اسطورتا الآیات الشیطانیة والغرانیق:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء السابع)
10 ـ الأنبیاء السابقون بشکل عامّنقد الروایات المرتبطة بأسطورة الغرانیق:

ذکـروا حول هذا الموضوع قصّة عرفت بـ «قصّة الغرانیق»، هذه القصّة تقـول: إنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان مشغولا بقراءة سورة «النجم» أمام المشرکین، فوصل إلى هذه الآیة: (أَفَرَأَیْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الاُْخْرَى) وفی هذه الأثناء أجرى الشیطان على لسانه هاتین الجملتین: «تِلْکَ الْغَرانِیْقُ الْعُلى وَاَنَّ شَفاعَتُهُنَّ لَتُرْتَجى»(1) فابتهج المشرکون لسماعهم هاتین الجملتین، وقالوا: لم یذکر «محمّد» آلهتنا بخیر إلى الآن أبداً، فسجد النبی وسجدوا معه أیضاً فی تلک الحال، بعد ذلک تفرّق مشرکو قریش فرحین، فلم یمض وقت حتّى نزل جبرائیل وأخبر النبی قائلا: إنّی لم آتِک بهاتین الجملتین أبداً!، إنّه من القاء الشیطان!! ونزل بالآیة: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِکَ مِنْ رَسُول وَلاَ نَبِىّ ...)کما حذّر النبی والمؤمنین أیضاً من هذا الشیء(2).

مع هذا الحدیث تکون عصمة الأنبیاء حتّى فی تلقّی الوحی، معرّضة للخطر والإعتماد علیها غیر ثابت.

الجواب :

فی البدایة یجب فصل نصّ الآیة عن الروایات الموضوعة التی حیکت حولها ولننظر إلى ما تقول، ثمّ نتعرّض لنقد وتحقیق الروایات:

من المحقّق أنّ هذه الآیة وبقطع النظر عن الهوامش المصطنعة، لا تخدش عصمة الأنبیاء فحسب، بل تعدّ من الأدلّة على عصمتهم أیضاً: إذ یقول: حینما یتمنّى الأنبیاء امنیـة صالحة («الامنیة» تطلـق على کلّ أنواع الأمل والرجاء، لکنّها هنا تعنی البعد الایجابی البنّاء لتحقیق أهداف الأنبیاء، لأنّها لو لم تکن ذات بعد إیجابی لما ألقى فیها الشیطان إلقاءاته)، کان الشیطان ینقض علیهم ویلقی القاءاته لکن الله کان یبطلها على الفور، ویحکم آیاته قبل أن تترک تلک الوساوس أثرها السیء على إرادة الأنبیاء وتصرّفاتهم.

(لا یخفى أنّ «الفاء» فی (فینسخ الله) إشارة إلى الترتیب المتصل، أی أنّ الله کان ینسخ ویزیل القاءات الشیطان مباشرة)، الدلیل على هذا الکلام هو آیات القرآن الأخرى التی تقول بصراحة: (وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاکَ لَقَدْ کِدْتَ تَرْکَنُ إِلَیْهِمْ شَیْئاً قَلِیلا). (الإسراء / 74)

نظراً إلى أنّ الآیة (73): (وَإِنْ کَادُوا لَیَفْتِنُونَکَ عَنِ الَّذِى أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ لِتَفْتَرِىَ عَلَیْنَا غَیْرَهُ وَإِذاً لاَتَّخَذُوکَ خَلِیلا) من نفس سورة الإسراء والتی سبقت هذه الآیة، تبیّن أنّ الکفّار والمشرکین کانوا یسعون بوساوسهم إلى حرف النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) عن الوحی السماوی، فیتّضح أنّ الله تعالـى لم یدع لهم المجال أبداً لیفـلحوا بوساوسهم تلک (تأمّل جیّداً).

کما نقرأ أیضاً: (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَیْکَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ یُضِلُّوکَ وَمَا یُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا یَضُرُّونَکَ مِنْ شَیْء). (النساء / 113)

هذه کلّها تبیّن أنّ الله قد حفظ نبی الإسلام من کلّ أنواع الإنحراف ولم یفسح المجال أبداً بمنّه وفضله من نفوذ وساوس شیاطین الإنس والجنّ إلیه.

هذا کلّه فیما لو حملنا «الامنیة» على «الغایة» أو «الخطّة» أو «الشروع» (لأنّ جذور هذه الکلمة الأصیلة تعود إلى «التقدیر والتصوّر والفرض»).

لکن لو حملنا «الامنیة» على التلاوة، کما احتمله معظم المفسّرین، بل وحتّى استشهدوا ببعض أشعار «حسّان بن ثابت» لإثبات هذا المدّعى(3).

کما أنّ الفخر الرازی قال فی تفسیره: فالحاصل من هذا البحث أنّ الامنیة إمّا القراءة وإمّا الخاطر(4).

ففی هذه الصورة سیکون مفهوم الآیة هو أنّ الأنبیاء الإلهیین، عندما کانوا یقرأون آیات الله ومواعظه أمام الکفّار والمشرکین کان الشیاطین یلقون وساوسهم وسمومهم بین ثنایا کلماتهم لإغفال الناس، بالضبط کما طبّقوا هذا الشیء فی حقّ نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)أیضاً، أی کما نقرأ فی قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِیهِ لَعَلَّکُمْ تَغْلِبُونَ). (فصلت / 26)

طبقاً لهـذا المعنـى یتّضح مفهوم الآیة التـی بعدها أیضـاً والتی تقول: (لِیَجْعَلَ مَا یُلْقِـى الشَّیْطَانُ فِتْنَـةً لِلَّذِینَ فِـى قُلُوبِهِمْ مَـرَضٌ وَالْقَاسِیَـةِ قُلُوبُهُمْ). (الحجّ / 53)

کما أنّ من المتعارف الیوم أیضاً أنّه حینما یشرع مصلحو المجتمعات البشریة، بإلقاء خطبهم البنّاءة وسط جمهور من الناس یسعى المنحرفون الذین فی قلوبهم مرض، إلى محو آثار تلک الخطب بالقیل والقال والشعارات الفارغة والتعابیر الشیطانیة التافهة.

وهذا فی الحقیقة اختبار لأفراد المجتمع، وهنا ینحرف المرضى القاسیة قلوبهم عن طریق الحقّ، فی حین یزداد إیمان المؤمنین شیئاً فشیئاً بحقّانیة الأنبیاء، والتمسّک بدعوتهم (وَلِیَعْلَمَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکَ فَیُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ).

لکن تفسیر الآیة طبقاً للمعنى الأخیر لا یخلو من إشکال، لأنّ الإلقاءات الشیطانیة فی نفوس الأنبیاء (علیهم السلام) مهما کانت تنسخ وتزال بالإمدادات الإلهیّة على الفور، لکنّها لا یمکنها أن تکون أساساً لاختبار المنافقین والذین فی قلوبهم مرض لبداهة عدم تحقّق وجود خارجی لهذه الوساوس، إنّما هی القاءات عابرة فی نفوس الأنبیاء.

إلاّ أن یقـال بأنّ المراد هو أنّه حینما یرید الأنبیاء الإلهیون تجسید (امنیاتهم وخططهم) وتنفیذها فی الخارج، یشرع الشیاطین بتحطیمها وإلقاء السموم والوساوس علیها، وهنا تتجسّد ساحة الإختبار الساخنة، وطبقاً لهذا البیان فالإنسجام والإرتباط بین الآیات الثلاث (الحجّ / 52 و53 و54) محفوظ وقائم.

العجیب أنّ بعض المفسّرین ذکروا للآیة الاُولى احتمالات وتفاسیر مختلفة دون الحفاظ على انسجامها مع الآیتین اللتین تلیانها (تأمّل جیّداً).

على أیّة حال نستنتج من مجموع ما تقدم عدم وجود ما ینفی مسألة عصمة الأنبیاء من الخطأ والانحراف فی الآیة مورد البحث، بل هی على العکس من ذلک تؤکّد على هذه المسألة لأنّها تقول إنّ الله یحفظ أنبیاءه من القاءات الشیطان حین تلقّی الوحی أو التصمیم على إنجاز أعمال أخرى.

والآن یجب أن نلتفت إلى الروایات والأساطیر التی ذکرت فی هذا القسم، والتی دفعت بالبعض من شیاطین الإنس فی الأونة الأخیرة إلى تألیف کتاب «الآیات الشیطانیة»، أملا فی إیجاد الفتنة وإلقاء السموم والشبهات حول سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، لنعرف ما قیمة مثل هذه الروایات والأساطیر؟


1. «الغرانیق» جمع «غرنوق» نوع من الطیور المائیة البیضاء أو السوداء اللون ... کما جاءت بمعانی أخرى أیضاً (نقلا عن قاموس اللغة).
2. ذکر معظم المفسّرون هذا الحدیث بتفاوت ضئیل وانتقدوه.
3. الشعر هو هذا:
تمنّى کتاب الله أوّل لیلة *** وآخرها لاقى حمام المقادر
جاء تمنّى الکتاب بمعنى تلاوة الکتاب فی «تاج العروس» القاموس وکذلک فی متن «القاموس»، ثمّ ینقل الزهری أنّ «الامنیة» تطلق على التلاوة لکن القارىء کلّما انتهى بآیة رحمة تمنّاها، وکلّما وصل إلى آیة منها ذکر للعذاب تمنّى النجاة منه. لکن صاحب «مقاییس اللغة» یعتقد أنّ إطلاق هذه اللفظة على التلاوة إنّما هو لأجل وجود نوع من القیاس ووضع کلّ آیة فی مکانها.
4. تفسیر الکبیر، ج 23، ص 51.

 

10 ـ الأنبیاء السابقون بشکل عامّنقد الروایات المرتبطة بأسطورة الغرانیق:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma