(وَلَقَدْ آتَیْنَا دَاوُدَ وَسُلَیْمـَانَ عِلْماً وَقالاَ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذى فَضَّلَنَا عَلَى کَثِیر مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤمِنِینَ * وَوَرِثَ سُلَیْـمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ یَا اَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَأُوتِینَا مِنْ کُلِّ شَىْء إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ).(النمل / 15 و 16)
بالرغم من ملک وعظمة «سلیمان» و«داود» اللذیْن لم یکن لهما مثیل بل ویحتمل عدم قیام حکومة کحکومتهما على مرّ التاریخ کما فی الآیة 35 من سورة (ص) (وَهَبْ لِى مُلْکاً لاَ یَنْبَغِى لاَِحَد مِنْ بَعْدِى)خصوصاً وأن حکومتهما لم تخص الانس، بل امتدت حتى شملت الجنّ والحیوانات وحتى القوى الطبیعیة کالریح، مع هذا کله فالله عندما یَهَبُ نعمه إلى الوالد وولده، یبدأ بنعمة العلم والمعرفة، لذا کانا یشکرانه لما فضّلهما على کثیر من عباده (یحتمل أن یکون الشکر بهذا الاُسلوب) «على کثیر من عباده» لا غیر لأنّه کان هناک من أُتُوا علماً أوفر مما أوتیَ سلیمان وداود)، والجدیر بالذکر هو أنّ (سلیمان) بالرغم من ملکه العظیم «بحیث إنّ کل من شک فی ذلک ضحکت على عقله الطیور والأسماک»، رغم هذا، فانه کان یفتخر بعلوم قلیلة الأهمیّة مثل معرفته بلغة الطیور قبل افتخاره بملکه وحکومته ومواهبه الإلهیّة الاُخرى.
إنّ هذه النصوص الجمیلة تُبیّنُ عظمة مقام العلم بجمیع أبعاده، وهو بنفسه دلیل واضح على إمکانیة وضرورة المعرفة(1).