طرق الإرتباط بعالم الغیب:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
تمهید:1 ـ أقسام الوحی وکیفیته فی الروایات الإسلامیة

تمّ فی هذه الآیات بیان مختلف الطرق التی اتّصل الأنبیاء الإلهیون عن طریقها بعالم الغیب وما وراء الطبیعة بصورة إجمالیة، والتی تبلغ أربعة أو خمسة طرق:

فی الآیة الاُولى اُشیر إلى ثلاثة طرق، یقول المرحوم الطبرسی فی تفسیر هذه الآیة:

«لیس لأحد من البشر أن یکلّمه الله إلاّ أن یوحی إلیه وحیاً کداود الذی أوحى فی صدره الزبور، أو یکلّمه من وراء حجاب مثل موسى أو یرسل رسولا کجبرائیل إلى محمّد (صلى الله علیه وآله)لیبلّغه أمرَه».

فهذا الإرتباط إنّما یکون أحیاناً عن طریق الإلقاء فی القلب، واُخرى عن طریق الأمواج الصوتیة التی یسمعها النبی من الخارج، وثالثة عن طریق نزول الملک الموکّل بالوحی.

أصل «الوحی» الإشارة السریعة، وذلک یکون بالکلام على سبیل الرمز أو بالصوت المجرّد عن الترکیب اللغوی، وتارةً بالإشارة أو الکتابة.

هذا ما ذکره «الراغب» فـی «المفردات»، لـکن «ابن فارس» فـی «المقاییس» یرى معناه الأصلی إلقاء علم ما بشکل خفی أو علنی على شخص آخر.

ذکر «ابن منظور» أهمّ معانی هذه اللفظة واعتبرها الرسالة والإلهام والکلام من غیر معاینة، والإلقاء فی الروع، کما ذکر معظم أرباب اللغة هذه المعانی بزیادة أو نقیصة، ولکنّ الخلیل بن أحمد ذکر معناه فی کتاب (العین) بأنّه الکتابة والتدوین!

أمّا فی اصطلاح أهل الشرع فیطلق على إبلاغ الرسائل الإلهیّة من قبل الله إلى الأنبیاء(علیهم السلام)، وإن کانت دائرة استعماله فی القرآن أوسع من هذا المعنى کثیراً، وشاملة لکلّ أنواع الإلقاء للعلم المرموز، ولذا استعمل فی مورد الغرائز أو العلوم التی استودعت عند بعض الحیوانات کالنحل مثل: (وَأَوْحَى رَبُّکَ إِلَى النَّحْلِ). (النحل / 68)

ویقول فیما یتعلّق بما ألقاه الله على قلب اُمّ موسى بالنسبة لولدها: (وَأَوْحَیْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى). (القصص / 7)

إذ قد تمّ التعبیر عن الإلهام الإلهی لها بالوحی مع عدم کونها نبیّاً قطعاً، کما أنّ یوسف لم یکن فی طفولته نبیّاً ومع ذلک یقول القرآن فی حقّه: (وَأَوْحَیْنَا إِلَیْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ (اخوتک) بِأَمْرِهِمْ هَذَا (التخطیط لقتلک) ).

کذلک استعملت هذه المفردة فیما یتعلّق بوساوس الشیاطین الخفیة إلى أتباعهم قوله تعالى: (وَکَذَلِکَ جَعَلْنَا لِکُلِّ نَبِىّ عَدُوّاً شَیَاطِینَ الاِْنسِ وَالْجِنِّ یُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّکَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا یَفْتَرُونَ). (الأنعام/112)

واستعملت الأوامر الإلهیّة الغامضة فیما یتعلق بالجمادات کالأرض قوله تعالى:(بِأَنَّ رَبَّکَ أَوْحَى لَهَا). (الزلزال / 5)

جملة «من وراء حجاب» تعنی أنّ الله کان یخاطب نبیّه بأمواج صوتیة خاصّة خافیة على الآخرین أو أنّ نبیّه کان یسمع الخطاب دون مشاهدة مصدره، بالضبط کالکلام الذی یطرق السمع من وراء الستار.

ودار الحدیث فی ثانی آیة عن نزول ملک الوحی وإتیانه بالقرآن للنبی (صلى الله علیه وآله)، یقول تعالى:

(وَإِنَّهُ (القرآن) لَتَنْزِیلُ رَبِّ الْعَالَمِینَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَْمِینُ * عَلَى قَلْبِکَ لِتَکُونَ مِنَ الْمُنذِرِینَ).

الملفت للنظر هو أنّ ملک الوحی قد تمّ وصفه بوصفین «الروح» أی عین الحیاة و«الأمین» إشارة إلى الأمانة التی هی أهمّ شرط للرسالة والتبلیغ.

یستفاد جیّداً من مختلف الآیات والروایات أنّ ملک الوحی المأمور بإبلاغ الرسالة إلى نبی الإسلام کان اسمه جبرائیل، فی حین أنّه یظهر من ثالث آیة من الآیات مورد البحث، أنّ الملائکة بـ «صیغة الجمع» کانوا أحیاناً یؤمرون بإبلاغ الوحی الإلهی إلى الأنبیاء، یقول تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِیمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ).

البشارة التی کان یحملها هذا الفریق من الملائکة هی البشارة بولادة إسماعیل وإسحاق، إذ إنّ إبراهیم (علیه السلام) کان قد قضى کثیراً من عمره محروماً من الولد مع تمنّیه الذرّیة لحمل لوائه.

کـما کانت هنالک وظیفة اُخرى للمـلائکة ذکرت فی الآیـات التی بعـدها، إلى جانب وظیفتهم الاُولى فی إبلاغ إبراهیم بالبشارة الإلهیّة ألا وهی تدمیر مدینة قوم لوط وقلبها رأساً على عقب.

هنالک نوع آخر من أنواع الوحی ذکر فی رابع آیة وهو الرسالة التی کانت تصل إلى النبی عن طریق الرؤیا، وهی «رؤیا صادقة» لا تتفاوت مع حالة الیقظة، یقول تعالى: (قَالَ یَا بُنَىَّ إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُکَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ یَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ).

ونقرأ فی الآیات التی بعدها أنّ إبراهیم (علیه السلام) استعدّ لتنفیذ هذا الأمر، ولا یخفى أنّ هذه الرؤیا لو کانت مثل الرؤیا العادیة لما أقدم إبراهیم (علیه السلام) على ذبح ابنه أبداً وهذا یکشف عن کونها وحیاً إلهیاً قطعیّاً.

کما یصدق نفس هذا المعنى فی حقّ نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) فیما یتعلّق بالبشارة التی بشّر بها فی (الحلم) من دخول المسلمین إلى المسجد الحرام، وأدائهم لمناسک الحجّ بکلّ أمان:

(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْیَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِینَ مُحَلِّقِینَ رُءُوسَکُمْ وَمُقَصِّرِینَ). (الفتح / 27)

التعبیر بـ (صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْیَا) یدلّ بوضوح على کون هذا الحلم حلماً إلهیاً أی نوعاً من أنواع الوحی.

فـی خامس وآخر آیة من الآیـات مورد البحث تمّت الإشارة إلى إحدى طرق ارتبـاط الأنبیاء بمبدأ عالم الوجود، والتی اُشیر إلیها کنایة فی أوّل آیة أیضاً بالتعبیر (من وراء حجاب) یقول تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا (حینما أتى موسى النار التی رآها بجانب الطور) نُودِىَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الاَْیْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَکَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ یَا مُوسَى إِنِّى أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ).

أجل فلقد سمع موسى (علیه السلام) کلام الله مباشرة، وطبقاً لبعض الروایات(1) یقول مـوسى: «لقد سـمعت کلام ربّـی بجمیع جـوارحی، ولم أسمعه من جهة واحدة من جهاتی».

هذا الکلام سمعه موسى (علیه السلام) من کلّ الجهات وبکافّة جوارحه (لا الاُذنین فقط)، ومثل هذا الإرتباط على حدّ قول الطبرسی فی مجمع البیان یعدّ من أفضل منازل الأنبیاء وأرفع أنواع ارتباطهم بمبدأ عالم الوجود.

و لا شکّ أنّ الله لم یکن جسماً ولیس له سائر العوارض الجسمانیة واللسان والأمواج الصوتیة، لکنّه یتمکّن من إیصال مشیئته إلى سمع خواصّ عباده بالأمواج الصوتیة التی یوجدها، ولغرض العلم بکونه من کلام الله ینبغی أن یکون محفوفاً بالقرائن لنفی أی احتمال آخر عنه، وهذه القرائن کانت موجودة فی قصّة موسى (علیه السلام)وسائر الأنبیاء (علیهم السلام).

هذه القرائن یمکنها أن تکون رؤیة النار من الشجرة الخضراء أو سماع الصوت من کافّة الجهات، مع الإحساس بکونه صادراً من الشجرة أو سماعه بکلّ أعضاء بدنه، أو على حدّ قول البعض: اتّحاد صوت کلّ الکون بهذا الصوت، أو مضموناً خاصّاً غیر ممکن من غیر الله، أو قرائن اُخرى. یستفاد من سور (طه / 11)، و (النمل / 8) أنّ هناک کلاماً آخر أیضاً قیل لموسى (علیه السلام) فی هذه اللحظة إذ نقرأ فی سورة طه: (نُودِىَ یَامُوسَى * إِنِّى أَنَا رَبُّکَ فَاخْلَعْ نَعْلَیْکَ إِنَّکَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً).

ونقرأ فی قوله تعالى: (نُودِىَ أَنْ بُورِکَ مَنْ فِى النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا)! (النحل / 8)

على أیّة حال فمن مجموع الآیات أعلاه انعکست أشکال مختلفة من ارتباط الأنبیاء بمبدأ عالم الوجود.

إنّ عجز الأدلّة العقلیة عن حلّ جزئیات هذه المسألة هو ممّا لا یخفى، لانحصار وظیفتها فی بیان لزوم إرسال الرسل، وإنزال الکتب المستلزمة لارتباط الأنبیاء بعالم الغیب، ومن هنا فینبغی الرجوع إلى الأدلّة النقلیة للوقوف على جزئیاتها.


1. تفسیر القرطبی، ج 13، ص 283; تفسیر مجمع البیان، ج 4 ص 251.
تمهید:1 ـ أقسام الوحی وکیفیته فی الروایات الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma