من هم أهل البیت؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
کیف یکون المذنبون دعاةً للتقوى؟ثمرة البحث:

مـع کون عبارة أهـل البیت مطلقة، لکن المراد منها هـم أهـل بیت النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)بقرینة الآیات السابقة واللاحقة، واتّفاق علماء الإسلام والمفسّرین على ذلک.

المهمّ هنا هو مَنِ المراد من أهل البیت (علیهم السلام)، هل النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وعلی وفاطمة والحسن والحسین(علیهم السلام) (هذه الأنوار الخمسة المقدّسة) فقط، أم زوجات النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)وباقی أقربائه أیضاً؟

عموم علماء الشیعة والبعض من علماء السنّة أخذوا بالقول الأوّل، فی حین ذهب الکثیر من علماء أهل السنّه إلى القول الثانی(1).

ولأجل الوقوف على حقیقة المراد من أهل البیت فی الآیة الشریفة، لابدّ من التأمّل فی الروایات الکثیرة المذکورة فی ذیل هذه الآیة عن الکثیر من الصحابة عن النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله).

1 ـ السیوطی فی «الدرّ المنثور» الذی یُعدّ من أشهر کتب أحادیث تفسیر القرآن عند أهل السنّة، ذکر حوالی عشرین حدیثاً فی ذیل هذه الآیة، جاء فی خمسة عشر منها أنّها نزلت فی حقّ الخمسة أهل الکساء، أی: النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وعلی وفاطمة والحسن والحسین(علیهم السلام)، واللطیف هنا هو انتهاء عشر من هذه الروایات الخمس إلى النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) وکون رواتها هم اُمّ سلمة، أبو سعید، عائشة، سعد، واصل بن أصقع، أبو سعید الخدری، أنس، أبو الحمراء. (البعض من هذه الروایات ینتهی سندها إلى اُمّ سلمة زوجة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)).

فـی حین أنّ أربعة من هذه الأحـادیث فقط تشیر إلى أنّ الآیات ناظرة إلى زوجات النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، والملفت للنظر هو أنّ أیّاً من هذه الأحادیث الأربعة لا ینتهی سنـداً إلى النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، بل قد نقلت عن ابن عبّاس وعروة وآخرین کما شهدوا علـى ذلک بأنفسهم، فضلا عن رائحـة الوضع التی تشمّ منها، إذ قـد ورد فی أربعتها أنّ المراد من الآیة زوجات النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) فقط! فی حین أنّ الخطاب بـ «کم» فـی جملة (لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ)و(وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً)، الوارد بصیغة المـذکّر یبیّن أنّ هناک رجالا مخاطبین فی هذه الآیة أیضاً، على خلاف الآیات السابقة النازلة فی خصوص نساء النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، والتی استعمل فیها «نون النِسوة»، إذن فالحدیث القائل بأنّ المراد هو زوجات النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، هو خلاف ظاهر القرآن ولا یمکن قبوله.

2 ـ هناک العدید من الروایات فی باب حدیث الکساء بین طیّات المصادر الإسلامیة (وخاصّة مصادر أهل السنّة) التی یستخلص منها هذا المعنى وهو أنّ النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، دعا علیّاً وفاطمة والحسن والحسین (علیهم السلام) (أو أنّهم حضروا عنده) وغطّـاهم بردائه، وقال طبقاً لروایة عن جعفر الطیّار (ابن عمّ النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)) اللهمّ لکلّ نبی أهل وإنّ هؤلاء أهلی، فأنزل الله تعالى: (إِنَّمَا یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً)، وفی هذه الأثناء تقدّمت زینب زوجة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)وقـالت: ألا أدخل معـکم؟ قال مکانک فإنّـک على خیر إن شاء الله(2).

هذا الحدیث یصرّح بعدم دخول زوجات النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) فی آیة التطهیر.

والأهمّ من هذا هو الحدیث الوارد عن عائشة بنفس هذا المعنى والذی تقول فی خاتمته: فقلت: یارسول الله ألست من أهلک؟ قال (صلى الله علیه وآله): «إنّک لعلى خیر، ولم یدخلنی معهم»(3).

کما أنّ نفس هذا المعنى جاء فی صحیح مسلم، غایة الأمر أنّ ذیل الحدیث الذی یرتبط بطلب عائشة لم یرد فیه(4).

وورد نفس هذا المعنى فی حدیث آخر عن «اُمّ سلمة» وأنّها قالت فی ذیله: یارسول الله وأنا معهم؟! قال: إنّک على خیر (لکنّک لست منهم)(5).

ونقل «الحاکم» نفس هذا المعنى بصراحة أکبر فی «مستدرک الصحیحین» عن اُمّ سلمة أنّه(صلى الله علیه وآله) قال: «إنّک على خیر وهؤلاء أهل بیتی»(6).

حـدیث اُمّ سلمة هذا ورد فی الکثیـر من الکتب المعـروفة، من جملتهـا ما جاء فی «صحیح الترمذی» أنّ النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) حینمـا غطّى علیّـاً وفاطمة والحسن والحسین بردائه وقال: «اللهمّ! هؤلاء أهل بیتی فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهیراً، فقـالت اُمّ سلمـة: وأنا معهم یانبی الله؟! فقـال النبـی (صلى الله علیه وآله) : أنت علـى مکانک وأنت على خیر» (وإن لم تکونی فی زمرة أهل البیت فی هذه الآیة)(7).

هذه التعـابیر تبیّن بمجموعها وبکلّ وضـوح أنّ الآیة لـم تشمل أیّاً من زوجات النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، لا «اُمّ سلمة» ولا «عائشة» ولا سـواهما، والـذی یدعو للإستغراب هو إصرار البعض من مفسّری أهل السنّة على شمول هذه الآیة لزوجات النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) مع عدم اکتراثهم بکلّ هذه الأحادیث المعروفة المعتبرة.

والعجیب من الفخر الرازی المعروف بشروحه وتفصیلاته الوافیة ودقّة ملاحظاته عند تناول آیات القرآن، هو مروره مرّ الکرام على هذه الآیة التی یطول فیها الحدیث من کافّة الأبعاد، وتفسیره لها لفظیّاً بسطرین أو ثلاثة لا غیر؟!

لماذا یبتلى عالم بمثل هذا التعصّب الذی یغلق علیه أبواب الحقیقة مع ما تمیّز به من قابلیة واطّلاع واسع؟!

3 ـ المـلاحظة الاُخرى هی أنّه: قـد جاء فی الکثیـر من الأحـادیث، والتی اُشیر إلى البعض منها فیما تقدّم أنّ النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) وبعد نزول هذه الآیة کان ینادی لمدّة أربعین یوماً أو ستّة أشهر أو ثمانیة أشهر أو أکثر من ذلک عند صلاة الفجر، أو کلّ الصلوات أو حین مروره ببیت فاطمة الزهراء (علیها السلام): الصلاة یا أهل البیت إنّمـا یرید الله لیذهب عنکم الـرجس أهـل البیت ویطهّرکم تطهیراً»، وجاء فی البعض منها أنّه (صلى الله علیه وآله)کان یقول: «السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته أهل البیت إنّما یرید الله ...»(8).

التفاوت المـلحوظ فی هذه الـروایات من الناحیة الـزمنیة لا أهمیّة له أصلا، إذ من الممکن أنّ «أنساً» قد شهد هذا الموقف ستّة أشهر، وأبا سعید الخدری ثمانیة أشهر وغیرهما أکثر أو أقل، إذ فی الواقع کلّ یذکر المدّة التی شهدها هو بنفسه دون أن ینفی ما زاد علیها.

ولکن على أیّة حال فهذه الروایة دلیل واضح جدّاً على أنّ النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، کان یرید بیان هذه الحقیقة لعموم المسلمین وترسیخها فی أذهانهم، وهی أنّ هذه الأسرة فقط دون سواها هی أهل بیته فی هذه الآیة.

وإلقاؤه الرداء على هؤلاء النفر من أهل بیته وتشخیصه لهم به، وحجب الآخرین حتّى زوجاته من الدخول تحته إنّما هو لبیان أنّ مصادیق هذه الآیة هم أهل الکساء فقط.

نحن لا ندری لو أنّ أحداً أراد تمییز أفراد معدودین من بین جمع کثیر، ومخاطبتهم، بحیث لا یعترض علیه أهل الشبهات والحجج، ماذا ینبغی له أن یفعل؟ ألا یکفی لهذا الغرض إلقاء الرداء علیهم، أو مخاطبتهم عند المرور بالقرب من منازلهم لشهور متوالیة!

ألا یثیر الدهشة والعجب إهمال البعض لهذه الحقائق، والإصرار على توسیع دائرة تلک الفضیلة المهمّة المحدودة بالخمسة أهل الکساء لتشمل غیرهم؟

والملفت للنظر أنّ الحاکم الحسکانی من علماء أهل السنّة المعروفین، قد ذکر أکثر من مائة وثلاثین حدیثاً! حول هذا الموضوع.

و«السیّد علوی بن ظاهر الحضرمی» یقول فی کتاب «القول الفصل»: «حدیث آیة التطهیر هو من الأحادیث المشهورة المتواترة التی تقبّلتها الاُمّة الإسلامیة .. واعترف بصحّته سبعة عشر من کبار حفّاظ الحدیث»(9).

آخر ما یتعلّق بهذا الموضوع، هو أنّ الکثیر من الـروایات الواردة بهذا الشأن مذکورة فی کتاب « فضائل الخمسة من الصحاح الستّة » عن صحیح مسلم، صحیح الترمذی، تفسیر الطبری، مستدرک الصحیحین، مسنـد الإمام أحمد، خصائص النسائی، تاریخ بغداد، مسند أبی داود، اُسد الغابة، وکتب اُخرى یمکن الرجوع إلیها لمزید من الإطّلاع والتعمّق ولإمکانیة الحکم بشأنها بشکل أفضل(10).

فی الآیة السابعة نطالع تعبیراً آخر یشیر هو الآخر إلى مسألة عصمة الأنبیاء أیضاً، وذلک حینما طرد الشیطان من رحمة الله تعالى (وبدأت عداوته مع الإنسان)، إذ یقول: (قَـالَ فَبِعِزَّتِکَ لاَُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ * إِلاَّ عِبَادَکَ مِنْهُمُ الُْمخْلَصِینَ).

هذا التعبیـر لا ینحصـر بالآیة المذکورة ، بل قد ورد نفس هذا المعنى أیضاً بتفاوت ضئیل: (وَلاَُغْـوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ * إِلاَّ عِبَادَکَ مِنْهُمُ الُْمخْلَصِینَ). (الحجر / 39 ـ 40)

و فی الآیة الثامنة نرى هذا المعنى أیضاً بشکل آخر حیث یحکی تعالى عن فریق من الأنبیاء الکبار: (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَة ذِکْرَى الدَّارِ).

وکما قلنا فی خصائص الأنبیاء (علیهم السلام) فـ «المخلص» (بکسر اللام) هو الذی یسعى لتصفیة قلبه وهی المرحلة الرفیعة من التقوى وطهارة القلب والمرحلة الأرفـع والأسمى منها هی «المخـلص» (بفتح اللام) وهو یختـصّ باُولـئک الذین طهّـرهم الله تعـالى من کلّ الشـوائب والقبـائح، نتیجة سعیهـم المتـواصل لتهذیب أنفسهم، ولهذا یرتبطون بالله تعالى بکلّ وجودهم، وبدیهی أنّ الشیطان لا یجد إلى نفوسهم طریقاً أبداً، إذ لا مکان لغیر الله فی قلوبهم ولذا لا یفکّرون بمن سواه ولا یتمنّون غیر رضاه.

ومن المسلّم أنّ صفة کهذه ملازمة لمرتبة العصمة، وذلک لخروجهم عن دائرة طاعة الشیطان، وبالشکل الذی جعله لا یفکّر فی صرفهم أبداً، کما أنّهم خالصون لله تعالى من ناحیة الصفات النفسانیة والمیول والرغبات، ولهذا السبب لا تدنّسهم الخطیئة ولا یتّبعون الهوى.

ومن البدیهی أنّ استثناء الشیطان للانبیاء من بین بنی آدم، وعدم السعی لإغوائهم، لیس لاحترام خاصّ یکنّه لهم باعتبارهم مخلصین، بل لیأسه وقنوطه ویقینه بعجزه عن الوسوسة لهم.

و بالرغم من أنّ الآیات الآنفة الذکر لا تشیر صراحة إلى الأنبیاء أو الأئمّة المعصومین، لکن لفظة «المخلصین» وکیفما فسّرناها تخصّ الأنبیاء وأوصیاءهم، لعدم وجود أفضل منهم من بین عباد الله، والملفت للنظر أنّ هذا التأیید الإلهی المانع من ارتکاب المعصیة وهو السبب فی العصمة، والذی یدور حول محور الإخلاص متجسّد فی قصّة یوسف أیضاً، یقول تعالى: (کَذَلِکَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الُْمخْلَصِینَ). (یوسف / 24)

هـذا التعبیـر یبیّن أنّ من یکون «مخلصاً» یتخلّص من ثورة هوى النفس وطغیانه، والـوساوس الشیطانیة ببرکة الإمـدادات الغیبیة، وجملة (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الُْمخْلَصِینَ)هی من قبیـل القیاس منصوص العـلّة، الذی یضفـی العمومیة على مفهوم الآیة.

مفهـوم عصمة الأنبیاء فی ظلّ الإخلاص یتّضـح من خلال مقـاومـة یوسف(علیه السلام)، مـع کونه شاباً أعزباً، وصمـوده أمام أمواج الخطیئة المتلاطمة التی أحاطت بزورق وجوده من کلّ حدب وصوب، وفی ظـروف حسّاسة تفـوق المتعارف أمام الوساوس الکثیرة، التی أثارتها تلک المرأة الجذّابة، ولذا نجد أنّ لأقطاب المفسّرین عبارات تشیر إلى مقام عصمة الأنبیاء فی ذیل الآیات المذکورة(11).

وفی الآیة التاسعة خوطب نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) ضمن الحدیث عن الأنبیاء السابقین، کإبراهیم وإسماعیل وإسحاق ویعقوب وموسى وعیسى، وفریق آخر من الأنبیاء الکبار بقوله تعالى: (أُوْلَئِکَ الَّذِینَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)(12).

الملفت للنظر أنّها تأمر النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) بالإقتداء بهدایتهم بلا قید أو شرط!، فهل یعقل عدم حصول اُولئک الأنبیاء(علیهم السلام) على مقام العصمة ثمّ یؤمر نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله)بالإقتداء بهم بلا قید أو شرط؟

وبعبارة اُخرى: فی الآیة أعلاه تمّ التأکید أوّلا على الهدایة الإلهیّة لهم، ثمّ تمّ التفریع على ذلک بالقول: الآن وبعد أن شملتهم الهدایة الإلهیّة اقتد بهداهم (تأمّل جیّداً).

ومن المسلّم أنّ المراد، بالهدایة الإلهیّة هنا لیس رسم الطریق فحسب، لعدم اختصاصه بالأنبیاء فقط بل لشموله لکلّ الناس حتّى الکفّار، وعلیه فالهدایة المذکورة هی نفس معنى الإیصال إلى المطلوب (وبلوغ المقصود) بعیداً عن أی خطأ وانحراف واشتباه ومعصیة.

یقول المرحوم العلاّمة الطباطبائی فی تفسیر «المیزان»: إنّ هذه الآیة خاصّة بالمعصومین.

بدیهی أنّ المراد بهدایة الأنبیاء هی تلک الاُصول والمعارف التی بلغوها بأنفسهم، مضافاً إلى اُصول تعلیماتهم العبادیة والسیاسیة والأخلاقیة والتربویة، ولا منافاة لهذا مع نسخ قسم من تفاصیل أحکام شریعتهم، کما أنّ تفسیرهم للهدایة بمعنى الإیمان أو الصبر وأمثالهما إنّما هو لاقتناعهم بما ذکره البعض من المصادیق.

واعتقاد البعض بأنّ الآیة منسوخة لیس فی محلّه، یقوله تعالى: (لِکُلّ جَعَلْنَا مِنْکُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) (المائدة/48)

وهذه لأنّ هدایة الأنبیاء التی تشکّل الاُصول العامّة لتعالیمهم غیر قابلة للتغییر، ولا تتأثّر بالتغیّرات الجزئیة للشرائع الناتجة عن الظروف الزمانیة والمکانیة، ولذا یقول القرآن على لسان المؤمنین الحقیقیین: (لاَ نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَد مِنْ رُسُلِهِ).(البقرة /285)

وخلاصة الکلام هی: أنّ الإقتداء بهُدى الأنبیاء السابقین هو نوع من «التحقیق» لا «التقلید» کما یراه البعض، لأنّ التحقیق هو قبول الشیء بالدلیل، ومقام عصمة الأنبیاء وصدقهم هو بمثابة الدلیل على حقّانیة ما یقولونه، ولذا فاستنباط صفات الله تعالى أو تفصیلات المعاد من القرآن، هو فی الحقیقة نوع من التحقیق لا التقلید، وذلک لعدم انحصار الدلیل بالعقل، بل هناک الدلیل النقلی الثابت عن طریق الوحی والمقبول کالدلیل العقلی (تأمّل جیّداً).

الآیة العاشرة من آیات البحث إشارة إلى شخص النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) یقول تعالى: (وَمَا یَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ یُوحَى).

یستفـاد من هذا التعبیر بکلّ وضوح أنّ النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) لا یکذب ولا یخطأ فی کلامه أبداً، ولا سبیل للضلال والإنحراف إلیه: (مَا ضَلَّ صَاحِبُکُمْ وَمَا غَوَى).

ولذا ـ وعلى حدّ قول بعض المفسّرین ـ یستفاد من هذه الآیات بما لا یدع مجالا للشکّ، أنّ سنّة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) هی کـ «الوحی المنزل»(13).

امّا إلى ماذا یعود الضمیر «هو» فی جملة (إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ یُوحَى)؟ الظاهر أنّه یعود على «النطق» المستفاد من جملة (ومَا یَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى)، أی أنّ «کلامه وحی إلهی»، سواء أکان هذا الکلام آیات قرآنیة أم أحکام ومواعظ وحکم، وأمثال ذلک، فکلّها تتمتّع بجذور إلهیّة.

وکما یستفاد من الآیات أعلاه أنّ المصدر الرئیسی للضلال والانحراف هو اتّباع هوى النفس، وأنّ من یسیطر على هوى نفسه بشکل تامّ لا یعصی الله تعالى، لأنّ تقواه تحفّظه من الإنحراف لاقترانها بوضوح الرؤیة فی کافّة المراحل، وحین بلوغ المرحلة السامیة، یصل وضوح الرؤیة بدوره إلى مرحلة الکمال أیضاً، وبناءً على هذا لا یرتکب ذنباً ولا خطیئة (تأمّل جیّداً).


1. جاء فی «فی ظلال القرآن» أنّ التعبیر بأهل البیت بشکل مطلق إشارة إلى أنّ البیت الحقیقی فی العالم هو بیت النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، «مثلما أنّ هذا التعبیر قد ورد بشکل مطلق فی حقّ بیت الله الحرام فی البعض من آیات القرآن» وفی الواقع فانّ هذا التعبیر هو نوع تکریم وتعظیم خاصّین لأهل بیت النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله).
2. شواهد التنزیل للحسکانی، ج 2، ص 32، ح 673.
3. شواهد التنزیل للحسکانى، ج 2، ص 38، ح 683.
4. صحیح مسلم، ج 4، ص 1883 (باب فضائل أهل بیت النبی) ح 61.
5. ابن الأثیر نقل هذا الحدیث فی اُسد الغابة، ج 3، ص 413.
6. مستدرک الصحیحین، ج 2، ص 416 (ط . حیدر آباد دکن) نقلا عن إحقاق الحقّ، ج 3، ص 518.
7. صحیح الترمذی، ج 5، کتاب تفسیر القرآن، الباب 34، ص 351، ح 320.
8. جاء هذا الحدیث فی شواهد التنزیل عن أنس بن مالک، ج 2، ص 11، وعن أبو سعید الخدری فی نفس الجزء، ص 28 و29، وفی الدرّ المنثور فی ذیل الآیة مورد البحث عن ابن عبّاس و أبو الحمراء.
9. هذه الأحادیث ذکرها فی القول الفصل، ج 2، ص 10 إلى 92، (ص 82) فراجعها.
10. فضائل الخمسة من الصحاح الستّة، ج 1، ص 270 إلى 289.
11. راجع تفسیر مجمع البیان للطبرسی; تفسیر جامع البیان للشیخ الطوسی; وتفسیر المیزان للعلاّمة الطباطبائی; تفسیر روح البیان للقرطبی; وتفسیر فی ظلال القرآن لسیّد قطب فی ذیل الآیات مورد البحث.
12. یجب ألاّ یفوتنا أنّ «الهاء» فی لفظة «اقتده» لیست ضمیراً بل هاء السکتة التی تلحق الکلام عند الوقوف على الحرف المتحرّک.
13. یقول القرطبی فی تفسیره، ج 9، ص 6255 وفیها أیضاً دلالة على أنّ السنّة کالوحی المنزل فی العمل.
کیف یکون المذنبون دعاةً للتقوى؟ثمرة البحث:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma