التقـلید الأعمى أو بتعبیـر آخـر: (تقلید الجاهل للجاهل) والأسـوء منـه (تقلید العالم للجاهل)، دلیل على الإرتبـاط الفکری، ولـه عوامل عـدیدة، نتعرض لبعضها بالإجمال هنا:
1 ـ عدم النضج الفکری: إنّ أشـخاصاً قـد ینضجون ویبـلغون جسمیـاً، إلاّ أنّ فکرهم لا یستقل ولا یبلغ إلى آخر العمر، ولهذا یظلون من أتباع هذا وذاک، ولا یفکرون یوماً فی مسألة ما ولا یحللونها باستقلال.
إنّ أنظار هؤلاء تترصد الآخرین دائماً، فیرددون ما یتفوه به الآخرون، وکأنهم خُلِقوا بلا إرادة، ولهذا قد یغیرون اتّجاههم بالکامل إذا ما تغیرت بیئتهم أو تغیر محیطهم.
إنّ طریق مکافحة هذا النوع من التقلید الأعمى هو رفع المستوى الثقافی للمجتمع والسعی لإزدهار الأفکار والقابلیات.
2 ـ التأثر بشخصیة: وهی أَنْ یتأثَّرَ الإنسان بشخصیة ما ویجعلها أسـوة له بحیث لا یرى نفسه أهلا لإبداء الرأی أمام صاحبها، فیتبعه بکل معنى الکلمة ویسیر خلفه وإن لم تکن تلک الشخصیة أهلا للاتباع والتقلید.
3 ـ التعـلق الشـدید بالأسلاف: والتعـلق هذا قـد یصنع منهم أناساً مقدسین وإن لم یکونوا أهلا لذلک، فتتبعهم الأجیال اللاحقة عشوائیاً، ومع أنّ الأجیال اللاحقة التی ترث علوم السالفین وتضیف الیها علوماً اُخرى تکون أکثر وعیاً بطبیعة الحال، لکنها مع ذلک تبتلى بالتقلید العشوائی.
4 ـ التحزّب أو التعصّب الطائفی: إنّ تعصباً کهـذا یدفع بفـریق من النـاس لاتباع حزب أو طائفة والسیر خلفهما والتمسّک بتردید ما یتبناه ذلک الحزب أو تلک الطائفة، بحیث لا یسمح الإنسان لنفسه بالتفکیر باستقلال والعمل خارج اطار الحزب أو الطائفة.
إنّ هذه العوامل الأربعة وعوامل اُخرى سببٌ لانتقال کثیـر مـن الخرافات والأوهام والعقـائد الباطلة والتقـلید والعـادات الخاطئة والسنن الجاهلیة والأعمال القبیحة من قوم إلى قوم آخرین ومن نسل إلى نسل آخر.
وبتعبیر آخر، فإنّ المیول الخاطئة تجعل حجاباً على فکر الإنسان تحول دون معرفته للحق.