إنّ «الشیطان» ـ وکما قلنا سابقاً ـ لیس اسماً خاصاً أو علماً لإبلیس، بل إنّ إبلیس الذی امتنع عن السجود لآدم هو أحد الشیاطین.
إنّ لإبلیس جنوداً کثیرة من جنسه ومن الناس، وتطلق مفردة الشیطان على الجمیع، وعلى هذا فقادة الکفر والشرک والظلم والفساد فی الأرض، والعاملون فی الاجهزة الظالمة کلهم من جنود الشیطان، ولقد جاء فی روایة أن هناک شیاطینَ من الانس أسوء من شیاطین
الجن، حیث سأل رسول الله(صلى الله علیه وآله) أباذر یوماً: «هل تعوّذت بالله من شر شیاطین الجن والإنس»؟
فقال أبوذر: وهل من الناس شیاطین؟
فأجابه رسول الله(صلى الله علیه وآله): «نعم هم شرٌ من شیاطین الجن»(1).
کما أنّ المستشفَّ من القرآن هو أن للشیطان جنوداً فرساناً وراجلین کما جاء ذلک فی الآیة: (وَاَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِکَ وَرَجِلِکَ).(الاسراء / 64)
إنّ «اجلب» من مادة «إجلاب» ویعنی التجمع السریع أو الضجیج والصیاح لحثّ مجموعة ما على الحرکة.
أمّا المراد من «خیلک ورَجِلک»، فیقول الکثیر من المفسرین: إنّه الراجل أو الفارس الذی یخطو فی معصیة الله، أو قاتل فی هذا السبیل(2).
ویقول البعض: إنّ للشیطان أعواناً وأنصاراً راجلین وفرساناً حقاً.
وحمل البعض العبارة على الکنایة، وقال: المراد من الآیة هو أنّ الشیطان أعدَّ العِدَّة ووفّر جمیع الوسائل لصراع ومجابهة الناس(3).
کما یحتمل أن یکون المراد من الخیل هو قادة الکفر والظلم والفساد، ومن الرجل، الشخصیات المتوسطة الأضعف من الشخصیات السابقة.
کما یحتمل أن یکون المراد من الخیل هو الشهوات والصفات الذمیمة التی تتغلب على روح الإنسان وتمتطیها، والمراد من الراجلین هو العوامل الخارجیة التی تسعى لانحراف الإنسان عن الصراط المستقیم.