(قَالَ إِنَّمَا أُوتِیتُهُ عَلَى عِلْم عِنْدِى).(القصص 78)
الکلام الذی ورد فی الآیة الکریمة قاله قارون الغنی والمغرور والأنانی عندما نصحه علماء قوم موسى، أَن استثمر ثروتک فی مجال منافع العباد ولا تنسَ نصیبک من الدنیا، وأحسن لعباد الله کما أحسنَ الله الیک ولا تتخذ ثروتک وسیلة للفساد.
لکنه أجاب قائلا: إنّی جمعت هذه الثروة بفضل علمی ومعرفتی.
والذی ینبغی ذکره هنا هو أنّ الله لم ینفِ ادّعاءهُ هذا.
بل یقول تعالى: (اَوَلَمْ یَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَکَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَکْثَرُ جَمْعاً).(القصص / 78)
إنَّ هذا التأیید الضمنی یکشف أنّ لقارون علماً تمکن بواسطته أن یجمع ثروته العظیمة (سواء کان ذلک العلم هو علم الکیمیاء ـ کما یدعی بعض المفسرین أو کان معرفته لقواعد وفنون التجارة والأعمال).
إنَّ المسلَّم به هو أنّ ادعاء قارون لم یصلح حجة لمنع انتفاع الناس بثروته، وذلک أنّ الإنسان مهما کانت لدیه من مؤهلات وقابلیات، لا یمکنه لوحده أن یکسب ثروة بهذا الحجم فلابدّ أنّه قد استفاد من الآخرین فی سبیل تحصیلها، لذا فهو مَدینٌ للمجتمع ولتعاونهم معه.
وعلى أی حال، فإنّ ما تبینه هذه الآیة هو وجود علاقة بین «العلم المادی» والتطور المادی»، وهذا ما نشاهده بوضوح فی عصرنا الحاضر، حیث إنّ أقواماً تقدموا مادیاً فی مجال الصناعة والحضارة المادیة وذلک بفضل علومهم وتقنیتهم وصناعاتهم(1).