3 ـ اُسلوب المخالفین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
ج) التربیة العلمیةالخصائص العامّة للأنبیاء (علیهم السلام)

فـی قبال الأدلّة الکثیـرة على لزوم إرسال الأنبیاء (علیهم السلام) المتقدّمة، والتی نالت قبول الأکثریة القاطعة من العقلاء فی العالم، نجـد أنّ مذهب البراهمة(1) نفى ضرورة بعث الأنبیاء(علیهم السلام) من الأساس، بل اعتبرها مستحیلة وغیر معقولة، لاعتقاده بکفایة ما یعینه العقل للإنسان! وقد نقل الشهرستانی فی کتاب «الملل والنحل» بعضاً من شبهاتهم حول هذا الموضوع وقال:

أ) أنّ الذی یأتی به الرسول لم یخل من أحد أمرین: فإمّا أن یکون معقولا وإمّا أن لا یکون معقولا، فان کان معقولا فقد کفانا العقل التامّ بإدراکه والوصول إلیه، فأی حاجة لنا إلى الرسول؟ وإن لم یکن معقولا فلا یکون مقبولا، إذ قبول ما لیس بمعقول خروج عن حدّ الإنسانیة ودخول فی حدّ البهیمیّة.

ب) قد دلّ العقل على أنّ الله تعالى حکیم والحکیم لا یتعبّد الخلق إلاّ بما تدلّ علیه عقولهم، وقد دلّت الدلائل العقلیّة على أنّ للعالم صانعاً عالماً قادراً حکیماً، وأنّه أنعم على عباده نعماً توجب الشکر، فننظر فی آیات خلقه بعقولنا ونشکره بآلائه علینا ... وإذا عرفناه وشکرنا له استوجبنا ثوابه وإذا أنکرناه وکفرنا به استوجبنا عقابه فما بالنا نتّبع بشراً مثلنا؟!

ج) إنّ أکبر الکبائر فی الرسالة اتّباع رجل هو مثلک فی الصورة والنفس والعقل، یأکل ممّا تأکل ویشرب ممّا تشرب حتّى تکون بالنسبة إلیه کجماد یتصرّف فیک رفعاً ووضعاً، أو کحیوان یصرفک أماماً وخلفاً، أو کعبد یتقدّم إلیک أمراً ونهیاً، فأی تفوّق له علیک؟ وأیّة فضیلة أوجبت استخدامک؟، وما دلیله على صدق دعواه؟ وما فضل حدیثه على غیره؟ ولو أنّهم جاؤا بأشیاء تفوق العادة، فانّ هناک من یخبر عن المغیبات أیضاً.

د) قد دلّ العقل على أنّ للعالم صانعاً حکیماً، والحکیم لا یتعبّد الخلق بما یقبح فی عقولهم، وقد جاء أصحاب الشرائع بمستقبحات من حکم العقل: کالإحرام والسعی بین الصفا والمروة ورمی الجمار وأمثالها، فما فائدتها؟ لماذا حرّموا بعضاً من طعام الإنسان وحلّلوا ما یکون مضرّاً؟(2).

الجواب:

یمکن الإجابة عن هذه الشبهات بسهوله:

أ) یجب ألاّ ننسى أنّ معلوماتنا وإدراکاتنا العقلیّة ما هی إلاّ قطرة من محیط عظیم وغیض من فیض بالنسبة إلى مجهولاتنا، وهذه الحقیقة یعترف بها جمیع العلماء والمفکّرین سواءً من الإلهیین أو المادّیین.

فمن یقول إنّ رسالات الأنبیاء(علیهم السلام) إمّا أن تکون موافقة لعقولنا أو مخالفة، فإنّه یفهم من کلامه أنّ العقل یدرک کلّ شیء! لکنّ الأمر لیس کذلک، بل هناک شقّ ثالث أوسع من صاحبیه، وهو تلک الاُمور التی لیس لنا علم بها أصلا ولا یمکننا نفیها ولا إثباتها، لکن حینما تثبت إجمالا عن طریق الأدلّة التی سنشیر إلیها فیما بعد بأنّ الأنبیاء(علیهم السلام) یتکلّمون نیابة عن الله تعالى ویخبرون من علمه اللامحدود فإنّه سوف لن یبقى هناک مجال سوى قبولها والإذعان بصحّتها.

فإشکال البراهمة الأوّل یشبـه قولنا بعدم لزوم التوجّه إلى الاُستـاذ والاستفادة من علمه وتجربته، لأنّ ما یقوله الاُستاذ إمّا أن یکون موافقاً لعقل التلمیذ أو لا، ففی الحالة الاُولى لا حاجة للذهاب وفی الحالة الثانیة لا یجب التسلیم وقبول قول الاُستاذ.

وبدیهی أنّ هذا الکلام صبیانی لا یخفى جوابه على أی مفکّر، فالاُستاذ إنّما یعلّم التلمیذ أشیاء یعجز عقله عن نفیها أو إثباتها بالإضافة إلى ذلک فقد یلتبّس الأمر علینا فنقع فی الشکّ والإضطراب أحیاناً فی مسائل عرفناها بصورة صحیحة فلا ندری هل فهمناها بصورة صحیحة أم لا؟

وبدون شکّ فانّنا سنطمئن ونتیقّن إذا ما أیّدها الأنبیاء وصدّقوها، لذا فنحن محتاجون إلى الأنبیاء فی کلّ الاُمور سواء علمناها أم لم نعلمها، (فتأمّل).

ب) صحیح أنّنا نعرف الله تعالى بالأدلّة العقلیّة، وأنّ حکم العقل هو الذی یفرض علینا شکر نعمه، لکنّ هذا لا یکفی، فطریق السعادة والکمال الإنسانی ملیء بالعقبات والمخاطر، ولابدّ من وجود أشخاص مجهّزین بالقدرة الإلهیّة والإمدادات الغیبیة لیأخذوا بأیدینا عند اجتیازنا لهذه المخاطر.

نحن لا نقتدی بإنسان مثلنا أبداً، بل بإنسان له اطّلاع واسع جدّاً، وعلمه متصل بعلم الله اللامحدود عن طریق الوحی، واتّباع شخص کهذا منطقی جدّاً.

ج) ممّا تقدّم یتّضح الجواب على الإشکال الثالث أیضاً، إذ إنّ إطاعتنا لأوامر الأنبیاء(علیهم السلام) والوقوف رهن إشارتهم لتقواهم التی لا مثیل لها والتی لمسناها فیهم.

نحن نضع أحیاناً قلوبنا وعقولنا التی تعدّ أهمّ وأعزّ أعضائنا تحت تصرّف الجرّاح الذی نثق به، فینهال علیها بمبضعه، وحینما نوافق على تخدیرنا من قبله لیفعل ما یرید، فهل یُعدّ هذا العمل حماقة؟

بدیهی إنّه لیس کذلک، فعلم ومعرفة الطبیب الجرّاح من جهة، وحسن ظنّنا بعمله من جهة اُخرى، یبعثان على التسلیم له بلا قید أو شرط، ولا یخفى أنّ الأنبیاء(علیهم السلام) الإلهیین یفوقون الطبیب علماً وتقوى بکثیر.

د) أی أمر غیر منطقی یوجد فی تعلیمات الأنبیاء(علیهم السلام)؟ فهل مراسم الحجّ والسعی بین الصفا والمروة ورمی الجمرات والإحرام هی خلاف العقل؟

إنّ تأمّلا بسیطاً فی فلسفة هذه الأعمال یکشف عن مدى حکمتها، وکیف أنّها تربّی الإنسان تربیة صالحة.

فنحن نخرج عند الإحرام من حجاب عالم المادّة، ونترک کلّ الفوارق القومیّة والعرقیة والطبقیة جانباً ونقف کلّنا سواسیة ونترک کلّ ما یشغل القلب جانباً ولو مؤقتاً، ونتفرّغ لـ «معرفة وجودنا وخالقنا» فی عالم معنوی خالص.

والجمرات الثلاث تمثّل الشیطان، إذ نرمیه بالحصى سبع مرّات متعاقبة، وبهذا نعلن عن رفضنا واستیائنا من الاعمال والأفکار الشیطانیة.

وعند السعی بین الصفا والمروة نتذکّر سعی «هاجر» تلک المرأة الطاهرة المؤمنة وجهدها لنجاة ولیدها «إسماعیل»، فنطوی المسافة بین الصفا والمروة عدّة مرّات.

وقصارى الکلام، إنّ الأعمال التی ننجزها یعتبر کلّ واحد منها مثالا لبرنامج تربوی مسبق، وعند الانتهاء نشعر بأنّنا قد حصلنا على شخصیّة جدیدة ومعرفة جدیدة عن الله تعالى وعن نفوسنا، ذلک الإحساس الذی یحصل لکلّ إنسان بعد مراسم الحجّ.

إنّ تـحریم الأنبیاء(علیهم السلام) بعض المواد الغذائیة والمشروبات مثل «الخمر» و «لحم الخنزیر» إنّما للأضرار الکامنة فیها والتی غفل الناس عنها سابقاً ثمّ اطّعلوا علیها بالتدریج فی هذا العصر، فنحن لا نعرف شیئاً حلّله الأنبیاء (علیهم السلام) وتسبّب فی ضرر الإنسان مادیّاً أو معنویّاً.

وخلاصة القـول، إنّ هـذه الإشکالات الأربعـة للبراهمة قد نشأت عن جهلهم بالأنبیاء(علیهم السلام) أو تعلیماتهم من جهة وعدم معرفتهم لمدى قدرة العقل من جهة اُخرى، وبهذا نصل إلى نهایة البحث حول فلسفة «البعثة».


1. مذهب البراهمة هو من أقدم المذاهب المعروفة التی ظهرت فی المشرق، ومرکزه الأصلی «الهند»، قال الشهرستانی فی کتاب «الملل والنحل»: هذا الاسم مأخوذ من اسم «براهام» مؤسس هذا المذهب، فی حین أنّ «فرید وجدی» یقول فی «دائرة المعارف»: إنّ هذا الاسم مشتقّ من اسم أحد آلهتهم الکبیرة أی «براهما»، والبراهمة وفضلا عن إنکارهم للنبوّة یعتقدون بنوع من التثلیث أی الآلهة الثلاثة.
2. الملل والنحل، الشهرستانی، الباب 4، آراء الهند، الفصل 1 ـ البراهمة ـ ص 250.
ج) التربیة العلمیةالخصائص العامّة للأنبیاء (علیهم السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma