمجرد تعلقه به فربّما کان شراً فتضرر به، لکن جنس الإنسان عجول لا یفرق بین الخیر والشر بسبب عجلته، بل یطلب کل ما لاح له ویسأل کل ما بدا له فتعلق به هواه من غیر تمییز بین الخیر والشر(1).

أمّا المراد من «یَدْعُ» هنا؟ فیقول البعض: أنّه الطلب سواء کان فی صورة دعاء أو طلب من الله أو کان بصورة طلب عملی أی، السعی لتحصیل الشیء وبذل الجهود لِنَیْلِهِ(2).

إلاّ أنّ المستفاد من بعض التفاسیر أنّ المراد هو الدعاء اللفظی والطلب من الله، ولهذا قیل فی شأن نزول الآیة: إنّها نزلت فی حق النضر بن الحارث وهو من مشرکی العرب المعروفین حین قال: (اَللَّهُمَّ اِنْ کَانَ هَذَآ هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِکَ فَأَمْطِرْ عَلَیْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ)، فاستجاب الله هذا الدعاء وأهلکه(3).

وقد ذکـر المـرحوم الطبرسی کـلا التفسیرین فـی مجمـع البیان ویظهر أنّ معنى الآیة یسع کلا التفسیرین.

وقد جـاء فی حدیث للإمام الصادق(علیه السلام) فی تفسیره لهذه الآیة قال فیه: «وَاعْرِفْ طَرِیْقَ نَجـاتِک وَهَلاَکِکَ، کَیْـلا تَدْعُو اللهَ بِشَـیء عَسـى فِیْهِ هَلاکُـکَ وَأَنْتَ تَظنُّ أَنَّ فِیْهِ نَجـاتکَ، قـالَ اللهُ تَعـالـى: (وَیَدْعُ الاِْنْسـَانُ بِالشَرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَیْرِ وَکـَانَ الاِْنْسـَانُ عَجُولا)»(4).

وقد جاء فی حدیث آخر أنّ آدم نصح أولاده وقال لهم: « کُـلُّ عَمَل تُریدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا فَقِفُـوا لَهُ سـاعةً فَـاِنِّی لَوْ وَقَفْـتُ ساعةً لَمْ یَکُنْ أصـابَنِی ما أَصابَنِی »(5).

ومن هذا الباب اطلق العرب عبارة «اُم الندامات» اسماً للعجلة، کما قیل: أنّ العجلة من الشیطان إلاّ فی ستة موارد: أداء الصلاة فی وقتها، دفن المیت، تزویج البنت الباکر عند بلوغها، أداء الدین عند حلول وقته، إطعام الضیف عندما یحلّ، والتوبة عند اقتراف الذنب.

أمّا ما المراد من الآیة «و کان الإنسان عجولا» وأمثالها الذی ورد فی القرآن الکریم والتی تعبر عن نقاط الضعف المهمّة فی طبیعة الإنسان؟ وکما ذکرنا فی التفسیر الأمثل أنّ المراد بالآیة الإنسان الذی لم یتخلق باخلاق الله ولم یتربَّ على أساس التربیة الرسالیة والدینیة، لا الإنسان المهذب.

وتحـدثت الآیة الثانیـة عن فریق مـن المنافقین المعاندین حیث أُشیر إلیهم فی الآیات السابقة بصفة عمی القلوب، وإذا تسلموا زمام الحکم ما رحموا صغیراً ولا کبیراً، واعتبرهم الله الملعونین والمطرودین من رحمته، وقال فیهم هنا: (أَفَلاَ یَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَا) لا قفل واحد بل أقفال، فکیف یمکنهم إدراک الحقائق؟(محمّد / 24)

هناک بـحث بین المفسـرین فی أنّ « أم » متصـلة أو منفصـلة(6)، فـاذا کانت متصلة یکون المعنى هکذا: أفلا یتدبرون القرآن أو أن هناک اقفالا على قلوبهم؟ وأما إذا کانت منفصلة فالمعنى هکذا: أفلا یتدبرون القرآن؟ کلا، بل إنّ اقفالا على قلوبهم.

وعلـى کلا المعنـیین فالآیـة دلیل على وجود تضاد بـین « التدبر » و«الحجاب على القلوب»، ویمـکن القول: إنّ الآیـة تشـیر إلى حجاب ترک التدبر.

وقد جاء فی تفسیر (فی ظلال القرآن): «تدبر القرآن طبقاً لهذه الآیة یزیل الغشاوة، ویفتح النوافذ، ویسکب نور المعرفة على القلوب، ویحرک المشاعر، ویستجیش القلوب، ویخلص الضمیر ویجدد الروح ویجعلها اکثر صفاءً واشراقاً»(7).

وقد جاء بعض المفسرین بدلیلین لذکر القلوب نکرة فی الآیة، الأول: أنّها ذکرت نکرة لبیان حال قلوبِهم المروّع، وأنّها قلوب مجهولة ملیئة بالقساوة والظلمات.

الثانی: إنّ المراد هو بعض القلوب لا کلها، لأنّ بعضهم لم یصلوا إلى تلک الدرجة من الظلمات بحیث تقفل قلوبهم وتتوقف عن إدراک الحقائق.

وذکر الأقفال بصیغة الجمع إشارة إلى الحجب المختلفة التی تجعل على قلوبهم مثل حجاب النفاق والعناد والغرور وحب النفس وغیرها.

کما ینبغی الإشارة إلى هذه النقطة وهی: إنّ بین «ترک التدبر» و«حجاب القلب» تأثیراً متبادلا، فکلٌّ منهما یمکنه أن یکون علة للآخر فی مرحلة ومعلولا له فی مرحلة اُخرى، فتارة ترک التدبر ینشأ عن ظلمات القلب، وتارة اُخرى ظلمات القلب تنشأ عن ترک التدبر.

وننهی حدیثنا هذا بروایة عن الإمام الباقر(علیه السلام) جاء فیها: «قرّاء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة واستدرّ به الملوک واستطال به على الناس، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضیّع حدوده واقامه إقامة القدح فلا کثّر الله هؤلاء من حملة القرآن، ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه فأسهر به لیله واظمأ به نهاره وقام به فی مساجده وتجافى به عن فراشه فبأولئک یدفع الله العزیز الجبار البلاء وبأولئک یدیل الله عزّ وجلّ من الأعداء وبأولئک ینزل الله عزوجل الغیث من السماء فوالله لهؤلاء فی قرّاء القرآن أعزّ من الکبریت الأحمر»(8).


1. تفسیر المیزان، ج 13، ص 49 (ملخص).
2. تفسیر المیزان، ج 13، ص 50، وبما أنّ الباء فی «بالخیر وبالشر» باء صلة فیکون معنى الجملة هکذا: «یدعو الشر کدعائه الخیر».
3. تفسیر القرطبی، ج 6، ص 3841; و تفسیر الکبیر، ج 20، ص 162.
4. تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 141.
5. تفسیر روح البیان، ج 5، ص 137.
6. ینقل الآلوسی فی روح المعانی عن سیبویه أنّها متصلة، بینما ینقل عن ابی حیان وفریق آخر أنّها منفصلة (ج26، ص 67).
7. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 7، ص 462.
8. اصول الکافی، ج 2، باب 13 النوادر، ص 627، ح 1.

 

4 ـ حجاب الرؤیة السطحیة وترک التدبر5 ـ حجاب الارتداد
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma