مقدمة: تاریخ الانبیاء جزء من تاریخ الادیان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
5 ـ لماذا ظهر الأنبیاء الکبار من منطقة خاصّة؟

تعرّض القرآن وفی آیات عدیدة لبیان تاریخ الأنبیاء ومن هنا سمّیت الکثیر من سور القرآن بأسماء الأنبیاء العظام أو أسماء اُممهم، حتّى أنّ تاریخ نبی عظیم مثل موسى بن عمران (علیه السلام) تمّ التعرّض له فی عدّة سور ومن مختلف الأبعاد.

بدیهی أنّ ذکر هذه التواریخ وبهذه الکثافة لیس لقضاء الوقت أبداً، بل لأجل أنّ الکثیر من ممیّزات الأدیان السماویة والأفکار والأخلاق الدینیة والمعارف الإلهیّة، یمکنها أن تتجسّد بشکل حی بین ثنایا هذه التواریخ وأن تنعکس أمثلتها الحیّة من خلالها.

مـن هنا یمکن القول ومن أجل التعرّف على مسألة النبوّة، والحقائق المتعلّقة بأنبیاء الله و رسله، ینبغی التحقیق فی تـواریخهم بدقّة، أو بعبارة اُخرى فانّ التحقیق فی تاریخ الأنبیاء یعدّ قسماً من تاریخ الأدیان والمسائل المتعلّقة بالنبوّة.

و لا شکّ فی أنّ هذا التحقیق یمکنه أن یکمل ما ورد فی مختلف فصول هذا الکتاب، بل وأن یجسّد المسائل العلمیة المعقّدة أمام الأنظار.

لکن نظراً لسعة الأبحاث المتعلّقة بتاریخ الأنبیاء فی القرآن المجید، بحیث تتطلب تخصیص العدید من المجلّدات لذلک، فسنتجنّب الخوض فیها فعلا، وسنعرض إلى «تاریخ الأنبیاء فی القرآن المجید بشکل موضوعی» عند إتاحة الفرصة إن شاء الله، وهو بحث مفید وجذّاب.

کما قیل فی الأبحاث المتقدّمة، فاُصول الأدیان السماویة إنّما وجدت واحدة، والتفاوت إنّما یکمن فی الفروع والجزئیات فقط.

نفس هذا الأمر یثیر الاستفسارات التالیة: لماذا ظهر الأنبیاء اُولوالعزم واحداً بعد الآخر بین المجتمعات البشریة بکتب وأدیان جدیدة؟ وما الحاجة إلى الأدیان الجدیدة مع وجود الأدیان السابقة، حینما تکون الاُصول واحدة؟! ولماذا یعلن أخیراً عن الخاتمیة بحیث إنّ البشریة لا تحتاج بعد ذلک إلى نبی جدید أو دین جدید؟!

الإجابة عن هذا الاستفسارات تتّضح من خلال التمعّن فی مضمون الأدیان الإلهیّة، صحیح أنّهم جمیعاً قد جعلوا من التوحید أساساً للدین، لکن من البدیهی أنّ إدراک الأقوام البدائیة لهذه المسألة لم یکن کإدراک الذین واجهوا المسألة بعدهم بآلاف السنین.

أو بعبارة اُخرى فالجزئیات المتعلّقة بالتوحید فی الذات والأفعال وفی العبـادة والخالقیة والحاکمیـة لیست بذلک الشیء الـذی یتناسب والمستوى الفکری للأقوام الاُولى، إذ کانوا یقتنعون بمفاهیم بسیطة وإجمالیة عن مسألة التوحید، ولم یخوضوا أبداً فی هذه الجزئیات المعقّدة.

وهذا الشیء نفسه یمکن أن یقال بالنسبة للمسائل الاُخرى المتعلّقة بـ «المعاد» و«منزلة الأنبیاء» وأوصافهم، وکذلک الجزئیات المتعلّقة بـ «العبادات»، إذ کلّما زادت معرفة أهل الأرض بهذه المسائل، ونَمَتْ القابلیات جیلا بعد جیل تمّ تعلیمهم المزید من الجزئیات.

فضلا عن أنّ التطوّر الحضاری کان قد عقّد الحیاة البشریة یوماً بعد آخر، وهذا التعقید استلزم بدوره سنّ قوانین جدیدة لحلّ المشاکل الناتجة عن ذلک، ولذا ظهر الأنبیاء للوجود واحداً بعد الآخر من أجل إنقاذ الناس وحل مشاکلهم.

