1 ـ العوامل الداخلیة ـ النفسیة ـ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
الأدلّة العقلیّة على عصمة الأنبیاء (علیهم السلام): 2 ـ دلیل الإعتماد

بتحلیل مختصر یمکن القول بسیطرة العوامل المانعة عن الذنب على العوامل الدافعة إلیه فی نفوس الأنبیاء.

بیان ذلک: للذنوب التی یقترفها الأنسان عوامل ومصادر شتّى لکنّها تعود بالدرجة الاُولى إلى عاملین مهمین:

1 ـ الجهل وعدم تصور سوء عاقبة الأمر.

2 ـ سیطرة الشهوات والأهواء بشکل، بحیث یستسلم لها العلم والعقل مع قدرتهما على إدراک الآثار السیّئة للذنوب.

فالشخص الذی تتلوث یداه بدماء ضحیّة بریئة مثلا، أو یختار طریق السرقة والسقوط والرشوة، أو یبتلى بلعب القمار وشرب الخمور وتعاطی المواد المخدّرة، لا یخرج عن أحد حالین: إمّا أنّه لا یعلم بمفاسد هذه الأمور بشکل تامّ، أو أنّه عالم بها إلاّ أنّه لا یستطیع الصمود أمام ثورة الشهوات والأهواء وعنفوانهما.

وبناءً على هذا فالعلم والإطّلاع لوحدهما غیر کافیین للردع عمّا هو غیر مرغوب فیه، بل لابدّ ـ إلى جانب ذلک ـ من التسلّط على النفس والأهواء.

إن الثمرة التی یمکن أن نجنیها من هذا البحث هی أنّ الإنسان لو کان له اطّلاع کاف بقباحة عمل ما، وتسلّط کامل على نفسه ومیوله، فیستحیل صدور هذا العمل منه (المراد هنا بطبیعة الحال هو المحال العادی لا العقلی کاجتماع الضدّین) (تأمّل جیّداً).

ویمکن بیان هذه الحقیقة ببعض الأمثلة، وهی أنّ الکثیر منّا یمتلک حالة شبیهة بالعصمة فی قبال البعض من الذنوب، (أمام البعض منها فقط) مثلا، لا نجد بیننا من یوافق على الخروج إلى الأزقّة عاریاً فی وضح النهار، ولو صادف أن قام أحدنا بمثل هذا العمل فسوف نقطع بزوال عقله ورشده، وإلاّ فیستحیل الإقدام على هذا الشیء مع وجود العقل والوعی.

شرب میاه المجاری القذرة والملوّثة حرام قطعاً، فهل یاترى یوجد بیننا عاقل یُقدم على عمل کهذا؟

الطبیب الماهر المتبحّر فی أسرار علم الطب وخطورة أنواع الأمراض المعدیة، لا یوافق أبداً على شرب غسالة ملابس المرضى المبتلین بالأمراض والأوبئة المعدیة.

وبـهذا یمکن القول باختصار: إنّ لنا حصانة ومناعة أمام مثل هذه الأعمال القبیحة، وذلک لوقوفنا عن کثب علـى مفاسدها، بـل إنّ قوّة عقولنا ومعـارفنا وإیماننا ستحطّم تلک المیول والرغبات، لو حاولت فی یوم ما إیقاعنا فی مخالب مثل هذه الأمور، إذن فلو وجد هناک من له اطّلاع کاطّلاعنا على قبح الذنوب والمعاصی، فمن المسلّم أنّه سیتجنّبها بجدیّة.

وبعبارة أخرى، إنّ الدوافع نحو المعصیة ـ أعمّ من الجهل أو غلبة الشهوات والأهواء ـ وقد انتهت وتلاشت فی وجود الأنبیاء والأئمّة المعصومین فی ظلّ علمهم ومعرفتهم وتقواهم.

ولا یخفى أنّ الأنبیاء ـ وبفضل ارتباطهم بعالم الغیب وبحر علم الباری اللامتناهی ـ لهم إحاطة کافیة بحجم مفاسد الذنوب، وقبح مثل هذه الأعمال وفلسفة النهی عنها، ومن جهة أخرى فنفس هذا الإرتباط الذی یکون على مستوى الشهود ومشاهدة عالم الغیب، یخلق فیهم حالة من التقوى بحیث تعدّ رادعاً قویّاً أمام دوافع تلک الأهواء والمیول.

خلاصة القول هی: إنّ الوقوف على دوافع المعصیة من جهة، وعلى مستوى معرفة وتقوى الأنبیاء الناتج من ارتباطهم بعالم الغیب من جهة أخرى، یدعونا للتصدیق بحصانتهم وابتعادهم عن کلّ أنواع المعصیة.

ورد فی روایة عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) الإشارة باختصار، مع دلالة تامّة إلى الملاحظة الأولى، حیث یقول: «قرنت الحکمة بالعصمة»(1).

مع أنّ العصمة هنا قد جاءت بمعناها العام، أی کلّ أنواع الحصانة من المعصیة وفی کلّ مراحلها، لکنّها على أیّة حال تعدّ شاهداً على مرادنا.

وجـاء فی حدیث آخر عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال «المعصوم هو الممتنع بالله من جمیع المحارم، وقـد قـال الله تبارک وتعالى ومن یعتصـم بالله فقد هدی إلى صراط مستقیم»(2).

و یمکـن أن یکون هذا الحدیث إشارة إلى الملاحظة الثانیة أو کلتیهما، کما ورد نـفس هذا المعنى فی حدیث هشـام بن الحکم بشکل أوفى، فعن ابن أبی عمیر ـ الذی یعدّ من کبـار أصحاب الإمـام الصادق (علیه السلام) ـ أنّه قال: «ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحکم فی طول صحبتـی إیّاه شیئاً أحسن من هذا الکلام فی صفة عصمة الإمام، فانّی سألته یـوماً عن الإمـام أهو معصـوم؟ قال نعم، قلت له: فما صفة العصمة فیه؟ وبأی شیء تُعرف؟ قال: إنّ جمیع الـذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها: الحرص والحسد والغضب والشهوة، فهذه منتفیة عنه. ثمّ أضاف قائلا:

لا یجوز أن یکون حریصاً على هذه الدنیا وهی تحت خاتمه، لأنّه خازن المسلمین فعلى ماذا یحرص؟

ولا یجوز أن یکون حسوداً لأنّ الإنسان إنّما یحسد من هو فوقه ولیس فوقه أحد، فکیف یحسد من هو دونه.

ولا یجـوز أن یغضب لشیء من أمـور الدنیا، إلاّ أن یکون غضبه لله عزّوجلّ ...

ولا یجوز أن یتّبع الشهوات ویؤثر الدنیا على الآخرة، لأنّ الله عزّوجلّ حبّب إلیه الآخرة، کما حبّب إلینا الدنیا فهو ینظر إلى الآخرة کما ننظر إلى الدنیا، فهل رأیت أحداً ترک وجهاً حسناً لوجه قبیح؟ وطعاماً طیّباً لطعام مرّ؟ وثوباً لیّناً لثوب خشن؟! ونعمة دائمة باقیة لدنیا زائلة فانیة؟»(3).

مـع أنّ « هشام بن الحکم » لم ینسب هذا الحوار إلى أئمّة أهل البیت(علیهم السلام)مباشرة، لکن نظراً لکونه من ألمع تلامیذ الإمام الصادق (علیه السلام)، وتصریحه قائلا: «کلّ ما عندی فهو من الإمام الصادق (علیه السلام)»، فیبدو أنّه قد استلهم تحلیله اللطیف والمنطقی هذا، والذی یمکن أن یکون أحد الأدلّة العقلیة على مسألة عصمة الأنبیاء والأئمّة، من إمامه الإمام الصادق (علیه السلام).


1. غرر الحکم.
2. بحار الأنوار، ج 5، ص 194، ح 6; والآیة من آل عمران 101.
3. بحار الأنوار، ج 25، ص 192، ح 1.

 

الأدلّة العقلیّة على عصمة الأنبیاء (علیهم السلام): 2 ـ دلیل الإعتماد
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma