یـمکننا الإجابة عن هذا السـؤال بالالتفات إلى ملاحظة فی هذا المجال وهی: إنّ روح النفاق تستلزم أن یتحرک الإنسان مع کل التیارات وأن یکون مع جمیع الفرق، وأن یتخذ صبغة الـمحیط الـذی یعیش فیه، فیفقـد فـی النهایة أصالته واستقلاله الفکری، إنّ طریقة تفکیر إنسان کهذا تکون متطابقة دائماً مع طریقة تفکیر الفریق الذی یکون معهم، فلا عجب أن یکون حکمه غیر صحیح.
وقد جاء فی بعض التفاسیر: إنّ التـعبیر بـ «فـی قلوبهم مـرض» یصدق فی موارد کهذه
الموارد، من حیث إنّ غایة القلب (العقل) الخالص هو معرفة الله وعبودیته، وکل صفة منعت وحجبت عن غایة القلب هذه، قیل لها مرض (لأنّها تحجب الهدف وتمنعه من الظهور)(1).
ولـهذا جاء فی الآیة 7 سورة المـنافقین : (وَلـکِنَّ الْمُنـَافِقِیْنَ لاَ یَفْقَهُـونَ).
کما قد جاء فی حدیث الإمام البـاقر(علیه السلام): «إنّ القلوب أربعة: قلب فیه نفاق وإیمان وقلب منکوس وقلب مطبوع وقلب أزهر أجرد» فقلت ما الأزهر؟ قال: «فیه کهیئة السراج، فأمّا المطبوع فقلب المنافق، وأمّا الأزهر فقلب المؤمن إن أعطاه شکر وإن ابتلاه صَبَر، وأمّا المنکوس فقلب المشرک»(2).
وننهی حدیثنا هذا بکلام للإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام): «النفاق على أربع دعائم على الهوى والهوینا والحفیظة والطمع»(3).
ونعلم أنّ کلا من هذه الاُمور الأربعة تشکل حجاباً سمیکاً أمام نظر العقل.