هذه المسألة یمکن بیانها بشکل أفضل من خلال هذا المثال: خذ بنظر الإعتبار المراحل الدراسیة للأطفال والفتیان والشباب، بدءاً بالمرحلة الإبتدائیة والمتوسطة وانتهاءً بالمرحلة الجامعیة، ومرحلة التخصُّص، إذ العلوم المختلفة التی تدرّس فی هذه المراحل ثابتة تقریباً، لکنّها مختلفة بحسب المستویات، فالطلبة کلّهم یدرسون الریاضیات مثلا، ابتداءً بطلبة المدارس الإبتدائیة ومروراً بطلبة الإعدادیات وانتهاءً برسالة الدکتوراه فی الریاضیات، فی حین أنّ مستویاتها متفاوتة کثیراً، إذ کلّما زاد استعداد الطالب کلّما ارتفع مستوى الدروس أکثر، ومن هنا تأتی المراحل الدراسیة الخمس (الإبتدائیة والمتوسطة والإعدادیة والجامعیة والدکتوراه).

والأدیـان الخمسـة التی بعثها الله للبشـریة شبیهـة بعض الشیء بهـذه المـراحل، نوح(علیه السلام) کان مسؤولا عن تربیـة وتعلیـم الناس فی أوّل مرحلة، إبراهیم (علیه السلام) فی المرحلة الاُخرى وکذلک موسى وعیسى، کان کلّ واحد منهم معلّماً واُستاذاً لإحدى هذه المراحل، لتصل النـوبة إلى آخر مرحـلة، ویتکفّل خاتم الأنبیاء محمّد (صلى الله علیه وآله) بالتعلیم فیها.

ومن هنا یتّضح الجواب عن السؤال الثانی الذی کان یدور حول کیفیة إمکان تکامل الأدیان فی منطقة واحدة والإعلان عن خاتمیتها؟!

الدلیل واضح، إذ کما أنّ الإنسان یصل فی مراحله الدراسیة إلى ما یطلق علیه بـ «التخرّج»، أو بعبارة اُخرى أنّه یصل إلى المستوى الذی یکون قد استلم فیه الاُصول العامّة والنهائیة من معلّمه، بحیث یتمکّن لوحدِهِ من حلّ المسائل المستحدثة فی ظلّ تلک العمومیّات.

فنبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) أیضاً قد جاء بتعالیم واُصول تُحلّ عن طریقها کافّة المشاکل المستقبلیة، کما یمکن للمسلمین مواصلة طریق تکاملهم فی ظلّ تلک الاُصول والتعالیم، والقرآن المجید ذلک الکتاب الذی یکشف التمعّن فیه عن حقائق جدیدة متناسبة مع متطلّبات کلّ عصر.

هذا الکلام لا یعنی أنّ إنسان عصرنا قد بلغ مرتبة تغنیه عن الأنبیاء کما یتوهّمه بعض المغفّلین، بل على العکس فهو یعنی أنّ اُصول تعالیم خاتم الأنبیاء (صلى الله علیه وآله) واسعة جامعة وبشکل بحیث یمکن من خلالها التغلّب على مشاکل العصر ومسائله.

ولابدّ انّک تسأل لماذا لم تعط هذه الاُصول لنوح (علیه السلام) من البدایة؟ نقول فی جواب هذا السؤال: وذلک لنفس السبب الذی لم تدرّس دروس مرحلة الدکتوراه فی المرحلة الإبتدائیة وذلک لعدم وجود القابلیة والاستعداد لتقبّلها.

وسیأتی إن شاء الله شرح أوفى لهذه المسألة فی بحث الخاتمیة من مباحث النبوّة الخاصّة.

وهنا تصل المباحث الکلیّة للنبوّة (النبوّة العامّة)، نهایتها شاکرین الله على هذا التوفیق.

ربّنا ! اجعلنا من التابعین الحقیقیین الخُلَّص المخلصین لأنبیائک العظام.

إلهنا : أیقظ اُمم العالم الغافلة من سباتها

العمیق لتجتاز بسلوکها طریق الأنبیاء والأولیاء

مشاکل الحیاة الجمّة وتنال سعادة الدارین ولتتیقّن

بأنّ طی هذا الطریق مرهون باتّباع الوحی والإیمان

بالله والأنبیاء.

اِلهنا: وفّقنا لنشر تعالیم الإسلام، وخاتم

الأنبیاء التی تنبض بالنشاط والحیویة فی کلّ أرجاء

المعمورة بوسائل الإتّصال المتطوّرة لنروی ظمأ

العطاشى بزلال تعالیمهم

آمین یاربّ العالمین والحمد لله أوّلا وآخراً.

الحادی عشر من شهر صفر 1413

5 ـ لماذا ظهر الأنبیاء الکبار من منطقة خاصّة؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma