(اِنَّ الَّذِینَ یُنَادُونَکَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَکْثَرُهُمْ لاَ یَعْقِلُونَ).(الحجرات / 4)
کان البعض یضایق الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) حیث کانوا یقفون عند باب بیته منادین بصوت عال: «یا محمد!» «یا محمد! اخرج إلینا» فکان رسول الله (صلى الله علیه وآله) یتأذى من اُسلوبهم هذا، ولکنّه کان یکظم غیظه وذلک لما کان یتصف به من خُلُق عظیم، إلى أن نزلت هذه الآیة، فعلمتهم أدب الحدیث مع الرسول ومحاطبتِهِ (فی سورة الحجرات).
والتعبیر بـ «أکثرهم لا یعقلون» إشارة جمیلة إلى أنّ سوء الأدب غالباً ما ینشأ عن الجهل فکلما فُقِد العلم حل سوء الأدب مکانه، وکلما تواجد العلم تواجد الأدب معه.
(وَاِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اِنَّ اللهَ یَأْمُرُکُمْ اَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ اَنْ اَکُونَ مِنَ الْجَاهِلِینَ).(البقرة / 67)
إنَّ الآیة تتعلق بقضیة قتل حدثت فی بنی اسرائیل کادت أن تجر إلى معارک کبیرة بین قبائل بنی اسرائیل لجهلهم بالقاتل: فأمر الله أن یذبحوا بقرة ویضربوا بقسم منها المقتول کی ینطق ویُعرفهم قاتله.
وبما أنّ هذه القضیة کانت معجزة ومدهشة للغایة بالنسبة لبنی اسرائیل، فقد قالوا لموسى ابتداءً: أتتخذنا هزواً؟
فأجاب موسى (علیه السلام): أعوذ بالله أن أکون من الجاهلین أی أنّ الاستهزاء من معالم الجهل ودلیل على العجب والتکبر والغرور، فإنّ الذین یتمتعون بهذه الصفات یتخذون الآخرین هزواً کی یحقّروهم، ونعلم أن التکبر والعجب ینشآن عن الجهل حتى أن کثیراً من الجاهلین یستهزئون بالعلماء(1).