(وَیَرَى الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِى أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَّبِّکَ هُوَ الْحَقَّ وَیَهْدِى إِلَى صِرَاطِ الْعَزِیزِ الْحَمِیدِ).(سبأ / 6)
(إِنَّ الّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا یُتْلَى عَلَیْهِمْ یَخِرُّونَ لِلاَْذْقَانِ سُجَّداً * وَیَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ کَانَ وَعْدُ رَبِنَا لَمَفعُولا).(الاسراء / 107 ـ 108)
(فَأُلْقِىَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسى).(طه / 70)
(وَلِیَعْلَمَ الَّذِینَ اُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّکَ فَیُؤمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ... ).(الحج / 54)
(... وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ یَقوُلُونَ آمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِّنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا یَذَّکَّرُ إِلاَّ أُولُوا الاَْلْبَابِ).(آل عمران / 7)
إنَّ الآیة الأخیرة تلقی الأضواء على العلاقة الوثیقة بین العلم والإیمان، وتبیّن بأنّ المطلع والمتبحر هو الأرسخ فی الإیمان والتسلیم(1).
إنَّ هذه الآیات تبین بوضوح أن المعرفة هی إحدى السّبل المؤدیة إلى الإیمان، والإیمان الذی ینبع منها سیکون راسخاً قویاً ومتجذراً إلى مستوىً بحیث نقرأ فی قصة موسى(علیه السلام)السحرة فی عصر فرعون، أنّ إیمانهم بموسى (علیه السلام)کان بسبب معرفتهم بأنّ ما جاء به موسى (علیه السلام) لم یکن سحراً، فما کان من فرعون إلاّ أنْ هدّدهم بشدّة قائلا لهم: (آمنتُم لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَکُمْ؟!) فالطغاة یریدون التحکم حتى بعقول الناس وإیمانهم القلبی وفهمهم ولا یتصرف أحدٌ بأی شیء إلاّ باذن منهم، وقد جاء فی تهدید فرعون لهم أنّه قال:
(فَلاَُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَکُمْ وَأَرْجُلَکُمْ مِّنْ خِلاَف وَلاَُصَلِّبَنَّکُمْ فِى جُذُوعِ النَّخْلِ...). (طه / 71)
لکنهم کانوا بدرجة من الصمود بحیث کانوا یقولون له:
(لَنْ نُّؤْثِرَکَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَیِّنَاتِ وَالَّذِى فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض).(طه / 72)
وفعلاً فقد نفّذ فرعون وعیده الذی قطعهُ على نفسه بالإنتقام من السحرة المؤمنین، واستشهدوا من أجل المعتقد الذی ذابوا فیهِ عشقاً ونالوا مبتغاهم الاسمى وهو الشهادة.
یقول المفسر الکبیر المرحوم الطبرسی إنّهم: «کانوا فی أول النهار کفاراً سحرة وفی آخر النهار شُهَداء بَرَرَةٌ».
إنَّ ثمرات العلم له تنحصر بالإیمان فحسب بل تشمل الإستقامة والصمود أیضاً.(2)،(3)