4 ـ حریّة الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
3 ـ إقامة القسط والعدل 5 ـ النجاة من الظلمات

واُشیر فی الآیة الخامسة إلى بُعد آخر من أبعاد فلسفة بعثة الأنبیاء(علیهم السلام)، ألا وهو نجاة الإنسان من مخالب الأسر والاستبداد، یقول تعالى: (الَّذِینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الاُْمِّىَّ الَّذِى یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالاِْنجِیلِ یَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنکَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّبَاتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبَائِثَ وَیَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلاَلَ الَّتِى کَانَتْ عَلَیْهِمْ).

إنّ القرآن الکریم یقیم عدّة أدلّة على أحقیّة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) بذکره لهذه الأوصاف:

الأوّل: کونه اُمیّاً، فهل یمکن عرض کتاب کهذا أو علوم کهذه من قبل شخص لم یحضر حلقات الدرس.

والثانی: هو شهادة الأنبیاء(علیهم السلام) السابقین على حقانیة نبوته.

والثالث: إنسجام تعلیماته مع أوامر العقل والوجدان(إذ یستحیل إیجاد مذهب ورسالة لها مثل هذا الإنسجام مع حکم العقل والوجدان، والدعوة إلى الإحسان والنهی عن السیّئات والتوجّه نحو الفضائل وترک الرذائل فی محیط ملیء بالخرافات والجهل والجاهلیة والفظاظة).

والدلیل الرابع: بیان حریّة الإنسان والسعی لإنقاذه من مخالب الأسر فطالما کبّل الحکّام المادیّون الإنسان بالأغلال والقیود لتقویة مکانتهم، وأجازوا أنواع العذاب فی حقّه، بل قد سلبوا حرّیته باسم الحریة، ولم تکن هناک مدرسة تنادی بخلاص الإنسان من ظلم الطواغیت وتحریره سوى مدرسة الأنبیاء(علیهم السلام).

والجدیر بالذکر هو أنّ کلمة «إصر» على وزن (مِصْر) التی تعنی عقد الشیء وحبسه وقهره على حدّ قول الراغب فی مفرداته وقد فسّرها البعض بالحبس المؤکّد أیضاً، ثمّ استعملت فی لوازم هذا المعنى(1) (مثل العهد والمیثاق وثقل الذنوب والحبل الذی تربط به الخیام وأمثال ذلک) وجاءت هنا کنایة عن أنواع القیود التی تُثقل کاهل الإنسان.

و«الأغلال» جمع «غل» وهی مشتقّة فی الأصل من مادّة «غَلَلْ» المأخوذة من النفوذ التدریجی للأشیاء کنفوذ الماء الجاری وسط الأشجار، ونظراً لکون «الغل» هی تلک الحلقة التی تحیط بالرقبة أو بها مع الید والرجل مجتمعة فقد سمّیت «غلا» وأحیاناً یطلق علیها «الجامعة» لنفس ذلک الغرض أیضاً.

وأکثر ما استعمل القرآن الکریم هذه المفردة للتعبیر عن «طوق العنق» ولذا قالوا: هی الأغلال التی فی أعناق الکفّار.

على أیّة حال، فقد وردت هنا کنایة عن أغلال الأسر، والغریب إنّ الکثیر من المفسّرین قد اعتبر «الإصر» و «الأغلال» إشارة إلى التکالیف الشاقّة التی فرضها الله تعالى على الیهود، وإنّ نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) قد رفعها بشریعته السهلة السمحاء فی حین أنّه لا یوجد أی دلیل على هذا التقیید والتخصیص، إذ إنّ للآیة مفهوم أوسع حیث شملت کافة أنواع الاثقال المعنویة وقیود الأسر:

قیود عبادة الأوثان والخرافات والعادات والتقالید الخاطئة.

قیود الجهل والضیاع.

قیود أنواع التفرقة والحیاة الطبقیة.

قیود القوانین الخاطئة.

وقیود الأسر والاستبداد فی مخالب الطواغیت.

لقد أعاد نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) وسائر الأنبیاء (علیهم السلام) الحریة الحقیقیة إلى الإنسان وذلک برفعهم لهذه الأثقال وفکّهم لتلک القیود والأغلال عنه، فقد منحوه حریّة التفکیر والتعبیر عن الرأی والتأمّل والتحرّر من عبودیة أهواء النفس، التحرّر من قبضة الحکّام الظالمین والتحرّر من شباک الشیاطین والطواغیت والتحرّر من سیطرة الخرافات والأوهام وعبادة غیر الله تعالى.

ومن المسلّم أنّ عدم ارتیاح الطواغیت لتحرّر الآخرین هو لرغبتهم فی تسخیرهم لتحقیق أغراضهم الشخصیة، ولا زالت ـ فی عصرنا الحاضر الذی ینطلق فیه شعار حریّة الإنسان فی أقصى نقاط المعمورة ـ تفرض على الإنسان تلک القیود والأغلال والأثقال المضنیة التی تعود إلى العصر الجاهلی وبعناوین ومصطلحات جدیدة، فالقوى العظمى تسعى دائماً وبصورة علنیة للسیطرة على الشعوب واسترقاقها وتسخیرها مستخدمة کافّة الوسائل العسکریة أو الإعلامیة أو بنشر ألوان ونهب ثرواتها الفساد الأخلاقی، وقد بلغ ظهور هذا الأمر الیوم حدّاً یستحیل إنکاره بل لا یکاد یخلو منه التاریخ المعاصر فی کافّة أرجاء المعمورة، وهی تسعى للقضاء على شعارات الحریة الجمیلة.

أجل، فإنّ أحد الأهداف الرئیسیة من بعثة الأنبیاء (علیهم السلام) هو إنقاذ الإنسان وتخلیصه من أسر وقیود العبودیة المقیتة.


1. مفردات الراغب; ومقاییس اللغة; والتحقیق فی کلمات القرآن الکریم.

 

3 ـ إقامة القسط والعدل 5 ـ النجاة من الظلمات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma