جاء فی سورة التوبة:
( فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَة مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّیَتَفَقَّهُوا فِى الدِّیْنِ وَلِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَیْهِم لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ).(التوبة / 122)
هذه الآیة الکریمة لا تؤکد على تعلّم الدین الإلهی فحسب بل تحث على تعلیمه ونشره بعد تعلمه أیضاً.
والتعبیر بـ (نفر) تطلق على الخروج إلى میدان الجهاد وقد استعمل فی الآیات القرآنیة الاُخرى بهذا المعنى وعلى هذا فإنّ أفراد الأُمة الإسلامیة فی غیر الحالات الضروریة لا یجوز لهم الخروج بأجمعهم إلى ساحة القتال، بل ینبغی على مجموعة منهم أنْ تبقى فی المدینة لتتعلم الأحکام الإلهیّة وتعلّمها للآخرین بعد رجوعهم.
والتفسیر الآخر للآیة هو: أنّ المسلمین یجب أن ینقسموا إلى قسمین: قسم یبقى فی المدینة لیحافظ علیها ، وقسم یذهب إلى میدان الجهاد لیُشاهدَ آثار العظمة الإلهیّة والمعجزات والامدادات الغیبیة والنصر الإلهی، ثم وبعد رجوعهم یُخبروا سائر الناس بذلک.
وهناک احتمال ثالث فی تفسیر الآیة وهو ضرورة نفیر بعض سکان ضواحی المدینة إلیها لیتفقهوا فی أحکام الدین وتبلیغها للآخرین عند الرجوع، ومکث البعض الآخر فی تلک المناطق لحفظ نظام الحیاة هناک(1).
ولکلِّ تفسیر میزة لا توجد فی التفسیر الآخر(2).
ولکنْ بغضّ النظر عن الاختلاف فی التفاسیر، فإنّ ما نسعى لإثباته ـ وهو وجوب التعلم والتعلیم ـ ثابت بلا منازع، وتأکید القرآنِ على هذین الواجبین دلیل واضح على إمکان وضرورة المعرفة(3).